قامت أوّل أمس، 23 أبريل، موريتانيا، أو “جمهورية موريتانيا الإسلامية” كما تسمّي نفسها رسميّا، بطرد ديبلوماسيّ جزائريّ، هو المستشار الأول بلقاسم شرواطي، بتهمة “الإساءة لدولة شقيقة هي المغرب”، بعد أن، كما يقول مصدر موريتاني رسميّ، “زوّد صحفيا موريتانيا بمعلومات غير دقيقة تفيد بأنّ موريتانيا قدّمت شكوى للأمم المتحدة تتّهم فيها المغرب بإغراق حدودها الشمالية بالمخدرات”.
هذه الواقعة هي من الحالات النّادرة جدّا، التي تُقدم فيها دولة على طرد ديبلوماسيّ جزائريّ، ومايجعل الواقعة غريبة حقّا أنّها جاءت من دولة صغيرة و شقيقة و محاذية للجزائر !
والأكثر غرابة أنّها تأتي من نظام الجنرال ولد عبدالعزيز ،وهو نظام إنقلابيّ عسكريّ إعتمد بعد فرنسا والولايات المتحدة، على النظام الجزائريّ لتثبيت أركان حكمه !
والأخطر من ذلك، أنّها تأتي في خضمّ الحرب على مايُسمّى “إرهاب الجماعات المسلحة في منطقة الساحل والصّحراء”، والتي يتحالف فيها النظامان بقوّة وبدعم وتنسيق غربيّ !
الواقع أنّه ما كان للجنرال ولد عبد العزيز، الذي يعاني من تعاظم التحدّيات الدّاخلية ضد نظامه، أن يُقدم على خطوة كهذه لولا أنّ جملة من المعطيات توفّرت لديه تؤكّد كلّها، أنّ ردّ نظام الجزائر لن يتعدّى إبداء “الغضب والانزعاج”، وماهي إلا أيّام ويُطوى الملفّ في مقابل أن يستفيد النظام الموريتاني من جملة من الفوائد ومن بينها:
-عودة دفء العلاقات مع المغرب، حتّى لا نقول عودة للحضن المغربي كما وصفت ذلك صحيفة مغربية. فموريتانيا تدرك أنّ قرارها هذا سيلقى تهليلا كبيرا في الأوساط الرّسميّة المغربية، التي لها خصومة يزيد عمرها عن خمسين عاما مع نظام الجزائر، وهي الخصومة التي فاقمها التنازع حول الصحراء الغربية التي تمرّ أربعينيتها هذا العام.
-كرمٌ سعوديّ قد يتجسّد في مئات الملايين من الدولارات، خاصة إذا ما كان “الانغماس” الموريتاني كبيرا في عاصفة الحزم، مع “توصية” للميعوث الأمميّ الجديد لليمن، الدبلوماسي الموريتاني اسماعيل ولد شيخ احمد، أن “يكون متفهّما للمصالح السعودية”.
و هي المصالح، التي لم يراعها جنرالات الجزائر الذين صرفت عليهم السعوديّة ملايير الدولارات في يناير 1993، كما يعترف بذلك قائد الانقلاب خالد نزاّر في مذكّراته، عندما كانوا على شفا الانهيار بفعل الافلاس الاقتصادي آنذاك وإشتداد ثورة المسلّحين الإسلاميّين، في حين أنّهم اليوم “لا يرفضون فقط المشاركة في التحالف العربيّ، ولكن أيضا يدعمون أتباع إيران في اليمن”، وهو الأمر الذي أغضب أمراء الرّياض أيّما غضب، وجعلهم يفكّرون في أن تكون الصفقة مع جنرال نواقشط شاملة أيضا صفعة لزملائه في الجزائر.
-و لم تنس نواقشط أنّ إساءات نظام الجزائر لها لم تتوقّف أبدا، كان أبرزها رفض بوتفليقة لقاء الجنرال ولد عبد العزيز في الدوحة في 2009، على هامش قمّة عربيّة مصغّرة عُقدت هناك، رغم محاولة التوسّط القطرية، وكان قبل ذلك قد رفض استقبال وزير الخارجية الموريتاني في الجزائر، وحسب تسريبات للصّحافة آنذاك، فأنّ “الرّئيس” بوتفليقة رفض استقبال الوزير الموريتاني، الذي قضى عدّة أيّام في الجزائر في انتظار اللّقاء دون جدوى لأنّ “رئيسه جنرال جاء على دبّابةٍ وأنّ الجزائر ترفض الانقلابات في إفريقيا”. قبل أن تتدخّل فرنسا، راعي النّظامين في البلدين، وتصلح بينهما بعد بداية ثورة الشعوب العربية.
ويدرك الجنرال ولد عبد العزيز، انّ الوضع في الجزائر بالغ الهشاشة على كافّة المستويات، كان آخرها الوضع المالي الآخذ في الانهيار، إلى درجة أنّ صندوق النّقد الدّوليّ توقّع بأن يختفي الفائض الماليّ الجزائريّ، الذي كان يُقدّر قبل 6 أشهر فقط بحوالي 200 مليار دولارا، في ظرف 16 شهرا إذا ما استمرّ الصّرف بمستواه الحاليّ واستمرّت أسعار البترول متدنيةً في السّوق الدّوليّ.
كما يدرك، أنّ صراعات الأجنحة داخل النّظام الجزائريّ لا تهدأ قليلا إلاّ لتشتعل من جديد، وأنّ الانقسامات حادّة جدّا، إلى درجة أنّ كبار “مسؤولي” البلاد لا يختلفون فقط على الدستور الذي طال انتظار تعديله، ولكن أيضا على اشياء أخرى وأهمّها المناصب العليا والصفقات الكبرى التي تنهب منها أموال طائلة، كان آخرها ما تفجّر في إيطاليا حول صفقة طائرات هيلوكوبتر في عاميْ 2009-2011، بين وزارة الدّفاع الجزائريّة وشركة Finmeccanica والتي فاقت 4 ملايير أورو، أو ما يعادل 50 ألف مليار سنتيما بالسعر الرسمي.
