كيف ترسخ النظم القمعية أفكارها؟
الأساطير السبعة المؤسسة لدولة القمع
كل دولة بما هي دولة تمارس قدرًا ما من القمع، على الجانب الآخر تختلف الشعوب في قابليتها للخضوع للقمع وفق محددات كثيرة، إلا أنه يبدو أن أغلب الشعوب لديها قابلية للقبول بحد ما من الخضوع للقمع وتبريره بشكل ما لفترات ليست قليلة، ربما يرتبط الأمر بالطبيعة الجغرافية والشخصية الاجتماعية والتجربة التاريخية أكثر مما يرتبط بمستوى التعليم أو الثقافة فكما يقول الكاتب «جيم باول» :«لو كان لأي نظام تعليمي أن يمنع الناس من التورط والخضوع للبربرية، فإن نظام التعليم الألماني في القرن التاسع عشر كان كفيلًا أن يفعل ذلك».
لا نستطيع أن نجزم أيضًا أن هناك علاقة جدية بين الديكتاتورية والتخلف العلمي أو الفشل السياسي أو حتى الاقتصادي، فالعديد من الديكتاتوريات القمعية نجحت في تأسيس إمبراطوريات كبرى، ولكن تبقى تلك الأساطير المؤسسة للسيطرة وقمع الدولة ثابتة بشكل يثير الإعجاب.
1-هناك دومًا القائد الملهم
العلامة التي لا تخطئ في أي دولة قمعية، وأول طريق المبتدئين على طريق تأسيس إمبراطورية القمع، ينبغي أن تؤسس أسطورة القمع حول رمز ترتبط الجماهير به وتقدره، أو تخاف منه بشكل ما، تنسج الأساطير حول القائد الملهم وحكمته وبراعته وشجاعته، ودوره التاريخي وخدماته الجليلة للوطن، على الجانب الآخر خوف الأعداء ورعبهم منه، ونجاحه دومًا في التملص من مكائدهم والالتفاف عليها.
يمكنك – عزيزي القاري- أن تمسك بخريطة الديكتاتوريات الراسخة عبر التاريخ، وتضع إصبعك عشوائيًّا على أي منها، وتسأل عن شخصية هذا الملهم الذي يمكن أن تحدده بكل وضوح، من «هتلر» إلى «ستالين» إلى ديكتاتوريات شرق آسيا، ومن ديكتاتوريات العصر الحديث إلى قيصريات بداية التاريخ إلى فرعونيات ما قبل التاريخ.
تفشل دولة القمع حين تعجز عن بناء أسطورة القائد أو الرمز، أو حين تهتز هذه الأسطورة بشكل تعجز معه عن ترميمها والحفاظ على تماسكها، يتحول القمع ساعتها إلى فعل عشوائي غير منضبط، سرعان ما ينهار أيًّا كان ما سيتشكل بعد انهياره، كذلك تبدأ رحلة تفكيك دولة القمع من هدم أسطورة الملهم والسخرية منها، لذا فإن الطغاة دومًا ما يضيقون ذرعًا بالسخرية؛ لأنها تهدم الأساطير المؤسسة لإمبراطورياتهم.
2-عليك أن تختار بين الحرية أو الأمن
«أولئك الذين يستبدلون الأمن بالحرية، لن يحصلوا – بل لا يستحقون- أيًّا منهما». بنيامين فرانكلين
ثنائية الحرية والأمن تكاد تكون أحد أبرز الأساطير المؤسسة لقمع الدولة، فدائمًا ما يتم ربط الحرية بالفوضى والتخريب وفقد الانضباط والسيطرة، والعجز عن تحقيق الأمن للناس، وغالبًا ما تسعى السلطة القمعية إلى تبرير القرارات الأكثر فاشية وفق محددات أمنية بحتة، القاعدة الحاكمة هنا ببساطة هي «يمكن للناس أن يقدموا أية تنازلات بشأن حرياتهم إذا شعروا أن أمنهم مهدد».
