القذافي؛ مسيلمة العصر بقلم عبد الرحمن حسن

2٬859

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

وبعد:

فلم أجد للقذافي وصفاً أصدق من قول الشاعر:

مُعمَّر الكفر لن تنساك أمتُنا*****يا نقمة مُرةً ما فوقَهَا نِقمُ
هَجَمت تَطمِسُ أعلام الهدى بَطلاً*****وقد عرفناك حين الغرب قد هجموا
يا أيها الغرقد الملعون لست سوى*****مبنى جدار به الأعداء تعتصمُ

ولكن – ومن أسفٍ – فإن هذا الطاغية الشرس الذي هاجم ثوابت الأمة الإسلامية ومقدساتها، وعمل لأكثر من سبع وعشرين سنة على سحق طلائع الصحوة الإسلامية في ليبيا على اختلاف مشاربها.

ومارس على شعبنا الاستعباد والتجهيل والقمع والإبادة والتجريد من كافة الحقوق الشرعية.

إن هذا الطاغية استطاع أن يلبس أمره على كثيرين من غير أبناء ليبيا – لا سيما من الأعاجم – عن طريق صراخه وجعجعته، ومحاولته الظهور بمظهر القائد المسلم الذي سيقود الأمة إلى مقارعة الأعداء وتحرير المقدسات.

ومن هنا كان واجباً على أبناء الإسلام في ليبيا أن يبينوا زيف القذافي وباطله، وأن يكشفوا للمسلمين ردته وعمالته، ومحاربته لدين الله، ولحملة الشريعة علماً وعملاً.

إن تعرية أعداء أمتنا الداخلين وتجريدهم من عباءة الإسلام التي يتخفون بها لتخدير شعوبهم خطوة اساسية وأولية في طريق التغيير الصحيح، حتى يتبين سبيل المجرمين.

وقد كان هذا الكتاب خطوة موفقة مباركة في هذا المضمار، اجتهد فيه مؤلفه – جزاه الله خيراً – في تحقيق هذا الواجب، مؤيداً كلامه بالأدلة الشرعية والواقعية الدالة على حقيقة هذا الطاغية

أسأل الله أن يتقبل منه، وأن ينفع به كل من قرأه، وأن يُمكن لأهل الإسلام والجهاد في ليبيا، وأم يَمنّ على المسلمين عموماً بالفتح والنصر والتمكين، إنه سميع قريب.

وكتب؛ أبو المنذر الساعدي
أحد قيادات الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا
2 / ذو الحجة / 1418 هـ

———————

المقدمة
{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}.

ما أشبه الليلة بالبارحة، واليوم بالأمس، حين وقف الفراعنة على مدار التاريخ ومر الأيام وتعاقب الدهور والأزمان في وجه كل من كفر بإلوهيتهم، وفضح باطلهم، وأظهر عوار دعوتهم، ودعا الناس إلى عبادة رب العالمين دون شريك أو واسطة.

وهاهو فرعون ليبيا يسير على ركب أسلافه الفراعنة، ويقتدي بسنتهم، ويهتدي برأيهم، ويطبق منهجهم مع كل داعية للحق يقول: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.

أجل الفراعنة هم الفراعنة، بل إن فرعون ليبيا قد وقف ضد الإسلام والمسلمين وقفة لم يجرؤ أبو جهل أن يقف مثلها وأن يفعل ما فعله القذافي الذي أعلن كفره وزندقته مراراً وتكراراً على الملأ دون خوف أو وجل.

نعم… لقد تجرأ الطاغوت القذافي على حرب الأمة والمسلمين جراءة يغبطه عليها كفار قريش ومن جاء بعدهم، وحتى الذين يعاصرونه، فلم يقم طاغوت من طواغيت العرب – فيما نعلم – بمهاجمة الإسلام والنيل من هذا الدين وإيذاء أهله كما فعل الطاغوت القذافي أخزاه الله.

وفي هذا الكتاب نعرض بصورة موجزة لبعض ما يردده ويقوله مسيلمة العصر تجاه هذا الدين الذي أنزله الله من فوق السبع الطباق، وتجاه رسولنا صلى الله عليه وسلم وصحبه رضوان الله عليهم، وعلماء الإسلام رحمهم الله، وغير ذلك من قضايا الإسلام ومبادئه.

ولم نحاول أن نستوعب أقوال القذافي وأن نعلق عليها كلها، فذلك يحتاج إلى مجلدات، ولكن هي عينات من كفره وردته عن دين الله، نوجهها لمن لا زال يرى القذافي مسلماً، لعلها تزيح عن عينيه غشاوة الشيطان، وعن قلبه جرثومة الإرجاء، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}.

ونظراً لأن القذافي يتكلم باللهجة الليبية الدارجة؛ فقد قمنا بوضع تفسير لبعض الكلمات بين قوسين -…-، كما صححنا بعض الأخطاء النحوية الواردة في كلامه وأبقينا على بعضها الآخر كما هو، وأحلنا كلامه وخطاباته إلى مراجعها المذكورة في أماكنها، كما حرصنا على وضع مقدمة شرعية لتذكير المسلمين في كل مكان بأحكام شريعتهم ودينهم، ولبيان عظم جرم هذا الطاغية الذي تجاوز كفر كل حد.

والله نسأل أن يجعل هذا الكتاب خالصاً لوجهه الكريم، وأن يبصر به المسلمين المنخدعين بهذا الأفاك الأثيم، ليقفوا الموقف الشرعي الصحيح منه، وهو تكفيره والبراءة منه وجهاده وقتاله.

والحمد لله رب العالمين

تأليف؛ عبد الرحمن حسن
من إصدارات الجماعة الإسلامية المقاتلة، بليبا

———————

المبحث الأول؛ من هو القذافي
إن التاريخ الحديث لمختلف الأمم – كما هو معلوم سلفاً – زاخر بالوقائع والأحداث والشخصيات التي أدت أدواراً رئيسية، أو ثانوية لا تكاد تذكر في صناعة التاريخ، وعندما تستعرض السير الذاتية لهذه الشخصيات من ناحية الأصل والنشأة تجد تبايناً واضحاً بين كل شخصية وأخرى بسبب تأثير النشأة على فعالية الدور الذي تؤديه كل شخصية في مكان وزمان ما، فتجد مثلاً من نشأ فقيراً معدماً يكابد في تحصيل لقمة العيش، وتجد من نشأ في أسرة غنية، وتجد من تجري في عروقه دماء النبلاء – كما يقال – أي أصحاب الرفعة والشرف والملك بالوراثة، وتجد من هو ابن أمة، وغير ذلك من الشخصيات التي اختلفت أصولها ونشأتها، ثم أثر ذلك على تبنيها لمختلف المسالك السياسية والإجتماعية والثقافية.

