تحدثت الأنباء عن سقوط عدد آخر من التونسيين بين قتيل و جريح، وأكثر المعلومات دقة تحدثت عن 10 قتلى منهم ثمانية من الحرس الوطني.
و قد قتل العشرات في الأشهر الأخيرة، بعضهم من القوات الرسمية و آخرين مما قيل أنهم من جماعات إرهابية، و بعض من المدنيين ناهيك عن إغتيال شخصيتين سياسيتين بارزتين في هذا العام.
إن قتلى اليوم سقطوا في يوم ذو رمزية بالغة، فهو يوم 23 أكتوبر الذي أنتخب فيه، بنزاهة و حرية أدهشت العالم، أول مجلس تشريعي تعددي في تونس-الثورة قبل عامين.
إن الذين يدفعون بتونس إلى أتون العنف ينتقمون، إبتداء، من ثورة الياسمين السلمية التي أسقطت واحدة من أشد العصابات العربية خبثا ومكرا.
إنهم و هم يفعلون ذلك، يسعون لتكرار التجربة المصرية، على الرغم من فضاعاتها و مأسويتها، ولكنهم قد يجدون أنفسهم في سيناريو جزائري يأكل الجميع ويعصف بالشعب والوطن قبل الدولة، ويدفع المحرضون والمحركون و الممولون ثمنا باهضا…و إن ظنوا أنهم في مأمن وسلام.
إن على القوى التونسية جميعها إدراك حقيقة أن لا أحد يمكنه إلغاء الآخر، و أن الشعب هو السيد، الذي يحسم الصراعات السياسية و الإديولوجية في الإنتخابات الحرة و النزيهة.
إن الثورة المضادة قد بلغت مداها، وهي تعبث بأمن البلاد وتتلاعب بالعنف، تغذيه حينا و تصنعه حينا آخر، وقد تحصنت في قلاع العهد البائد، و بشكل سافر في قنوات إعلامية هي أقرب إلى الإجرام والإفساد و الخراب.
إن الثورة المضادة المحلية، تلقى دعما معلنا حينا و مستترا في أكثر الأحيان، من قوى إقليمية ودولية معادية لحرية الشعوب وقد عزمت وأعدت، وهاهي تنفذ تهديداتها، بضرب مهد الثورات العربية وإعادة إنتاج عصابة بن على و الطرابلسية و إن تحت تسميات أخرى.
إن على كافة القوى الثورية التونسية أن تدرك أن مصيرها واحد، و أن صراعها هو صراع وجود، و ليس صراع مصالح أو مناصب أو نفوذ، مع الذين يريدون أن تبقى تونس تحت “الحماية” الإستعمارية وإن في أشكالها الجديدة.
إنها معركة وجود فرضت و يجب أن تحسم لصالح الشعب في أغلبيته العظمى، و هو الذي خاض ثورة الكرامة وتسعى قواه الحية لإعادة تونس لدورها الفاعل والحضاري الذي تميزت به لقرون طويلة قبل نكبة الإستعمار قبل حوالي منذ وثلث من الزمن.
محمد العربي زيتوت
مالك بن نبى كان محقا في قوله ادا غربت الفكرة بزغ الصنم