هل تنجح الدّبلوماسيّة الصّوفيّة في فتح الحدود الجزائريّة-المغربيّة وإنهاء خلافات البلدين؟

 

الجزائر المغرب الحدود

تقرير: حمزة عتبي

الجزائر (CNN)– لا أحد يُنكر فشل الأداء الدّبلوماسيّ الرّسميّ في تذليل العقبات التي تعترض مسار فتح الحدود المغلقة بين الجزائر والمغرب، ولم يعد من أمل في إعادة الدّفء للعلاقة المتجمّدة بين الجارتين منذ أكثر من 20 سنة، سوى ما تحقّقه “الدّبلوماسيّة الرّوحيّة” المتمثّلة في الطّرق ّالصّوفيّة من تهيئة أرضية نقاش صلبة وجدّيّة لتحقيق طموحات الشّعبين في فتح الحدود المغلقة.

فمنذ صيف 1994 والحدود الجزائريّة-المغربيّة مغلقة عقب التّفجيرات التي استهدفت فندق “أطلس أسني” بمدينة مراكش، من طرف مسلحين. هذا الحادث الذي زاد من تأزّم علاقات مكهربة بين الجارتين بسبب ملف الصّحراء الغربيّة ومشاكل الحدود بعد استقلالهما، خلّف ردود أفعال من الجانبين ففرضت السّلطات المغربيّة التّأشيرة على الجزائريّين قابله ردّ فعل جزائريّ بفرض التّأشيرة وغلق الحدود.

ولا تخلو الرّسائل المتبادلة بين الرّئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وملك المغرب محمّد السّادس، في كلّ مناسبة، من عبارات الودّ والمجاملة والدّعوة إلى بناء صرح الاتحاد المغاربيّ والتّذكير بمصير الشّعبين ونضالهم وكفاحهم المشترك ضدّ الاستعمار والتعبير عن تطلّعات شعبيهما في “الوحدة والتّكامل والاندماج”.

وهذا ما ينطبق أيضا على تصريحات وزراء خارجيّة البلدين وممثّلي السّلك الدّبلوماسي التي عادة ما تحمل في ظاهرها نوايا في إزالة رواسب الماضي لكن دون ترجمتها إلى أفعال على أرض الواقع، ممّا أبقى المشكل قائما.

ويعتقد المهتمّون بالشّأن المغاربيّ أنّ أداء الدّبلوماسيّة السّياسيّة غير كاف لإذابة الجليد بين البلدين، ممّا يعزّز الطّرح القائل إنّ “الدّبلوماسيّة الرّوحيّة” متمثّلة في الطّرق الصّوفيّة والزّوايا التي لها وجود ضارب في القدم بالجزائر والمغرب، يمكن أن تكون ورقة ضغط على أصحاب القرار للدّفع بتحسين العلاقات وتذليل العقبات التي تعرقل مسار فتح الحدود البريّة بين الجزائر والمغرب.

ويقول في هذا الشّأن، أحد مؤسّسي رابطة علماء السّاحل شكاط كمال “نحن مقبلون على فترات سوداء، وقد تضطرّ السّياسة أن تلجأ إلى الطّرق الصّوفيّة ” مؤكّدا أنّ هذه الأخيرة بإمكانها أن تلعب دورا مهمّا وأن تساهم في إرجاع الأمور إلى نصابها “بإمكان العامل الدّينيّ من خلال الطّرق الصّوفيّة أن يلعب دورا مهمّا”.

ولم ينعكس جمود العلاقة بين الجزائر والمغرب سلبا على أتباع الطّرق الصّوفيّة في البلدين نظرا لتشبّع مريديها بقيم المحبّة والعيش المشترك، ويقول عبد الرّحيم الكريم، أستاذ محاضر في علوم أصول الفقه وأحد المنتسبين للطّريقة العلّوية بالمغرب في هذا الصّدد: “نحن نعمل على إزالة كلّ العوائق كالنّزعة القبليّة والسّياسيّة والإقليميّة، وهذا لا يعالج إلاّ في مدرسة واحدة وهي مدرسة الصّوفيّة”.