أما في التاريخ الحديث لأمتنا الإسلامية؛ فإننا نجد من الشخصيات أُناساً نشأوا نشأة غامضة مشبوهة، وليس في ذلك غرابة، إذ أن هذا الأمر يحدث في كل الأمم وجميع الملل، إلا أن الغرابة في ذلك أن يعتلي أحدهم سدة الحكم ويتقلد منصباً حساساً في بلاد الام، ومن هؤلاء من لا يُعرف له نسب، كـ “محمد علي” في مصر، ومن كان ذا نشأة مريبة كـ “جمال عبد الناصر” أحد زنادقة مصر والذي تربى في حارة يقطنها اليهود وكان يتردد عليهم كأحد أبنائهم، وغير هؤلاء الكثير ممن انخدعت بهم أمتنا المسلمة، واسلمتهم زمام أمرها، فقادوها إلى مصيرها الذي أراده لها أعداؤها، وسقط المسلمون في هوة سحيقة وأنغمسوا في مستنقع الضياع، فلا يستطيعون الخروج إلا أن يشاء الله.

ويشاء الله سبحانه، ولحكمة يعلمها، أن تكون بلادنا – ليبيا الإسلام – من ضمن الدول التي قُدّر لها أن يحكمها من اتصف بالعمالة وتربى تحت أعين أعداء الله من يهود ونصارى، شاء الله سبحانه وقَدّر – عند تخلف أسباب القوة والمنعة والنصر، وغياب مفهوم استبانة سبيل المجرمين – أن يعتلي سدة الحكم في ليبيا أحد أعتى وأكفر زنادقة الأرض، والذي عجز طواغيت العرب أن يجاروه في زندقته وكفره الصريح، وكان هذا الطاغوت هو؛ “معمر القذافي”.

مولده وحياته:

ولد القذافي عام 1942م في أحد مضارب البدو القريبة من مدينة “سرت”، ونسب نفسه إلى قبيلة “القذاذفة” – قذاف الدم – من بيت “القحوص”.

أما نسبه من حيث أبوه وأمه فاختلفت الروايات في إثبات نسبه الحقيقي، إلا أنها أجمعت على أن القذافي ابنُ سِفَاحٍ، من أم يهودية، أما الأب؛ فاختلف في أمره، فقيل إنه إقطاعي إيطالي، وقيل إنه خادم ذلك الإقطاعي، ويدعى “محمد أبو منيار القذافي”، وقيل غير ذلك، ويشتهر القذافي في مدينة “سرت” باسم “ابن اليهود”.

نشأ الطاغوت القذافي – بحكم ابتعاده عن حياة المدينة – في بيئة قاسية، لكنه اتجه إلى التعليم، وأتم دراسته، حتى التحق بالكلية الحربية في “بنغازي” عام 1963م، وقبل أن يتخرج منها عام 1965م التحق بكلية الآداب، قسم التاريخ.

وقد اكتشف مدرس إيطالي عند قبوله في الجامعة أن أصول القذافي من جهة الأم؛ أصول يهودية، فلم يدع الفرصة تفوته، وبدأت بذلك قصة استدراج الطاغوت القذافي، ورسم المخططات والمقترحات، حتى قيامه بالثورة واعتلائه سدة الحكم.

بعد إنهاء الطاغوت القذافي دراسته بالكلية الحربية وتخرجه منها ضابطاً في سلاح المخابرة، أرسل إلى بريطانيا عام 1966م في دورة تدريبية، ومن ثم قام بتنظيم ما عُرف بـ “الضباط الوحدويون الأحرار”، والذين قاموا بالانقلاب المسرحي الهزلي عام 1969م.

مسرحية الانقلاب… والجلاء:

جاء في كتاب “أوراق الموساد المفقودة” [1]؛ ان اليهود هم الذين أرسلوا القذافي إلى بريطانيا، وانهم هم الذين كانوا وراء انقلابه، يقول الكتاب الذي يُظهر اليهود – كعادتهم في تمجيد الذات – أنهم الأقدر على التخطيط، والأفهم لكيفية تجنيد العملاء: (كانت خطتنا في البداية تقتضي إجراء الترتيبات اللازمة للقذافي بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يوجد لدينا ترتيبات واتصالات من الدرجة الأولى في برامج الجيش الأمريكي، غير أننا اضطررنا إلى الغاء تلك الخطة بعد أن اكتشفنا بأن المخابرات الأمريكية تلجأ إلى اأساليب ينقصها الكثير من البراعة في سبيل استقطاب وتجنيد هؤلاء الطلبة الأجانب من جانبها، لذا قررنا تغيير وجهة التدريب صوب إنجلترا) [2].

ويواصل الكتاب بيان ما تم إعداده من برامج من أجل تجنيد القذافي، وكيف خيروه بين أن؛ “يقود بلاده وربما العالم العربي بأجمعه، أو أن يعود إلى وحدته العسكرية في “بنغازي”، وربما يبقى ضابطاً برتبة لا تزيد على ملازم أول أو نقيب تابع لسلاح المخابرة” [3].

ثم يأتي الكتاب على ذكر المساعدة التي قدمها اليهود للقذافي من أجل انجاح انقلابه المشؤوم، فيقول: (لقد أحطنا القذافي علماً كذلك بما ينبغي عليه أن يتوقعه من جانبنا، وبالمقابل ما نريده نحن منه، وكيف أنه في الوقت المناسب سوف يُزود من قبلنا ببرنامج ومخطط لكيفية سيطرته على زمام الحكم في البلاد، وكيف أن هذا المخطط يحتوي على أسماء لأشخاص يمكنه الوثوق بهم، وأن يعتمد عليهم، وكذلك فقد قدمنا له النصائح والتوجيهات بشأن التوقيت الذي ينبغي أن بتحرك فيه، وأهداف التحرك، ومصادر التمويل، وحتى التأييد المادي إذا ومتى احتاجه) [4].

وبعد سبعة أشهر من الانقلاب المشؤوم؛ قام القذافي بعملية إجلاء القواعد الصليبية البريطانية والأمريكية عن أرض ليبيا وبدون أي شرط او قيد كما ادعى وزعم!!

