يلخص المفكر المصري فؤاد زكريا (1927ـ 2010) في كتابه «الصحوة الإسلامية في ميزان العقل» (1987) الروابط بين الاستبداد والتطرف قائلاً:
لو شئت أن ألخص العلاقة بين الفكر الديني المتطرف من جهة وبين الديموقراطية والاستبداد السياسي من جهة أخرى، لقلت إن الديموقراطية لا تحارب هذا الفكر المتطرف، وإنما تزيل أسباب وجوده، فالتطرف الديني لا يضطهد في النظام الديموقراطي. بل إنه، ببساطة، لا يجد التربة الصالحة لظهوره. أما الاستبداد السياسي فإنه يعطي التطرف كل مقومات وجوده، ويهيئ له المناخ الذي يسمح له بالازدهار، لكنه سرعان ما يقمعه بعنف إذا تجاوز حدوداً معينة، وهو لا بد أن يتجاوز هذه الحدود، لأن التطرف لا يمكن حصره أو رسم «خط أحمر» لا يصح له أن يتعداه. وهكذا فإن الاستبداد يدخل مع التطرف في علاقة شديدة التعقيد: إذ إنه ينفعه ويضرّه في آن معاً، وينعشه ثم يخنقه في حركة جدلية مأسوية لا مفرّ منها. ومع ذلك، فإنك لو سألت التطرف الديني: أيهما عدوك الأول: الحاكم المستبد الذي يفتح لك الأبواب ثم يقمعك، أو الحاكم الديموقراطي الذي لا يضطهدك، ولكنه لا يعطيك فرصة الظهور، كان جوابه، الذي أثبتته أحداث التاريخ، هو أن الأخير هو العدو الحقيقي.
كلام رائع…شكرا