كتب الأخ الفاضل سامي خليل يقول:
حسب ما فهمت من تدخّل الأخ محمّد العربي زيتوت بالامس على المغاربيّة فإنّ أفضل حلّ للأزمة الحالية هو التحرّك الشّعبيّ الذي يتفاعل معه الجيش إيجابا. جميل جدّا لكن إذا علمنا أنّ موقف سي محمّد العربي من قيادات الجيش المتحكّمة في زمام الأمور سلبيّ جدّا بل لا مجال فيه لأيّ تنازل فمن حقّنا التّساؤل : من هو هذا الجيش الذي سيتفاعل مع الحراك الشّعبي ؟ هل يتطلّب ذلك اوّلا انقلابا داخل المؤسّسة العسكريّة لإفراز قيادات جديدة اكثر قربا من الفهم الشّعبيّ لحلّ الأزمة ؟ أم أنّ هناك أمل رغم كلّ شيء في القيادة الحالية أنّها تستدرك ما فاتها من الوقت و تقوم بإنجاز بمسح العار الذي لحق بالمؤسّسة في العقدين الأخيرين.اتمنّى ان يوضح لنا الأخ محمّد العربي هذه النقطة المهمّة جدّا في نظري على الأقل.
إبتداء أنا لم أشاهد ما كتب الأخ سامي إلا ّقبل لحظات بعد أن بعث به لي أحد الأفاضل.
وإختصارا أقول:
1- القناعة الثّابتة لدينا في حركة رشاد، أنّ الجيش جهاز عسكريّ، وليس مؤسسة كما يقول البعض عن قصد أو غير قصد، يجب أن يكون في خدمة الوطن بالدّفاع عنه ضدّ الأخطار الخارجيّة، وأؤكّد على الأخطار الخارجيّة، أمّا الأخطار الدّاخليّة فهي من مهام الشّرطة والأجهزة المدنيّة الأخرى المعنيّة بالموضوع.
2- أنّه كلّما تدخّل جيش في السّياسة كلّما ضعفت عقيدته القتاليّة وقدراته العسكريّة، وأصبح خطرا على الوطن الذي كان يفترض فيه أنّه يدافع عنه، وما جرى ويجري منذ 92 مثالا مدوّيا وصارخا، وإن كان الانحراف قد بدأ منذ 62 عندما زحف جيش الحدود على السّلطة.
3- قناعتنا الرّاسخة في حركة رشاد، أنّ الذي يجب أن يُحدث التّغيير هو الشّعب ومن يمثّله حقّا من التّنظيمات والأفراد…وليس العسكر، وليس الجماعات المسلّحة، وليس الخارج…
لأنّ كلّ هؤلاء سيخدمون مصالحهم عندما يصلون للسّلطة، ومصالحهم فقط التي ستكون حتما في تناقض مع مصالح المجتمع، من منطلق “من غلب هو من يحكم”و”جبناها بأيدينا”…
4- أن موقفنا من القيادة العسكريّة الرّاهنة، أيّ منذ انقلاب 92 وحتّى الآن، أنّها قيادة فاسدة وانقلابيّة وقاتلة وعاجزة وخائنة …وقد ثبت هذا لمن يرى ويبصر…وقد كتبنا وتحدّثنا عن هذا عشرات المرّات…
آخر خيانتها هو تعاونها مع عودة الاستعمار الفرنسيّ لمنطقة السّاحل الصّحراويّ باسم الحرب على الإرهاب، وأمثلة أخرى أكثر من أن تحصى…
5- ومن ثمّة نحن لا نعتقد أنّه يمكن أن تأتي بخير..- حتّى يثبت العكس – يثبت العكس بما لا يدع مجالا لأدنى شك، ّوتعتذر علنا عن جرائمها قبل أن يُقدر عليها…
إنّ ما يجرى اليوم من تنازع هو صراع فيما بين كبار الجنرالات ومن معهم من مدنيّين لا يقلّون فسادا، على السّلطة والنّهب ومحاولة تجديد تحكم العسكر في الدولة والمجتمع، مع إعطاء انطباع كاذب أنّ الهدف هو بناء دولة مدنيّة كما قال أحدهم…
6- أنّ الصّراع هو على السّلطة والنّهب وإخضاع الدّولة والشّعب لكمشة من المفسدين وليس على شيء آخر…حتّى أنّنا لم نسمع من أيّ مسؤول عسكريّ أو مدنيّ من أنّ ما يحدث هو تطهير للجيش من العملاء… كما توهّم البعض عن حسن نية وراح يبشّر به…
7- أنّني شخصيّا ممّن يرحّبون بأيّ مسؤول مدنيّ أو عسكريّ يصحو ضميره ويلتحق بإرادة الشّعب، ليساهم في إنقاذ وطنه من كوارث لاحت في الأفق…قبل أن يقدر عليه هذا الشّعب لأنّ حينها لا أظنّ أنّ بكاءه وتوسّله سيفيده…حينها يكون قد فات الأوان…
8- أنّ الشّعب هو مصدر السّلطة وهو مصدر الحكم ويجب أن يكون هو مصدر التّغيير ويفرضه فرضا على الجميع…وإذا ما انضمّ له بعض كبار العسكر من الصفّ الثّاني، أيّ خارج القيادة الرّاهنة،ممن لم تثبت عليهم جرائم، فإنّني ممّن يرحّب بذلك بشرط أن يكون تسهيلا لعمليّة ولادة التّغيير كما حدث في إسبانيا مثلا، وليس خداعا لإعادة إنتاج حكم العسكر كما حدث في مصر مؤخرا.
9- إنّ الجزائر الجديدة عندما تقوم بإذن الله، فإنّ أوّل ما تقوم به هو إخضاع الجيش وكلّ الأجهزة المسلّحة الأخرى للحكم المدني المنتخب صدقا وعدلا وحقّا، بحيث يخضع المسلّح للتحكّم الدّيمقراطي أي لتحكّم المدنيّين المنتخبين الذين بدورهم يخضعون لإرادة الشّعب.
10- أنّنا اليوم في ساعات فارقة، فوجب على كلّ من يحبّ هذا الوطن ويحبّ شعبه، أن يساهم بما يستطيع في إنقاذه من مصير كارثيّ يجرّه إليه كبار السّفهاء جرّا…
علينا أن نبتعد عن المناكفات والمشاحنات… ونسمو على الخلافات الجانبيّة، لنركّز على جوهر المشكلة وهي أنّ الجزائر شعبا ووطنا، دولة ومجتمعا…في خطر ماثل وواضح فإمّا أن ننجو جميعا وإمّا أن يغرقنا السّفهاء في مستنقع العنف والقتل والرّعب…
ومافعلوه بنا في التّسعينات ليس ببعيد.
مع خالص تحيّاتي لكلّ الذين يحملون همّ الوطن في قلوبهم ويسعون لإنقاذه…حتّى ولو حدث سوء فهم أو تفاهم…
محمّد العربي زيتوت