بعد أن قضت 14 عاما كواحدة من أقرب المقرّبات من “الرّئيس” عبد العزيز بوتفليقة، عادت خليدة مسعودي، الوزيرة السّابقة ونائبة سعيد سعدي في زمن الفيس، لتشكّك في القرارت التي تصدر منذ أشهر بإسم الرّئيس، فقد قالت في ندوة صحفيّة عقدتها يوم أمس صحبة ثلّة من النّساء وبضعة رجال،”نحن نعرف جيّدا مبادئ وقناعات وتصرّفات بوتفليقة تجاه الشّعب والبلاد، ونحن نعترف بشرعيّة الرّئيس ومؤسّسات الدّولة، لكنّنا نتساءل عن بعض القرارات المتّخذة مؤخّرا ونطلب كمواطنين ملاقاته لمعرفة الحقيقة”.
لقد كانت وزيرة لسنين طويلة …ثمّ أصبحت ترغب، ولو لدقائق، في لقاء من جعلها يوما ناطقة باسم الحكومة، وهي التي ملأت الدّنيا صراخا ليظفر بعهدة رابعة وهو على كرسيّ متحرّك…
يومها كانت تقول، هي ومن هم على شاكلتها، أنّ” الرّئيس لا يحكم برجليه!”
لكنّ الرّئيس لم ينطق بخطاب واحد لشعبه ولم يستطع أن يقرأ تسعين كلمة هي كلمات القسم الدّستوري؟
“لا يهمّ.. فعقله خير من عقولنا جميعا”..!
لكنّه مصاب بصدمة دماغيّة أثّرت على جسده كلّه وشلله يعود إلى تلف دماغيّ وليس إلى خلل في رجليه؟
يومها ردً بعضهم “ننتخبه حيّا أو ميتا”!
خليدة مسعودي، التي كانت تلقى دعما فرنسيّا هائلا في التّسعينات وهي تخوض حربها “المقدّسة” على الإسلاميّين باعتبارها “إمرأة واقفة”، كما وصفت نفسها في عنوان كتاب كتبته لها صحفيّة فرنسيّة لا تخفي ميولها الصّهيونيّة، تلمّح أنّ الرّئاسة أصبحت في أيد سعيد بوتفليقة و الجنرال الثّمانيني قايد صالح ، الذي يتحضّر الآن ليصبح وزيرا للدّفاع في الأيّام القادمة في حكومة جديدة سيغيب عنها كثير من “رجال” توفيق، وعلى رأس هؤلاء المهرّج عبد المالك سلاّل.
بالنّسبة لخليدة مسعودي، وكمشة من المجاهدين والمجاهدات الأحياء الذين أصبحوا مليارديرات وسيناتورات، ّوقّعوا معها ومع لويزة حنون، رئيسة حزب العمّال التروتسكي، الرّسالة الموجّهة ل”فخامة الرّئيس” عبد العزيز بوتفليقة والتي يطلبون فيها مقابلته، فإنّ “الرّئيس المجاهد”بوتفليقة ما كان ليسمح ب”التخلّي عن السّيادة الوطنيّة التي تعدّ خاصيّة الاستقلال الذي كان ثمنه باهظا…”!
وكأنّه ليس هو نفس الرّئيس بوتفليقة الذي فتح أجواء الجزائر للطّائرات الفرنسيّة الحربيّة “بلا حدود و بلاقيود” في يناير2013، وساند فرنسا لتعود تحتلّ بلدانا إفريقيّة بما فيها دولة مالي!
وكأنّه ليس بوتفليقة الذي سمح للطّائرات الأمريكيّة بالتجسّس على الجزائر باسم الحرب على الإرهاب إبتداء من2003…!
هيمنة أمريكيّة طالت الأجواء وما تحت الثرى من بترول وغاز منذ وصول بوتفليقة لهرم السّلطة، وكان لصديق “الرّئيس” وزير الطّاقة شكيب خليل، دورا هائلا في تجسيد الهيمنة الأمريكيّة عندما كانت السّيّدة مسعودي تسهر معه على وقع موسيقى الراي للشّاب خالد أحد أقرب مقرّبيها.
الرّسالة سرعان ما فضحت موقّعيها، فأشدّ ما يغضبهم في الواقع هو: “تخلّي الدّولة عن الإطارات الجزائريّة التي تتعرّض للتعسّف، وإلى العقوبات المجحفة والمتحيّزة، دون أيّ احترام لقوانين الجمهوريّة، وتشريعاتها وللإجراءات القانونيّة، في جوّ من الاضطهاد”.
القرارات إذن، هي عزل “ربّ الدّزاير” الجنرال توفيق، بعد أن قضى 25 عاما على رأس جهاز المخابرات الذي يحصي على الجزائريّين أنفاسهم …
لكنّ توفيق ومن معه من كبار الجنرالات، ارتكبوا خطأ قاتلا عندما قاموا بقتل عشرات المخطوفين الأجانب أكثرهم غربيّين في واقعة عين آمناس، وهو ما لم تتقبّله القوى الكبرى، خاصّة فرنسا وبريطانيا والولايات المتّحدة، ورأت أنّه خروج دمويّ عن الخطوط المرسومة له، ومن ثمّ جاء دعم الغرب للشّقيقين بوتفليقة ومن يناصرهم في قيادة الأركان للإطاحة بالرّجل الذي ظلّ يساهم في صناعة الرّؤوساء و في إسقاطهم على مدار ربع قرن.