وكانت بريطانيا تمتلك في مدينة “طبرق”؛ قاعدة “العدم” بالإضافة إلى قواتها في عدة أماكن من البلاد، وكانت قاعدة “العدم” تتمتع بأهمية خاصة، لأنها كانت تستخدم لنقل العدة والعتاد والقوات إلى الشرقين – الأقصى والأوسط – والخليج العربي وأفريقيا.

أما أمريكا؛ فكانت تمتلك قاعدة “هويلس” والتي اجرّها النظام الملكي للأمريكان بمبلغ زهيد، وتعتبر قاعدة “هويلس” أضخم قاعدة أمريكية في القارة الأفريقية [5].

وهذه القواعد والقوات التي كانت موجودة على أرض ليبيا هي التي أرعبها القذافي بقواته المكونة في بداية قيامه بالثورة من مسدس جمع له 150 طلقة خلال سنة – كما حكى هو بنفسه قصة وقائع قيام الثورة – فخرجت هاربة من وجهه وبأسرع وقت دون قيد أو شرط!!

ولأننا لسنا بهذه البلاهة والسذاجة حتى تنطلي علينا مثل هذه السخافات والترهات حول قصة الانقلاب والجلاء، فإننا نجزم أن الأمر كان مدبراً ومخططاً له من قبل أسياد القذافي، ليُكمل القذافي دور الرئيس القومي الوحدوي الأممي، أمين القومية العربية – كما يحلو له أن يلقب نفسه – كغطاء للزندقة والخيانة العظمى لأمة الإسلام والمسلمين، ولبث النزاعات والخلافات في العالم العربي والإسلامي.

جاء في كتاب “أوراق الموساد المفقودة”: (كانت مساعدتنا للقذافي بمثابة مقامرة كبرى، ولكنها كانت ذات فائدة عظيمة لنا، لقد كان من بين أهم ما جنيناه من وراء وقفتنا خلفه هذه الصراعات والنزاعات التي نجح القذافي في خلقها، والعداوات التي أشعلها بين الدول العربية المختلفة) [6]. والواقع يشهد بصدق كل كلمة من هذه الكلمات، فلم يترك بلداً عربياً إلا واختلف معه، وناصبه العداء، وفي لحظة تجده يُعيد العلاقة معه دون أية بوادر تشير إلى ذلك في الأفق [7]!!

عقدة النسب المشبوه:

إن الأصول اليهودية للقذافي [8] هي التي تفسر المقدار الهائل من الحقد الذي يحمله القذافي تجاه الشعب الليبي المسلم، والذي أظهره بالفعل في أقواله وأعماله، فلا يمكن لإنسان تربى بين أحضان هذا الشعب المسلم وترعرع على أرض المسلمين وأكل من خيراتها أن يتنكر لهذا كله، ويقلب لشعبها ظهر المجن ويسومهم سوء العذاب ويريهم الويلات ويجرعهم الغصص والنكبات، ويقذف بشبابها في أتون الحروب الجاهلية الخاسرة ويستنزف موارد البلاد الاقتصادية في مشاريعه الشيطانية ويعمل كل ما يعود بالخراب على البلاد وأهلها، لا يمكن أن يصدر هذا الأمر إلا من إنسان عنده من الوضاعة والدنائة والخسة وخبث الطوية القدر الكافي لإنجاز كل هذه الأعمال، ولا يمكن أن تتوفر كل هذه الصفات إلا في شخص تطارده عقدة النسب المشبوه ويخشى افتضاح الأمر، وهذا الشخص هو؛ معمر محمد أبو منيار القذافي ابن اليهودية “ميمونة” أو “زعفرانة بنت رحمين” أو ” حالو راشيل السرتاوية” [9]، ولأنه يعلم جيداً أنه ابن سفاح، أراد بذلك أن يُعرَّض بشرف كل المسلمين والمسلمات في ليبيا باتخاذه من الفتيات الليبيات حرساً خاصاً به مع أنه لا يعتمد عليهن في حراسته، ولكنه أراد أن ينتقم لأمر يتعلق بشرفه العائلي!!

وهو يحب أن تشيع الفاحشة في كل الليبيات، وهذا ما يفسر نشره للعري والفساد وتقييده لحريات ما يعرف بـ “شرطة الآداب”، وسحب صلاحياتها في مكافحة الانحلال وتفسخ الأخلاق.

القذافي وكراهية الإسلام:

إن المتأمل في طريقة القذافي في حربه للأمة وللمسلمين يدرك أمرين مهمين:

الأمر الأول: أنه يسير وفق مخطط مرسوم له بعناية فائقة، فهو منذ وصوله إلى الحكم – 1969م – بتلك المسرحية التي لا تنطلي على أحد، أظهر نفسه كرجل ملتزم بالإسلام، يسعى إلى تطبيقه في المجتمع، وبمجرد أن ثبت نفسه في الحكم – كأي طاغوت – بدأ شيئاً فشيئاً بإظهار مخططه الشيطاني وبرنامجه اليهودي لزعزعة عقائد الشعب المسلم في ليبيا، ولإحلال عقائد كفرية أخرى محل عقيدته الإسلامية، وعلى رأسها “كتابه الأخضر” ونظريته الجاهلية.

الأمر الثاني: إن الناظر والمدقق في سيرة القذافي يرى أنه يُكنّ بغضاً شديداً لشخص النبي صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك ظاهر في خطاباته ولقاءاته، وهذا يؤكد يهودية أصل القذافي، بل وتراه ينسب نفسه إلى بعض الفرق الباطنية الكفرية كالقرامطة والفاطمية، ويصرح في خطبة عيد الفطر في أبريل 1992م أنه قد يعلن الدولة الفاطمية الثانية!!

