الحجر الصحي و العطب السياسي

99

خرج عبد المجيد تبون رئيس الدولة مرة أخرى في قصر المرادية وهو يستقبل من اختارهم ممن يحاورونه، وقد ظهر أانه شديد الانضباط بالحجر الصحي و عدم المخاطرة و لو بالحد الأدنى في مواجهة جائحة كرونا، بدليل أن حتى الذين اختارهم ليحاوروه اتخذت مصالح الرئاسة الإجراءات من أجل إجراء اختبار الكورونا عليهم، و المبرر الوحيد لذلك هو محاورة رئيس لم يخرج للميدان بعد و لم يزر اي مكان في الجزائر منذ أن فرض في الرئاسة يوم 19ديسمبر من السنة الماضية.

صحفيون ام أعوان دعاية؟

الذين حاوروه اليوم، لم يطرحوا أي سؤال على مقيم القصر حول غيابه عن زيارة المستشفيات و لا عن غيابه طيلة 100يوم عن واقع الناس، و لا عن وعوده لاسترجاع الأموال المنهوبة و البلد يعيش في أزمة مالية خانقة، كما لم يفكر وا حتى في طرح سؤال عن معتقلي الراي، و عن زملاء لهم في المهنة هم نزلاء السجون، بل اكتفوا بطرح أسئلة هي جزء من لعبة الاتصال التي يعتقد الوزير محمد السعيد أنه ستكون كفيلة لتلميع صورة رئيسه، و لذلك كانت الأسئلة حاملة لاجوبة، بل و البعض منهم نسي دوره و راح يعلق عوض أن يطرح انشغالات الناس.

الحجر الصحي و المرض المزمن.
.
اهم ما جاء في المقابلة هو أن تبون اعترف صراحة بأن المشكل ليس في اعلان الحجر الصحي و لكن في تسيير تبعات هذا الحجر، و لم يخف ذلك بل أعطى أمثلة حول الحجر الذي فرض على البليدة، حيث قال انه كانت هناك نقائص نعمل على تجاوزها، و لما سئل عن العاصمة و كثرة الحالات فيها، قال انا اتابعها حيا بحي و أعطى أمثلة عن حيين اثنين لم يذكرهما بالاسم و لم يجد من حاوره أهمية لطرح السؤال لمعرفتها، ولكن الشيء المؤكد أنه أكد أن الحجر الشامل لن يكون لان السلطة و حكومتها وولاتها غير قادرة على تحمل تبعاته، وهو ما يعني أننا أمام سلطة عاجزة باعتراف المسؤول التنفيذي الأول عنها.
و حتى لما طرح السؤال حول النقص في بعض الوسائل راح يتحدث عن مبادرات لمواطنين لخباطة الكمامات ليضعها في حصيلة عمل حكومته.
المثير و المتعب في خرجة تبون هو أنها كشفت عن المرض المزمن للسلطة التي ترفض أي نقاش و أي انتقاد، و لذلك راح ودون حرج ينفي صفة الوطنية عمن ينتقد أداء السلطة، و تعمد الخلط بين شخصه و بين السلطة و الدولة، رغم أن الجزائريين و الجزائريات ومنذ 22فيفري الماضي يعطون اسمى الدروس في الوطنية و في ثقافة الدولة، وكل هذا يبين الهوة الموجودة بين من يحكم و مرضه المزمن بالسلطة و بين المجتمع الذي يفكر في المحافظة على الكيان القانوني و الجغرافي للدولة، و لذلك كله فإن خرجة اليوم كانت فرصة أخرى ضائعة لنزيل المرادية حتى يلطف خطابه و لا يستعدي شعبا لا يخاف من الحجر الصحي لكنه يخاف من العطب السياسي الذي فرض رئيس دون اقتراع حقيقي، و أجهزة حزبية ساكنة عن قمع الحريات و تعنيف السياسيين، و منظومة إعلامية غارقة في الفساد أحد مدرائها الذين حاوروه سابقا موجود في السجن بتهم ثقيلة، وهي منظومة لا مصداقية لها و أصبحت تشكل خطرا فعليا على النسيج الاجتماعي و الأمن القومي، وهي كلها مظاهر العطب السياسي و أدوات لتعطيل التغيير الذي يحمي الجزائر من كل الفيروسات و الأزمات المزمنة.

رضوان بوجمعة
الجزائر في 31مارس 2020

التعليقات مغلقة.