ما لم يفهمه توفيق وجنرالاته هو أنّ قتل مائتي ألف جزائري قد لا يكون جريمة بقدر قتل رجل غربيّ واحد في صحراء الجزائر…
بعبارة أخرى، فإنّ ما يغضب الذين يريدون لقاء بونفليقة للتّأكّد من صحّته، هو أنّ شقيقه وقايد صالح قاما ب الإطاحة بالجنرال توفيق وطردا العشرات من كبار الجنرالات والعقداء الآخرين واعتقلا الجنرال الدّموي عبد القادر آيت عرابي الشّهير باسم حسان، والذي وجّه له جنرالات آخرون رسميّا تهمة “تكوين جماعة أشرار وحيازة أسلحة خارج القانون”…أي تشكيل جماعات إرهابيّة مفبركة وتزويدها بالأسلحة.
الواقع أنّ توفيق بعد أن امتصّ الضّربة و الصّدمة، يُعيد تشكيل “كتائبه المدنيّة”، وهو الذين أهين إهانات متكرّرة من سعداني رئيس المليشيا السّابق…وطُرد من طرف جنرالات كانوا يرتعدون من مجرّد ذكر اسمه حينما كان على رأس الجهاز المرعب.
وهو إذ يعيد تحريك قطعه كما تُحرّك قطع الشّطرنج، فإنّ توفيق يدرك أنّ أشدّ ما يرعب السّعيد والجنرال صالح هو أن تكبر المطالبات بلقاء الرّئيس، الذي يلتقى رؤوساء بلديات فرنسا و أيتام بن علي…
ومبعوثي روندا وأثيوبيا… وتظهره الكاميرات وهو يحرّك يديه حاملا منديلا من ورق حينا وفنجان قهوة حينا آخر، فكيف له أن يعجز عن لقاء نساء كنً أقرب إليه من كلّ رجالات الدّولة؟
ما لا يختلف عليه عاقلان على أنّ ماقاله الموقّعون عن “انحلال مؤسّسات الدّولة… التي يديرها جهاز مواز وغامض… والصّورة محزنة ومرعبة التي هي غيض من فيض…”، لكنّه ليس بجديد وإن تعاظمت المخاطر ،فهو فصل متجدّد من صراع أجنحة يتفاقم، بمقتضاه يعود الجنرال توفيق وأنصاره للهجوم بعد اشهر من تلقى ضربات موجعة…جعلت أحد أبرز قادة المخابرات ينقل من سجن عسكريّ إلى آخر حتّى استقرّ به الأمر قبل أيّام في سجن وهران العسكري أين سياحكم وهو الذي كان يزعم أنّه يحيي ويميت.
إنّها الحرب الأهليّة إذ تتجدّد في هرم السّلطة الجزائريّة بمبادرة نساء السّلطان الذي أنهكته الأمراض حتّى أنّ أقرب نسوته تكالبت عليه…وهي ترى هيلمانا يزول بدولة تتهاوى وتتصارع عليها عصابات نهب وسلب كما تتصارع ضباع جائعة على فيل يحتضر…
محمّد العربي زيتوت
الذي يحيرني حقيقة هو مدى اكثرات من يسمون انفسهم المعارضة بما تفعله السلطة او مواليها او من يلتمسون القربان منها.
يا اخي زيتوت ان بقاء هذا النظام في الحكم طول هذه الفترة و حتى الآن برئيس مشلول و غياب فاضح لاية نظرة سياسية لمستقبل الجزائر انتم من تسمون انفسكم المعارضة مسؤولون عنه، لانه لآ توجد معارضة حقيقية لهذا النظام، لم تعطوا لهذا الشعب اية رغبة في سماعكم، لانكم، و هذا المقال دليل على ما اكتب اكتفيتم بالتعليق على ما يفعله النظام او اتباعه، و لا نراكم في الشاشات الا لقول كلام كل الشعب الجزائري يعرفه، يكفيك ان تجلس في اي مقهى في الجزائر لتسمعه.
هذا النظام بكل اجنحته و ذيوله يواجه مشكلة قاتلة، تتعلق بمكوناته الاساسية و عقليته، هذا النظام استنفذ كل رجاله و لم يقدر على تجديدهم، رغم المهزلة قدم رجلا مشلولا، و هذا المشلول طرد صانع الرؤساء في الجزائر، لانه هو ايضا هرم و لم يعد يخيف احدا و ترك جهازه يفكك تدريجيا حتى وصله الدور … تظن فعلا ان جنرالا بشأنه سوف يطلب معونة خليدة او غيرها للعودة للحكم؟ منذ متى يثق العسكر بالمدنييين؟ خاصة من اشباه مسعودي؟ بل هؤلاء يريدون اقناع توفيق بالعودة بهذه الحركات ليظن هذا الاخير ان هناك رغبة حقيقية في رجوعه و مدعومة من الخارج.
و لكن، في ظل هذا الانحطاط و التحلحل الكامل للدولة، اين المعارضة؟ اين هو البديل للشعب؟ الى متى ستظلون تنتقدون هذا النظام بدل ان تعطوا للشعب الذي فقد الامل الرغبة في التغيير؟ اين الحلول التي تأتي بعد النقد؟
اظن انه مع الوقت اصبحت هذه المعارضة تعاني نفس مشكل النظام، لا رؤية سياسية و لا حتى كارزمة شخصية و كأن النظام و اجنحته و مشاكله و حتى بقاؤه اصبح ضروريا، لا بل الشرط الاساسي لبقاء هذه المعارضة.
نحن اصلا لا نملك دولة ولا رئيسا ولا مسؤولين.
والله كل شيء “كبشر نقدروا نعطولوا تبريرات معينة” لكن أكثر شيء يخيفنا إذا كان هؤلاء المسؤولون فقط مجرد شكليات أو تمثيليات أو بيادق بيد غربية أو بأياد لا تريد الخير للوطن ، هذا حقا مثير للرعب ..