الأمر يصدق حتى في أكثر المجتمعات ثقافة ووعيًا، ويبرر ببساطة كيف يجنح المجتمع نحو قبول خيارات قمعية وفاشية ضد طائفة منه، مع علمه أنها ستطاله حتمًا في لحظة ما. لا ينطبق الأمر على الديكتاتوريات العاتية فحسب، بل حتى في الديموقراطيات الكبرى، حين ترغب السلطة في تقييد جزء من حرية مواطنيها فعليها أن تشعرهم أن أمنهم صار مهددًا، وهو ذات التبرير الذي استخدمته حكومة الولايات المتحدة العام الماضي لتبرير فضيحة التجسس على الهواتف وحسابات البريد الإلكتروني الخاصة بمواطنيها دون الرجوع إليهم، والتي كشف عنها الموظف السابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية «إدوارد سنودن».
3- السلطة (النظام) هي الدولة، وكل شخص (دولة بذاته)
لا يوجد فارق بين الدولة أو السلطة، فمن ينتقد السلطة أو ينتقص منها فهو يريد هدم الدولة، الحاكم هو الدولة، والشرطي هو الدولة، والقاضي هو الدولة، وكل من يمتلك سلطة بشكل ما هو دولة في ذاته.
الأمر قد يكون صحيحًا بشكل ما، فالنظم الشمولية تسعى لإحكام سيطرتها بشكل يصعب معه التفريق بين الطبقة الحاكمة وبين مؤسسات الدولة التي يفترض أن تكون محايدة بشكل ما، حيث توظف سائر المؤسسات في خدمة السلطة، كما يحرص رموز السلطة على السيطرة على المواقع التنفيذية للدولة بأنفسهم والتغلغل في بنيتها بصناعة تنظيمات خاصة موالية لهم، مع الوقت تصير هذه الشبكات هي عمق الدولة والمهيمن عليها.
ترسيخ ثقافة أهمية الفصل بين النظام والدولة (الوطن) ليس شيئًا هينًا مع وجود تاريخ طويل من القمع، خاصة وأنه في ظل سيادة هذه الثقافة إن المعارضة هي مرادف آخر أقل حدة لكلمة (الخيانة) أو (العمالة).
4-ابحث عن الرواية الرسمية (الدولة صادقة دائمًا)
ينبغي أن يكون هناك دومًا رواية رسمية لكل شيء.
لا تترك الدولة لمواطنيها حرية تركيب قناعاتهم وتكوين خياراتهم وفق التداول الحر للمعلومات والأخبار، هناك دومًا الرواية الرسمية لكل حدث، والتي لا تعبر دومًا عن الحقيقة أو حتى تقوم بإعطاء تفاصيل إضافية، بقدر ما تجيب ببساطة عن السؤال الكلاسيكي «كيف تريدك الدولة أن تنظر لهذا الخبر/ الحدث»؟
الأمر لا يقتصر فقط على الأحداث السياسية، فحتى التاريخ تحرص الدولة أن ترويه وفقًا للصياغة الرسمية ليكون متسقًا مع الحاضر، فأعداء الحاضر يجب أن يظهروا كامتداد طبيعي لأعداء التاريخ، وحتى أكثر النظم «علمانية» تحرص على التحكم بشكل ما في نظرة مواطنيها إلى الدين والقيم، ليس الدين هنا بوصفه شعائر وعبادات، بل بوصفه مصدرًا للفعل الاجتماعي والسياسي، لذلك تحرص السلطة أن تكون لها فئتها الدينية الخاصة التي تروج رواية دينية خاصة بها لا تكون في الغالب سوى انعكاسًا للرواية السياسية للدولة أو السلطة.
ربما لا ينتهي ولن ينتهي الجدل حول الدور الديني في سياسة القوى العظمى والمهيمنة وعلى رأسها الولايات المتحدة (هل تحكم أبعاد دينية أفعال الساسة الأمريكيين خاصة المحافظين منهم، أو يستخدم البعد الديني في تبرير الفعل السياسي)، إلا أن المؤكد والواضح بشكل ما، أنه حتى في الولايات المتحدة هناك أيضًا روايةً دينية تستخدم أحيانًا في خلفية الفعل السياسي.
