“أعيدو لنا بناتنا”BringBackOurGirls

إمتلأت دنيا الغرب صخبا وغضبا وضجيجا حول قضية إختطاف ما يقارب المائتي فتاة في نيجيريا من قبل مجموعة مسلحة تسمي نفسها “بوكو حرام” و تنسب نفسها الي الإسلام الجهادي.
فأمتلأت الشاشات وتزاحمت الأخبار وهي تحمل للناس أنباء عن “عمل بربري يقوم به المسلمون ضد البراءة و الطفولة”.
حتى أن كبار هذا العالم، بما فيهم رؤساء ووزراء ومشاهير دول غربية، إنظموا مهرولين إلى هاشتاغ على التويتر يقول “أعيدو لنا بناتنا”BringBackOurGirls.

بوكوحرام تتبنى مفاهيم متشددة للإسلام كرد على ما تعتبره تغريب للأغلبية المسلمة في نيجيريا، و هي تخوض منذ سنوات حرب عصابات مع الجيش النيجيري الذي تتسلط عليه طغمة فاسدة تسيطر على الحكم وتنهب البلاد الأكثر سكانا في إفريقيا و من بين الأغنى بالنفط.
إلى جانب الجيش، هناك مليشيات مسيحية مسلحة تتقاتل مع “بوكوحرام” وكثيرا ما يذهب ضحية ذاك التقاتل البائس أبرياء من المسيحيين والمسلمين على حد سواء.

لا يملك الأسوياء من الناس إلا التنديدالشديد، بلا تحفظ، بجريمة خطف البنات التي قامت بها “بوكوحرام”، مثلها مثل إستنكار، أي كان الفاعل وفي كل الظروف، عمليات الخطف و الإغتصاب و القتل و التعذيب التي تجتاح نيجيريا منذ أعوام، وهي البلد الذي تداولت عليه، منذ إستقلاله، الإنقلابات والحروب وماخلفته من فقر وفوضى وفساد عارم.

غير أن ما يؤلم هو أن أصحاب ضمائر هذه “الإنتفاضة العالمية” من أجل مائتي فتاة مخطوفات، لم تتحرك من أجل عشرات الآلاف من المسلمين الذين يقتلون ويشردون ليس بعيد عن نيجيريا في دولة إفريقيا الوسطى، ولم تتحرك هذه الضمائر “الطيبة” من أجل مئات الآلاف من الأطفال و النساء الذين شردهم الغزو الفرنسي لمالي، ولا للملايين الذين يعانون من الإستئصال والقتل و التشريد من الروهينغا المسلمين، ناهيك عن عشرات الملايين الذين يعانون من الغزو الغربي لأفغانستان والعراق والذي حطم شعوبا بأكملها.

ليت أصحاب الضمائر”المتألمة و الطيبة جدا” أن يضيفوا لتلك الدعوة على التويتر، دعوة مشابهة بهشتاغ يقول أعيدو الطائرات بدون طيار إلى بلدانها Bringback the drones وهي التي تقتل في اليمن و باكستان والعراق والنيجر و مالي…يوميا ودون تفريق، فتيات هنَ أيضا بريئات و في مقتبل العمر، كفتيات نيجيريا المخطوفات.

مشكلة العالم، كانت وستظل، أنه يفرق بين مظلوم وآخر فينتصر لصنف ويمعن في قهر صنف آخر.
يجب أن نناصر المظلوم بغض النظر عن جنس أو دين أو لون الظالم إذا كانت فعلا ضمائرنا حية.

محمد العربي زيتوت