وللعلم؛ فالدولة الفاطمية الأولى أو الدولة العبيدية التي يريد القذافي أن يجددها هي دولة باطنية كفرها علماء الإسلام وأئمة الدين لما أظهرته من الكفر والزندقة واستحلال المحرمات – كنكاح المحارم ونحوها –

وقد نقل القاضي عياض المالكي في كتابه “ترتيب المدارك وتقريب المسالك” فتوى العلماء الذين عاصروا دولة العبيدين في تكفير هذه الدولة، فيقول: (وقال يوسف بن عبد الله المرعيني في كتابه؛ أجمع علماء القيروان – أبو محمد بن أبي زيد وأبو القاسم المقابسي وأبو القاسم بن شلبون, وأبو علي بن خلدون وأبو محمد الطبيقي، وأبو بكر بن عذرة – أن حال بني عُبيد حال المرتدين والزنادقة، فحال المرتدين بما أظهروه من خلاف الشريعة، فلا يورثون بالإجماع، وحال الزنادقة بما أخفوه من التعطيل، فيُقتلون بالزندقة، قالوا؛ ولا يُعذر أحد بالإكراه على الدخول في مذهبهم بخلاف سائر أنواع الكفر، لأنه أقام بعد علمه بكفرهم، فلا يجوز له ذلك إلا أن يختار القتل دون أن يدخل في الكفر، وعلى هذا الرأي كان أصحاب سحنون يفتون المسلمين) [10].

إن حقد القذافي وكراهيته للأمة أشهر من نار على علم، فهو الذي أنكر السنة النبوية وحرق كتب الحديث، وهو الذي حرف القرآن وفسره تفسيراً باطنياً يلائم أهواءه، وهو الذي سخر من رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم ووصفه بأنه “ساعي بريد”.

والقذافي هو الذي استهزأ بمقدسات المسلمين، فوصف الحج بأنه “عبادة ساذجة”، والحجاب بأنه “من عمل الشيطان”، وأنكر المعراج، وادعى النبوة، وزعم أن فرقة اللجان الثورية هي “نبي هذا العصر”، وغيرها كثير وكثير.

وفوق كل ذلك حارب المسلمين وطارد الموحدين وعلقهم على أعواد المشانق وقت إفطار المسلمين في شهر رمضان المبارك، وقتل الدعاة والعلماء الصادعين بكلمة الحق، محاولاً بذلك أن يؤخر المعركة الفاصلة مع اليهود وأذنابهم في المنطقة، والتي هي قادمة لا محالة بإذن الله.

بشائر…

هاهي بشائر التغيير تلوح في الأُفق لتقلع بإذن الله اليهود وأذنابهم وتنبئ بالمستقبل الذي تنتظره ليبيا الإسلام على أيدي أبنائها من مجاهدي “الجماعة الإسلامية المقاتلة”، ولن يكون القذافي ابن اليهودية عند ذلك إلا صفراً من الأصفار الذي ستسحقه عجلة الجهاد التي لن تتوقف بإذن الله، ولن يملك أخوال القذافي من اليهود إلا أن يطير صوابهم وهم يشهدون جهودهم لتدمير ليبيا وشعبها على يد عميلهم الطاغوت القذافي تبوء بالفشل والخذلان، فتتحطم بذلك أحلامهم وتنتهي معاناة الشعب الليبي المسلم، ولتبدأ بذلك صفحة جديدة مشرقة في دولة الإسلام في ليبيا الحبيبة، ولتكتب سواعد الرجال بدماء الشهداء على ثرى ليبيا…

في سبيل الله قمنا نبتغي رفع اللواءْ
لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداءْ
فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماءْ

[1] هذا الكتاب “أوراق الموساد المفقودة” أو الاسم الآخر الذي عُرف به “أوراق التاكسي”؛ يتحدث عن مجموعة من الأوراق الهامة التي ضاعت من جهاز الموساد اليهودي، وبغض النظر عن صحة نسبة هذا الكتاب إلى اليهود من عدمه، أو صحة قصة الأوراق أصلاً؛ فإن بعض ما ورد فيخ يؤكده الواقع تماماً، وخاصة عند الحديث عن القذافي.

[2] أوراق الموساد المفقودة؛ ص 102 .

[3] المصدر السابق؛ ص 103 .

[4] أوراق الموساد المفقودة؛ ص 103 .

[5] موسوعة السياسة؛ 5 / 557 – 558 .

[6] أوراق الموساد المفقودة؛ ص 105 .

[7] يقول أحد رؤساء المخابرات اليهودية السابقين عن القذافي: (إن حكم القذافي يعتبر رصيداً لإسرائيل، فمن غير القذافي وبطريقته التعصبية في الدعوة للوحدة العربية، يحافظ على انقسام العرب؟ إن بقاء القذافي هو رصيد لبقاء إسرائيل، وخصوصاً من الناحية التكتيكية، فهو عامل انقسام في العالم العربي)[كتاب عاصفة الرمال الليبية، لدجون كولي].

8 يقول القذافي: (أنا لست ضد اليهود، ولا ضد بني إسرائيل، بل على العكس، فإن بني إسرائيل وبني يعقوب هم ساميون، و إسرائيل عمومة العرب، والعرب والإسرائيلين أبناء عم من ناحية الدم، الديانة اليهودية نحن نعترف بها، ومفضلة في القرآن)[السجل القومي؛ 9 / 828].

[9] يقول القذافي: ( أنا لا أتكلم كليبي، طز في ليبيا وفي كل البلاد العربية في النهاية، تمنيت لو أني لم أكن عربياً، يا ليت أصلي غير عربي، كردي أو إسباني)[السجل القومي: 11/ 665].

[10] ترتيبت المدارك وتقريب المسالك، للقاضي عياض؛ 7/278.

———————

المبحث الثاني؛ بعض صور الردة عن الإسلام
نظراً للزندقة الواضحة والردة الظاهرة في كلام القذافي من خلال طعنه في هذا الدين ومرتكزاته القائم عليها، أحببنا أن نُذكر الأخ المسلم بالقدر الذي قد تحصل به الكفاية بحكم الشارع في بعض الأفعال أو الأقوال المكفرة [11] والتي أخذ منها القذافي بنصيب وافر، ولذا فعند قراءة أقوال القذافي الواردة في هذا الكتاب ينبغي الرجوع إلى هذه المقدمة ليعرف المسلم حكم الله فيما يقوله هؤلاء الزنادقة عليهم من الله ما يستحقون.

ومن هنا فالتعليق على كلام القذافي وخطبه التي جاءت في هذا الكتاب سوف يكون محدوداً بالنظر إلى وجود هذه المقدمة، وبالنظر إلى أن تلك النقولات الشيطانية عن القذافي ظاهرة الكفر كالشمس في رابعة النهار أو كالبدر ليلة التمام، فإن الباحث عن حكم القذافي سيجده بإذن الله فيما أوردناه، وأما من اتبع هواه ولم يرد الحق فنسأل الله أن يهديه إلى الحق، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

1) الشرك بالله عز وجل:

وقد عرفه الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله بتعريف جامع مانع، فقال: (… فإن حد الشرك الأكبر وتفسيره الذي يجمع أنواعه وأفراده؛ أن يصرف العبد نوعاً أو فرداً من أفراد العبادة لغير الله، فكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشارع؛ فصرفه لله وحده توحيد وإيمان وإخلاص، وصرفه لغيره شرك وكفر، فعليك بهذا الضابط للشرك الأكبر الذي لا يشذ عنه شيء) [12].

ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن من اتخذ من دون الله نداً أو مثيلاً وشبيهاً فقد أشرك بالله وخرج من ملة الإسلام، وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [13].

وقد عاب الله على المشركين الذين عبدوا معه غيره، وجعلوا الجن شركاء معه، فقال: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ * وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [14].

2) تحريف القرآن:

وقد أجمع العلماء والفقهاء على أن من حرّف آية من كتاب الله أو كذب بشيء منه أو جحده، فقد ارتد عن هذا الدين وخرج من ملة الإسلام.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: (… ومن كفر بحرف منه فقد كفر به أجمع) [15].

وقال عبد بن المبارك رحمة الله: (من كفر بحرف من القرآن فقد كفر، ومن قال؛ لا أؤمن بهذه اللام فقد كفر) [16].

قال القاضي عياض رحمه الله: (أعلم أن من استخف بالقرآن أو بالمصحف أو بشيء منه، أو سبهما، أو جحده أو حرفاً منه أو آية، أو كذب به أو بشيءٍ منه)… إلى أن قال: (… أو شك في شيء من ذلك فهو كافر عند أهل العلم بإجماع) [17].

3) إنكار السنة:

السنة النبوية أصل من أصول الدين، وركن عظيم في بنائه القويم، يجب اتباعها ويحرم مخالفتها على الجملة، وعلى ذلك تضافرت الآيات الدالة على هذا الأمر، وأجمع المسلمون على حجية السنة، وأنها الاصل الثاني من أدلة الأحكام بعد القرآن الكريم، وأن من رد حجية القرآن أو السنة فهو كافر.

قال الله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [18]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [19]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [20]، وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فإنتَهُوا} [21].

وقال صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن يقعد الرجل متكئاً على أريكته، يُحدّث بحديث من حديثي فيقول؛ بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وان ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله) [22].

وقد حكم العلماء بكفر من رد حديثاً واحداً للنبي صلى الله عليه وسلم، فما بالك بمن رد سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الصحيحة المتواترة جملة واحدة؟! لا شك أن هذا أعظم كفراً وأشد جرماً.

نقل ابن حزم عن إسحاق بن راهوية رحمهما الله: (إن من رد حديثاً صحيحاً عنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر) [23].

ويقول ابن الوزير رحمه الله: (إن التكذيب لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلم انه حديث؛ كفر صريح) [24].

4) انتقاص النبي صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [25].

يقول القاضي عياض المالكي: (أعلم – وفقنا الله وإياك – أن جميع من سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو عابه، أو ألحق به نقصاً في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرّض به، أو شبهه بشيء على طريق السب له أو الإزراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه والعيب له، فهو ساب له، والحكم فيه حكم الساب… وكذلك من لعنه أو دعا عليه، أو تمنى مضرة له، أو نسب إليه ما لا يليق بمنصبه على طريق الذم، أو عبث في جهته العزيزة بسخف من الكلام وهجر ومنكر من القول وزور، أو عيرّه بشيء مما جرى من البلاء والمحنة عليه، أو غَمَصه ببعض العوارض البشرية الجائزة والمعهودة لديه، وهذا كله إجماع من الصحابة وأئمة الفتوى من لدن الصحابة رضوان الله عليهم وهَلُمَ جراً) [26].

وقال محمد بن سحنون – أحد فقهاء المالكية – رحمه الله: (أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المُنتقص له كافر، والوعيد جار عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفره وعذابه كفر) [27].

وحكم سب سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كحكم سب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كما قال ذلك أهل العلم.

قال أبو حنيفة رحمه الله: (من كذب بأحد الأنبياء، أو تنقص أحداً منهم، أو برئ منه فهو مرتد) [28].

وقال القاضي عياض رحمه الله: (وكذلك من أضاف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم أو تعمّد الكذب فيما بلَّغه أو أخبر به… أو قال؛ انه لم يُبلّغ، أو استخف به، أو بأحد من الأنبياء، أو أزرى عليهم، أو آذاهم، أو قتل نبياً، أو حاربه، فهو كافر بالإجماع) [29].

5) إدعاء النبوة:

وقد أجمعت الأمة على كفر من ادعى النبوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، كإجماع الصحابة على كفر مسيلمة الكذاب والأسود العنسي وغيرهم ممن ادعى النبوة.

يقول ابن حزم رحمه الله: (وأما من قال؛ ان الله عز وجل هو فلان، لإنسان بعينه، أو أن الله تعالى يحل في جسم من أجسام خلقه، أو أن بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبياً غير عيسى ابن مريم، فإنه لا يختلف اثنان في تكفيره، لصحة قيام الحجة بكل هذا على كل أحد) [30].

وقال القاضي عياض: (وكذلك – أي وكذلك نكفر – من ادعى نبوة أحد مع نبينا صلى الله عليه وسلم أو بعده… أو من ادعى النبوة لنفسه أو جوز اكتسابها… وكذلك من ادعى أنه يوحى إليه وإن لم يدع النبوة… فهؤلاء كفار مكذبون للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين لا نبي بعده… فلا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعاً اجماعاً وسمعاً) [31].

6) تحليل الحرام وتحريم الحلال:

وحق التحليل والتحريم اختص به الله عز وجل وحده دون غيره، فمن نازعه في ذلك فقد نازعه في أخص خصائصه وأشرك به سبحانه وتعالى، قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [32].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: (والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه، أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدل الشرع المجمع عليه، كان كافراً مرتداً بالاتفاق) [33].

وقال القاضي عياض: (وكذلك أجمع المسلمون على تكفير من استحل القتل أو شرب الخمر أو الزنا مما حرم الله، بعد علمه بتحريمه، كأصحاب الإباحة من القرامطة وبعض غلاة الصوفية، وكذلك نقطع بتكفير كل من كذّب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع وما عُرف يقيناً بالنقل المتواتر من فعل الرسول ووقع الإجماع المتصل عليه، كمن أنكر وجوب الصلوات الخمس) [34].