5- السحر الخاص للزي الرسمي (الموحد)
حين يقتل الفرد فإن ذلك يعد جريمة تستوجب المحاكمة، وحين تقتل الدولة فإنها – فقط- تؤدي واجبها.
تحدثنا الدول بدءًا من الولايات المتحدة عن محاربة الإرهاب، وتتناسى أن آلتها القمعية والعسكرية قتلت خلال العقدين الماضيين من المدنيين والأبرياء أكثر مما قتلت أي جماعة إرهابية على مدار التاريخ، لم تشارك الجماعات الإرهابية في الحرب العالمية الأولى أو الثانية، بلغ عدد المفقودين خلال حكم «فرانكو» في إسبانيا أكثر من 120 ألف شخص (هل ادعى أحد أن جماعة إرهابية قتلت هذا العدد؟)، والحديث يصلح للقياس، أيهما قتل من البشر أكثر؟ الدول القمعية أم الجماعات الإرهابية؟
أسطورة القمع تقوم على أن يرتدي القانون زيًّا هو زي رجل الأمن (الشرطة -………) فلا تكون أفعاله خاضعة للقانون بقدر ما تكون أفعاله قانونًا قائمًا بذاته، يتمتع أصحاب البزات الرسمية بحصانة دائمة من المحاسبة، وتبريرات معدة سلفًا لأفعالهم، هذه الأسطورة يتم ترسيخها تمامًا لدرجة قد يشعر معها الشخص العادي بالإهانة إذا تعرض لفعل ما من شخص عادي مثله، بينما لا يشعر بالإهانة إذا تعرض لنفس الفعل من أحد أصحاب الياقات الرسمية.
على الداعين لتحرير الشعوب أن يطلبوا من الناس دائمًا أن يخلعوا الأزياء الرسمية عن أصحابها إذا أرادوا أن يروا الحقيقة، وأنت تنظر للقصف الأمريكي على المدنيين في العراق وسوريا، تخيل أن قائد الطائرة يرتدي جلبابًا ولحية وأن الطائرة يرفرف عليها علم القاعدة، وأن تنظر لرجل الأمن يطلق النار على الناس في الشوارع، حاول أن تنزع عنه رداءه، وتعيد فقط تقييم الصورة.
6- رجال الدولة في مرتبة أعلى من سائر المواطنين
على السلطة القمعية حتى يستتب الأمر لها أن تغرس هذه الحقيقة ببساطة، «الدولة هي التي تحميك» لذا يعني ببساطة أنه عليك أن تتجاوز عن أخطائها وتقبلها بصدر رحب، رجل الأمن يسهر على راحتك، هذا لا يعني أنك يجب أن تساعده وتتعاون معه، وإنما يعني أنه عليك أن تتقبل أنه سيحظى بامتيازات لن تحصل أنت عليها، وعليك أن تكون مقتنعًا أنه جدير بذلك.
الدولة في النهاية لا تخضع للمحاسبة، يمكننا أن نضع قوانين ودساتير تنص على سيادة القانون، لكن علينا أن نعي جميعًا أن الحقيقة غير ذلك، فالدولة هي القانون وما يعد جريمة من (رشوة – اختلاس -…) حين يرتكبه المواطن العادي، فإن الدولة تقوم به لضرورات الأمن ومصلحة البلاد.
7- هناك أشخاص جيدون وآخرون سيئون (المواطن الصالح)
عند تأسيس دولة القمع، ينبغي أن يتم تفريغ كافة التصورات من المضامين المركبة والمعقدة، وتعبئتها بمضامين سطحية (غالبًا ما تكون أحكامًا)، هناك دومًا حلفاء وأعداء، سواء على مستوى الدول أو الأحزاب أو حتى الأفراد، شخصية المواطن الصالح (الشريف)، هي شخصية محورية في تركيب أي كيان قمعي.