وعن طبيعة العلاقة بين الجزائر والمغرب يقول عبد الرّحيم لـ CNN بالعربيّة “نحن نؤصّل هذه العلاقة كاختلاف وليس كخلاف، لأنّ الخلاف يكون في الأهداف والوسائل، أمّا الاختلاف يكون في الوسائل وليس في الأهداف”.

أمّا المرشد الرّوحيّ للطّريقة العلّوية خالد بن تونس يعتبر أنّه “آن الأوان لفتح الحدود”، مبيّنا خلال حديثه لـ CNN بالعربيّة دفاعه المستميت عن هذه القضيّة، إلاّ أنّه استدرك كلامه قائلا ” القرار الأخير يبقى عند أهل السّياسة”.

ولم يخف بن تونس، المولود من أب جزائريّ وأمّ مغربيّة، انزعاجه من ّقضيّة غلق الحدود، ممّا دفعه إلى طرح الموضوع أكثر من مرّة خلال لقاءاته مع المسؤولين الجزائريّين والمغاربة، ويعتقد محدّثنا أنّ هناك أطراف خفيّة تحول دون تحقيق هذا الهدف “هناك حركات خفيّة لها أغراض من هذا التّوتّر”.

ونفس الشّعور بالأمل لمسناه عند حديثنا للكاتب العامّ السّابق لكليّة علوم التّربية بالمغرب، وأحد المهتمّين بالتّصوّف، حمّو خليفي، الذي قال: “العمل شاقّ لكن ليس مستحيلا”.

ويردّد شيوخ الطّرق الصّوفيّة مقولة مفادها أنّ العلاقة الرّوحيّة بين الشّعوب عابرة للقارّات وليس الدّول فقط، وهذا ما حاول الشّيخ الحسن حساني شيخ مشيخة الطّريقة القادريّة بعموم إفريقيا برهنته في حديثه لـ CNN  بالعربيّة، والذي أبدى استعداده في أداء دور الوساطة “إن طرحت علينا سوف نكون خير ساع ووسيط كونها قضيّة إنسانيّة تزيد من تلاحم الشّعبين.”

وعن مفعول الدّبلوماسيّة الرّوحيّة وإمكانية نجاحها يقول الباحث المغربي في السّوسيوانثربولوجيا عبد الفتّاح البوشيخي “الدّبلوماسيّة الرّوحيّة قوّة مادّية وسياسيّة ودبلوماسيّة لها تأثير كبير على المشهد السّياسيّ الإقليمي وقوّة ضغط مهمّة على الأنظمة في تحقيق أحلام ومساعي الشّعبين في فتح الحدود بين البلدين الشّقيقين “.

أمّا من وجهة نظر الدّبلوماسيّ الجزائريّ الأسبق العربي زيتوت فيعتبر أنّ “معاداة المغرب تجارة ناجحة في إطار صناعة العدوّ الخارجي، أمّا على الجهة الأخرى هناك أيضا من يجعل من معاداة الجزائر سياسة دائمة”، مؤكّدا لـ CNN  بالعربيّة أنّ “فتح الحدود بين البلدين هو أدنى ما يمكن فعله، في انتظار إلغاء الحدود وبناء الدّولة المغاربيّة الكبرى”.

يبقى أن نشير أنّ هناك ما يشجّع على إسناد مهمّة المفاوضات لـ “الدّبلوماسيّة الرّوحيّة” في إنضاج الشّروط وخلق فضاء للنّقاش الجادّ وإيجاد الحلول سواء من خلال تجربتها الرّوحية الرّائدة والتي كانت دائما تلغي الحدود وتحارب المستعمر أو من خلال مفاوضاتها بشكل غير رسميّ في إيجاد حلّ لمشكلاتها في الحدود .

Comments (2)
Add Comment
  • عبد الكريم

    فى جزائر بوتفليقة , من يمارس السياسة عليه أن يختار بين

    عقلية الزاوية
    التصفين
    التصهين

    المتخلف فى التفكير البوتفليقى, من يريد الأصل فى العصر,

  • korishi

    سبحان الله عجيب هذا البلد شيوخ أكل أموال الشعب؟