7) الاستهزاء:

الاستهزاء بالله ورسوله وكتابه كفر مخرج من الملة بالإجماع، كما قال تعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [35].

قال ابن حزم رحمه الله: (فصح بما ذكرنا؛ أن كل من سب الله تعالى أو استهزأ به، أو سب مَلَكاً من الملائكة، أو استهزأ به، أو سب نبياً من الأنبياء أو استهزأ به، أو سب آية من آيات الله تعالى أو استهزأ بها – والشرائع كلها والقرآن من آيات الله تعالى – فهو بذلك كافر مرتد، له حكم المرتد، وبهذا نقول) [36].

ويقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (إن الإنسان قد يكفر بكلمة يتكلم بها، أو بعمل يعمل به… ومن هذا الباب؛ الاستهزاء بالعلم وأهله وعدم احترامهم لأجله) [37].

ويقول الشيخ حمد بن عتيق رحمه الله: (اعلم أن العلماء قد أجمعوا على أن من استهزأ بالله أو رسوله أو كتابه أو دينه فهو كافر، وكذا إذا أتى بقول أو فعل صريح في الاستهزاء) [38].

8) فصل الدين عن الدولة:

ومعناها عند من ينادي به؛ أن الدين ليس له علاقة بتسيير أمور الناس ولا بسياسة الدولة، فهو محصور في الشعائر التعبدية فقط، دون أن يعمل به ويطبق في واقع الحياة، وهذه النظرية الشيطانية – والتي تعرف اليوم بـ “العلمانية” – نص الأئمة والعلماء على كفر من يعتقدها أو يعمل بها ويفضل الحكم بالقوانين العلمانية الجاهلية على شرع رب البرية، لأن ذلك يناقض الإيمان ويضاد كلمة التوحيد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ومعلوم بالاضطرار من دين الإسلام وبإتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الله أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر، وهو ككفر من آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض الكتاب) [39].

ويقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: (فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه؟!! من فعل ذلك كافر بإجماع المسلمين) [40].

ويقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: (والقرآن مملوء بأحكام وقواعد جليلة من المسائل المدنية والتجارية، وأحكام الحرب والسلم، وأحكام القتال والغنائم والأسرى، وبنصوص صريحة في الحديد والقصاص، فمن زعم أنه دين عبادة فقط فقد أنكر كل هذا وأعظم على الفرية، وظن أن لشخص كائناً من كان أو لهيئة كائنة من كانت أن تنسخ ما أوجب الله من طاعته والعمل بأحكامه، وما قال هذا مسلم ولا يقوله، ومن قاله فقد خرج عن الإسلام جملة، ورفضه كله، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم) [41].

9) مظاهرة الكفار على المسلمين:

فمن نصر الكفار أو ذبّ عنهم أو أعانهم على المسلمين بماله أو بنفسه، فهذا قد حكم الله فيه من فوق سبع سموات، فقال جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فإنهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [42].

قال ابن حزم رحمه الله: (صح أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فإنهُ مِنْهُمْ}؛ إنما هو على ظاهره، بأنه كافر من جملة الكفار فقط، وهذا لا يختلف فيه اثنان من المسلمين) [43].

ويقول ابن القيم رحمه الله: (إن الله سبحانه قد حكم – ولا أحسن من حكمه – أن من تولى اليهود والنصارى فهو منهم، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فإنهُ مِنْهُمْ}، فإذا كان أولياؤهم منهم بنص القرآن كان لهم حكمهم) [44].

وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله مظاهرة الكفار على المسلمين ضمن نواقض الإسلام، فقال: (الناقض الثامن؛ مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين، والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فإنهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}) [45].

[11] من أراد الاستزادة في باب نواقض الإيمان، فليرجع إلى أبواب الردة في الكتب الفقهية، كما يرجع إلى بعض كتب المعاصرين التي تكلمت في هذا الباب، ومنها على سبيل المثال كتاب؛ “نواقض الإيمان القولية والعملية” للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف، وهو قيم في بابه، وقد استفدنا منه في هذا المبحث، وكذلك كتاب “الإيمان” لمحمد نعيم ياسين، وغيرها كثير.

[12] “القول السديد في مقاصد التوحيد”؛ ص 21، وهي رسالة ضمن مجلد يحوي المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ السعدي.

[13] النساء: 116.

[14] الأنعام: 100 – 102.

[15] “شرح اصول اعتقاد أهل السنة والجماعة”، للالكائي؛ 2/232.

[16] مجموع فتاوى ابن تيمية؛ 4/182.

[17] الشفا؛ 2/1101.

[18] النساء: 80.

[19] النساء: 150 – 151.

[20] الأحزاب: 36.

[21] الحشر: 7.

[22] حديث صحيح رواه الإمام أحمد وأبو داود والحاكم عن المقداد رضي الله عنه، انظر الجامع: 8186.

[23] “الفصل في الملل والنحل”، لابن حزم؛ 3/230.

[24] “العواصم من القواصم في الذب عن سنة أبي القاسم”؛ 2/374، نقلاً عن “نواقض الإيمان القولية”؛ 190 – 191.

[25] الأحزاب: 57.

[26] “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”، للقاضي عياض؛ 2/932 – 933.

[27] “الشفا بحقوق المصطفى”، للقاضي عياض؛ 2/934 – 935.

[28] المصدر السابق؛ 2/1098.

[29] الشفا؛ 2/1069.

[30] “الفصل”، لابن حزم؛ 249 – 250.

[31] “الشفا”؛ 2/1070 – 1071.

[32] التوبة: 31.

[33] مجموع الفتوى؛ 3/267.

[34] “الشفا”، 2/1073.

[35] التوبة: 65.

[36] “المحلى” 12/438.

[37] “قرة عيون الموحدين”؛ ص 217.

[38] “الدرر السنية في الأجوبة النجدية”؛ 8/242.

[39] “مجموع الفتوى”؛ 28/524.

[40] “البداية والنهاية”؛ 12/119.

[41] “الكتاب والسنة يجب أن يكونا مصدر القوانيين في مصر”، للشيخ أحمد شاكر، ص 98، نقلاً عن “نواقض الإيمان”، للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف؛ 319، ولمعرفة حكم العلمانيين الذين يحكمون ديار المسلمين اليوم يُنظر مبحث “الحكام العلمانيين”، في كتاب “خطوط عريضة في منهج الجماعة الإسلامية المقاتلة”؛ ص94 – 115.