تصنع الدولة القمعية صورة المواطن الصالح وفق قالب مواصفات نمطي مصنوع بعناية ( يهتم بأمور حياته المعيشية – قليل الاهتمام بالشأن العام إلا حينما تستدعيه الدولة- يدرك أن بلاده مهددة – يتعاون مع رجال الدولة في كافة مواقعهم – يتابع الإعلام الرسمي ويتبنى تصورات السلطة- …)، وعلى النقيض هناك المواطن السيء (الطابور الخامس- الخائن- الإرهابي- …) وهو يعني ببساطة ذلك المواطن المستعصي على الصياغة ضمن القالب الشريف الذي تصنعه الدولة على عينها.
كيف ترسخ النظم القمعية أفكارها؟.. الأساطير السبعة المؤسسة لدولة القمع
بداية أحيك اخي محمد واحي كل الشرفاء والأحرار عبر البسيطة كلها وبعد، ما تقدمتم به من تحليل ينم عن جملة من التراكمات -وهو الأقرب الى منطق العقل- تتمحظ عنها جملة من الافرازات لتصنع حدثا او واقعة ما وهو ما يعرف أيضاً بالمتغيرات وهي تتحدد وفق الحراك الاجتماعي للأفراد كل على حسب دوره ومركزه وما هو منوط به تجاه محيطه،الا انني ،و من منطلق فكرة ان نفس الحراك”وهي المقدمة” يفضي الى نفس الوقائع
اي النتائج فالجانب الأخلاقي مع يسير من الوعي بات ضروريا اضف إليهما الفكرة المنشودة اي ،المعتقد حينها ستتضح الروءية وعندها تتفرج العقد . فقضية الأمن التى أدرجتها – وهي الجوهر في مسالة التغيير- باتت صمام امان يتصرف بفضله جيوب النظام كيفما يشاءون ،والدليل ماالت اليه أوضاعنا بل قل بتنا محل سخرية وازدراء اهكذا استعاد بوتسريقة هيبة الجزائر!! ان المجتمع الذي يبني طموحاته على المصلحة الفردية لا يمكن ان يوصف بمجتمع بل قل مجموعة من الأفراد تحكمها رابطة المصلحة المشتركة وحتى أكون بناء لماذا تتضارب مصالح الاسرة التعليمية رغم ان القطاع يضم تعدادا هاءلا يكفل تنحية باطرونت التربية !!!!هو مثال يعكس حجم الجبن الذي بات يخيم على مثقفي المجتمع وصاروا هم من يرتكز عليهم النظام و هو اليوم. ينهي ما لم تستطيعه فرنسا بالأمس والتي حال دونها بن باديس ورفقاءه بينما يتنصل بل ويتنكر مثقفوا اليوم لرسالة الاعداد والتعليم وقس على ذلك في ما تبقى من القطاعات الاخرى،لكن ان لغد ناظره ولا يسعني القول الا ان للجزائر رب يحميها قال الظلم للحق لأقتلك .اجابه الحق سيقتلك أولادي ولو بعيد حين.
لقد رسخ الاعلام الجائر صورة نمطية للإرهابي فهو ذلك الشخص الذي يرتدي قميصا ويحمل بندقية وملتح أما أنا فأرى أن هذا الشخص ضحية لمجتمع مارس عليه الاقصاء وضحية ربما لفكر متطرف تسرب إليه نتيجة قصور في المجتمع وعدم تحصينه ويمكننا القضاء عليه بقوة السلاح لأنه عدو ظاهر ومجاهر بأفكاره وفي الواقع أن الارهابي الحقيقي هو ذلك الوزير الذي يعيش معنا ويتمتع بكل مزايا منصبه ولكنه يمد يده للمال العام ويستغل سلطته أبشع استغلال فيخون بلده ويرتمي في أحضان الأجنبي الارهابي الحقيقي