وهي خلافات كثيرا ما يعود لتأجيجها، في العلن، من يُفترض أنّه أكبر رئيس حزب في الجزائر، عمّار سعداني، الذي هاجم، قبل أيّام فقط، سلفه على رأس الحزب عبد العزيز بلخادم، بعبارات جارحة متّهما إيّاه بأنّه “إسم على مسمّى” وأنّه “خادم لأسياده.. لا يتحرّك إلا بإيعاز أو مهماز أو منخاز”، وأسياده هنا هم جنرالاتٌ كبار على رأسهم الفريق توفيق مدين، الذي شنً عليه سعداني، هجومات متكرّرة وغير مسبوقة على مدار الخمسة عشرة شهرا الماضية.
وهي نفس الجهات يضيف، رئيس المليشيا السابق، سعداني “التي كتبت الكتاب في الجزائر وإن صدر في باريس” الأسبوع الماضي و الذي يكشف جانبا بسيطا من فضائح بعض كبار المسؤولين.
ويدرك الجنرال الموريتاني، أنّ نفوذ الأمريكيّين والفرنسيّين آخذ في التعاظم، في الجزائر كما في بلاده، وأنّ ذلك يمنحه حصانة من أي “غضب” غير محسوب، قد يفكّر فيه نظام شاخ حكّامه وبدا العجز واضحا، فاضحا، على أقطابه، حتّى أنّهم قبلوا أن يظلً رجلٌ مقعد ٌعلى سدّة الرّئاسة، و لا أقول الحكم، في بلد يعجّ بمشاكل متفاقمة تهدّد وجوده، وليس فقط حدوده
محمد العربي زيتوت
لكن ياأخ محمد العربي النظام الموريتاني هو في نفس السفينة مع النظام الجزائري ، لأن كلاهما نظامان إنقلابيان ، فإذا سقط النظام الجزائري فحتما سيسقط بعده نظام موريتانيا الذي إنقلب على الرئيس المنتخب هو أيضا ، والذي كان قريبا من الجزائرفي تأييده للشعب الصحراوي …
ماهي الضمانات التي تلقاها جنرال موريتانيا حتى يقدم على خطوة إنتحارية كهذه في تحديه للجزائر الأخ الأكبر والجار القوي ،والخضوع لإملاءات وإغراءات السعودية البعيدة ، رغم مسح ديونه ، وتنصيبه قبل عام رئيسا للإتحاد الإفريقي؟…
أخشى أن يكون الدور القادم من رئيس تونس السبسي الذي دعم ماليا وسياسيا من طرف النظام الجزائري ، لكن دخول دويلة الإمارات على الخط يغري السبسي و يجعله يدير ظهره لجنرالات الجزائر…
يبدوا أن هناك أشياء تطبخ في الخفاء ضد مصالح الجزائر من قبل ثلاثي الشر العربي السعودية والإمارات ومصر بسبب ليبيا واليمن إضافة لدعمهم المغرب في إحتلاله للصحراء الغربية ، فكيف سيتصرف النظام الجزائري البائس إذا لم يقرر مجلس الأمن الفصل النهائي في قضية الصحراء الغربية يوم الثلاثاء القادم ،وأبقى الحال كماهو عليه ؟…
ستضاف مشاكل خارجية أخرى للجزائرهي في غنى عنها ، كالوضع في ليبيا وأطماع السيسي ، تعثر إتفاق الأطراف المالية ، وتلون تونس وموريتانيا ، وتحدي السعودية والإمارات ، وابتزاز فرنسا وأمريكا؟؟!!!..
ومع الوضع الداخلي المتأزم سياسيا وإقتصاديا وأمنيا واجتماعيا ومواصلة هبوط أسعار النفط قد ينذر بانفجار وشيك .
يبدو النظام الجزائي لأول وهلة انه يعيش حالة من التخبط و لا يدري اين يتجه…..
لكن أريد ملاحظة و هي وجهة نظر خاصة…..أن الأنظمة العربية كلها تتنافس على العمالة و الفساد و لا يوجد نظام افضل من الآخر
في إعتقادي انه قد يكون من أسباب عدم مشاركة الجزائر في “عاصفة الحزم” ضد قوات الحوثي في اليمن تقف وراءه ضغوط جهات او ما يمكن ان نسميه لوبي إيراني تأسس في العشرية الأخيرة او قل مدة عهد بوتفليقة…ومن بين الأدلة على دلك الصمت المطبق على مسار التشيع في الجزائر الدي يسري في صمت وبعلم السلطات الجزائرية…وتراهن بعض القوى السياسية والدينية في الجزائر على إيران في كبح جماح الحركة السلفية بإعتبارها مصدر خوف كبير لدى بعض القوى المتنفدة بعد أن عجزت عن دلك الطرق الصوفية…جنرالات فرنسا و بقايا الحركى لن ينسوا لقطر و قناتها الجزيرة الضجة الإعلامية التي أثارتها في سنة الفين من خلال فتح ملف الحركى و حزب فرنسا ..حزب البربرست هو الآخر بدأ يرى في إيران قوة ممكن أن تساعده على إبعاد مايسميه الخطر البعثي الدي يهدد الهوية الأمازيغية و خاصة وان إيران إستطاعت أن تقدم نفسها على أنها الحامي للأقليات -بين قوسين- في الوطن العربي…والله أعلم والله الملهم الى الصواب