[42] المائدة: 51.

[43] “المحلى”؛ 12/33.

[44] “أحكام أهل الذمة”؛ 1/67.

[45] “مجموعة التوحيد”؛ ص 39.

———————

المبحث الثالث؛ عينات من كفر القذافي وردته عن الدين
جرأة القذافي على الله سبحانه وتعالى:

يتكلم القذافي عن رب العالمين وكأنه يتكلم عن حزب سياسي معارض، أو حاكم من الحكام، وينسب الظلم له سبحانه وتعالى، وهو القائل في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا) [46].

فيقول – فض الله فاه – في لقاء مع القيادات السياسية حول “النظرية العالمية الثالثة” بطرابلس، بتاريخ 9/أغسطس/1975م: (إن الثورة ليست بالضرورة أن تكون بيضاء دائماً، ممكن تكون حمراء ضد أعدائها، والمعارضة لا بد أن تسحق، قلت لكم إن الأديان سحقت معارضيها، والله يسحق معارضيه، الذي خلقهم، وكل واحد يسحق معارضيه)، تعالى الله عما يقول هذا الزنديق علواً كبيراً.

ويجعل نفسه نداً لله ويساوي نفسه به، فيقول بأسلوب التحقير لله عز وجل: (… أنا اتحداكم زي – مثل – الذي قال لهم – يقصد الله – اصنعوا ذبابة بس – فقط – … تحداهم الذين قالوا ما فيش الله، كويس – إذن – اصنعوا لنا ذبابة… اصنعوا لنا “بيبسي” أتحداكم) [47].

ويقارن بين البشر وبين الله الذي هو في السماء، ويقرر ان الشعب مثل الله، وانه لا بد للشعب أن يكون إلهاً على الأرض: (الشعب مثل الله… الله في السماء والشعب في الأرض، ليس معه شريك، الله لو معه شريك، قال؛ لاتخذوا إلى ذي العرش سبيلا، لو كان معه آلهة كان واحد منهم يقول؛ أنا أريد أكون إلهاً، الذي بقى في العرش الآخرين يحاولوا أن يقوموا بانقلاب عليه… الشعب فوق الأرض لازم أن يكون هكذا، متأله فوق أرضه) [48].

ويعيد زندقته هذه في خطاب آخر بتاريخ؛ 27/12/1990، فيقول: (الشعب هو السيد فوق الأرض يقرر فيها ما يشاء، والله في السماء، ما فيش – لا يوجد – وسيط بيننا وبين الله).

وهذا الذي قاله القذافي هو عين ما يسعى إلى تحقيقه في الواقع، إذ أنه يؤكد تكراراً ومراراً أن لا علاقة للدين بالسياسة، ومن ثم فالشعب يمارس حياته وفق ما يريد هو، دون التقيد بشرع أو دين.

ولذا لم يكن غريباً أن يترحم القذافي على العلماني “كمال اتاتورك”، ويدافع عن موقفه من قضية فصل الدين عن الدولة، وهو الذي أبعد الإسلام عن شؤون الحكم، وساهم في فرنجة المجتمع التركي المسلم، فيقول: (و “اتاتورك” مظلوم… وأنا أقول ذلك للتاريخ، وذلك لأن الجهلة السذج المتعصبين هم الذين أجبروه على الكفر – يقصد علماء المسلمين الذين وقفوا ضد “اتاتورك” في محاولته فصل الدين عن الدولة – كان عليهم أن يقولوا؛ نعم، ويبقون مسلمين، لكنهم قالوا؛ لا حرام، من قال لكم؟ عصبوا رؤوسهم وقالوا؛ حرام، لا توجد فتوى على الاطلاق أن نبقى مسلمين لكن نفصل الدين عن الدولة؟ قالوا له؛ لا توجد فتوى) [49].

ويوغل القذافي في إقصاء الشريعة والدين الإسلامي عن حياة المسلمين، والتي من خلالها تنتظم شؤون الفرد والجماعة في كافة الأمور، فيقول محدداً دور خطبة الجمعة في المجتمع: (الأصل في خطبة الجمعة هو أن الناس يتركون مشاغل الدنيا والمشاكل خارج المسجد، ويأتون مدة من الوقت القصير للصلاة، يسمع فيها كلام الله عن الموت والحياة والجنة والنار والبعث والحساب والثواب، المشاكل الحياتية يجب مناقشتها خارج المسجد) [50].

وواضح هنا ان الطاغوت القذافي لا يرى للمسجد أي دور سوى التذكير بالجنة والنار والموت والحياة فقط، أما أمور المسلمين الأخرى التي تمس حياتهم ودنياهم؛ فليس للمسجد أي علاقة بها على رأيه، وهذه هي حقيقة العلمانية.

ولكنه يبيح لنفسه أن يتكلم في السياسة كما يريد، وفي أعظم مسجد وأول بيت وضع للناس، وهو المسجد الحرام بمكة، حيث طاف به وهو يصرخ: (لا إله إلا الله، “مبارك” عدو الله)!

موقف القذافي من رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم:

يتغيظ القذافي أيما تغيظ من ذكر نبينا عليه الصلاة والسلام، ولذا لم يكن مستغرباً أن يُعلن على رؤوس الملأ إنكاره للسنة النبوية وإلغاءها، وإحراق دواوين السنة تحت باب إحراق “الكتب الصفراء”، والتشكيك الدائم والمستمر بالأصل الثاني من أصول الإسلام – السنة –

ولعل من الأمثلة الواضحة على بغضه لرسولنا صلى الله عليه وسلم إلغاءه للتقويم الهجري، بحيث أصبح يؤرخ من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وليس من الهجرة كما هو معروف.

ويبرر القذافي هذا العمل، فيقول: (فهناك أحداث تاريخية أعتقد أنها أهم من الهجرة… منها وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفاة الرسول هذه تماثل ميلاد عيسى عليه السلام، كان يجب أن يكون التأريخ إذا أردنا أن نؤرخ بهذه الأحداث، كان الأفضل أن نؤرخ بوفاة الرسول، فمن الأحداث الهامة وفاة الرسول حتى نثبت التاريخ، أو نسجل للبشرية تاريخاً حتى بعد ملايين السنين؛ أن هناك رسولاً هو خاتم النبيين قد توفى منذ كذا، أو مرت على وفاته هذه السنون أو هذه القرون) [51].

