أُعلنت نتائج انتخابات الزّعامة على حزب العمّال البريطاني قبل قليل بفوز العمّاليّ اليساريّ جريمي كوربين Jeremy Corbyn برئاسة الحزب .
كان لوقع النّتيجة وقع زلزال حقيقيّ في بريطانيا، على الرّغم من أنّها كانت متوقّعة إلى حدّ ما…متوقّعة لأنّ سبر الآراء كلّها كانت تقول أنّ المناضل العتيد سيفوز، وبفارق كبير على منافسيه، ولكنّ أرباب الحزب من أنصار مجرم الحرب توني بلير، رئيس الوزراء ما بين 97 و2007 ، وآخرين من كبار السّاسة العمّاليّين كانوا يسعون على مدار عدّة أسابيع، بكلّ ما أوتوا لتغيير سلوك أعضاء الحزب الذين يحقّ لهم الانتخاب، فشنّوا هجومات لاذعة على كوربين الذي وُصف بأقبح الأوصاف في الصّحافة الموالية لهم ولصهاينة العالم، كما أنّ الصّحافة اليمينيّة، المحافظة منها والشّعبيّة، دأبت على النّيل منه ومن سمعته فنعتته بصديق حماس ونصير – الإرهابّيين المسلمين- …
وعلى الرّغم من أنّ الحكومة يرأسها اليوم رئيس حزب المحافظين ديفيد كاميرون إلا أنّها سعت لمساعدة خصوم كوربين، من حزب العمّال، فهم الاقرب إديولوجيّا للمحافظين.
الحكومة التي أعلن أحد أكبر أعضائها دقائق بعد اعلان النّتائج على “أنّ كوربين خطر على الأمن القوميّ البريطانيّ”، و لا أظن أنّه في تاريخ بريطانيا كلّها وصفت الحكومة الزّعيم الجديد لأكبر الأحزاب من أنّه خطر على بريطانيا.
فوز جريمي كوربين ابن 66 عاما، يمنح اليوم فرصة لليسار البريطانيّ المعادي للاستعمار والطّغيان الغربيّ لأن يبعث من جديد، بعد أن قام توني بلير وحلقته الضيّقة المرتبطة بالشّركات المتعدّدة الجنسيّات، بسحق الطّبقة العمّاليّة وبدعم ليبراليةٍ متوحّشةٍ استفاد منها الأثرياء بدعوى تجديد أفكار الحزب – الباليّة – تحت شعار “العمّال الجدد”.
كان انقلابا حقيقيّا على تراث العمّاليّين على الأقلّ فيما تعلّق بمناصرتهم للطّبقة الكادحة داخل بريطانيا.
بالنّسبة للشّعوب المستضعفة، فإنّ هذا يعيد تصحيح المشهد السّياسيّ البريطانيّ ولو، نسبيّا ، بحيث تتشكّل معارضة قويّة تُوقف طغيان “الاستعماريّين الجدد”، الذين يسعون للسّيطرة على ثروات شعوب العالم المستضعف بدعوى الحرب على الإرهاب، والذين وجدوا في توني بلير أكبر حليف…، فغزوا أفغانستان والعراق علنا وناصروا الدّيكتاتوريّات الفاسدة خدمة لمصالح غير مشروعة ومازالوا يفعلون…
شخصيّا، كان لي لقاء مع جريمي كوربين في شتاء 1998، عندما دعاني أنا وبضعة جزائريّين آخرين، كان من بينهم المحامي سعد جبّار والوزير الأوّل عبد الحميد الإبراهيمي والنّقيب هارون، لإلقاء كلمات أمام لجنة برلمانيّة معنيّة بحقوق الإنسان كان يرأسها…
يومها كان كثير من أخيار العالم يضجّون ألما لما آلت إليه الأوضاع في الجزائر، التي أصبحت تعرف ببلد المجازر…
يومها قلت للحاضرين، اختصارا، إذا أردتم أن تتوقّف هذه الفظائع من مجازر وخطف وقتلٍ للمئات كلّ أسبوع وأحيانا للآلاف… فاضغطوا على فرنسا كي تضغط بدورها على جنرالاتها هناك ليتوقّف هذا الدّمار…
محمّد العربي زيتوت
قد وقد
أستاذ محمد تحليل راءع في وصفك الحدث في بريطانية وتحليل جميل ولكن علينا ان نتطظر الانتخابات القادمة