ويقول: (… إذن عمر بن الخطاب الذي قال؛ هذا العام يسمى عاماً هجرياً، هذا رأيه، لكن نحن رأينا نحن… نحن نرى… نقدر أن نقول؛ ان الهجرة ليست مهمة لهذه الدرجة، وان الأهم منها هو فتح مكة، وأهم منها وفاة الرسول) [52].

فانظر – أخي المسلم – متى كان الموت معجزة تماثل معجزة ميلاد عيسى عليه السلام؟ ومن هو الذي يفرح لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبتهج به ويجعله لتقويم تاريخي مبتدع؟ اللهم إلا من كان في قلبه غل وحقد وحسد على هذه الأمة المتمثلة في رسولها صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يقول في الحديث الصحيح: (يا أيها الناس! أيما أحدٌ من المؤمنين أُصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحداً من أمتي لن يصاب بمصيبة أشد عليه من مصيبتي) [53].

وانظر إلى أم أيمن رضي الله عنها عندما بكت على موت رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضور أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فسألاها عن سر بكائها؟ فقال: (ما أبكي عليه، إني لأعلم ان ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولكن أبكي ان الوحي قد انقطع من السماء)، فهيجتهما على البكاء [54].

واسمع لقول أنس رضي الله عنه: (لما كان اليوم الذي قدم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة؛ أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه؛ أظلم منها كل شيء)، قال: (وما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي حتى أنكرنا القلوب) [55].

ويقول القذافي عن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: (… لو قلت لكم؛ رسول الله، لقلتم كلكم؛ صلى الله عليه وسلم، ولو قلت لكم؛ الله، لما تكلم أحدٌ، وهذا نوع من الاستعباد والوثنية التي نسير فيها… الآن لو قلت ألف مرة؛ الله، فالأمر يمر عادياً، وعندما نقول؛ رسول الله، فكلنا نقول؛ صلى الله عليه وسلم، وكأن ذلك يعني اننا نخاف الرسول أكثر مما نخاف الله، أو اننا نرى أن الرسول أقرب إلينا من الله، وذلك تماماً مثل المسيحين الذين قالوا؛ إن عيسى أقرب من الله… والقرآن الكريم لم يرد فيه نص يقول؛ إن النبي قال؛ عليكم أن تتبعوا كل الكلام الذي قلته، وإلا فأين الكلام الذي قاله لمدة أربعين عاماً قبل البعثة؟ خاصة وانه من المؤكد انه يتكلم قبل البعثة… والنبي لو كان يقول؛ اتبعوا حديثي، فمعنى ذلك انه سيعمل بديلاً للقرآن، ولكنه باستمرار يؤكد التمسك بالقرآن فقط، ولو أنه قدس حديثه وجعل له أهمية مثل القرآن لأوجد كتاباً آخر يحل محل القرآن) [56].

ويُنكر القذافي عموم دعوته صلى الله عليه وسلم للناس كافة مخالفاً بذلك صريح القرآن والسنة وإجماع المسلمين قاطبة من لدن الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى يومنا هذا، فيقول: (العرب جسدهم القومية العربية وروحهم الإسلام، لأن محمد مرسل للعرب فقط!! والقرآن جاء من أجل العرب وبلغة عربية، موجه للعرب فقط، وأي واحد غير عربي اعتنق الإسلام هذا متطوع في الحقيقة، أمره عند الله لكنه غير معني) [57].

ويقول: (عندما تحول أصحاب رسول الله إلى حكام؛ ديس عليهم بالأقدام باعتبارهم حكاماً مدنيين، عثمان قتل باعتباره رئيس جمهورية أو ملكاً، وعمر بعدالته تحول إلى أمير، وقلد الفرس والروم، وعلي قاتله المسلمون وانشقوا عليه من أقرب الناس إليه ومن اتباعه وأصحابه… لماذا؟ لأنه طمع في السلطة وأراد أن يكون رئيس جمهورية، ولو محمد صلى الله عليه وسلم تحول إلى رئيس جمهورية لتخلت عنه الناس) [58].

القذافي والقرآن الكريم:

القذافي هو أول من تجرأ على تحريف القرآن وحذف كلمة {قُلْ} من القرآن محتجاً بأن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جوار ربه، فلم يعد هناك حاجة لقول {قُلْ}، وإنما يبتدئ القارئ للقرآن مثلاً بـ {هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.

وقد مر معنا اجماع العلماء والفقهاء على أن من حرف آية من كتاب الله أو جحد حرفاً منه فقد ارتد عن هذا الدين وخرج من ملة الإسلام.

ويَعتبر القذافي القرآن محصوراً على التذكير بالجنة والنار ويوم القيامة، وليس له علاقة بأحوال الناس والحكم فيما بينهم، فيقول: (القرآن جزء قليل منه نستطيع أن نحكم به في مجتمعنا الآن، أما الباقي فأشياء أغلبها يتعلق بيوم القيامة؛ كالإيمان بالله والإيمان بالحساب والعذاب والإيمان بالملائكة والرسل إلى آخره).

ويضيف: (فأنا لا أعرف كتاباً إلا القرآن، ونحن بصدد الحديث عن القرآن شريعة المجتمع، إذا تصفحناه لا نجده يتحدث عن المشاكل التي نحكم بها المجتمع… نحن كبشر نحكم أنفسنا، والقرآن لم يتحدث عن هذه القضايا، فجريمة فيها قطع اليد، وجريمة فيها الجلد… فالقليل من القرآن يتحدث عن الأشياء الدنيوية المتصلة بالحياة الدنيا فقط، ولا يوجد لها أثر في الآخرة) [59].

موقف القذافي من السنة النبوية:

لقد اشتهر عن القذافي انكاره للسنة المطهرة، ومحاربته للأحاديث النبوية، والزعم بأنها مذكوبة، والطعن في بعض الرواة من الصحابة والاستهزاء بهم، كالصحابي الجليل راوية الإسلام أبي هريرة رضي الله عنه، الذي وصفه ابن عمر رضي الله عنهما بأنه؛ “كان يحفظ على المسلمين حديث النبي صلى الله عليه وسلم”، وقد تقدم حكم منكر السنة النبوية، وأن من أنكرها فهو كافر خارج عن ملة الإسلام.

يقول القذافي: (محمد نبي، ليس عنده حديث ولا شعر ولا فلسفة، بل لديه رسالة جاء يبلغها، وهي القرآن… ماذا القرآن؟ اذهبوا إلى بيوتكم وتصفحوا القرآن مع أولادكم وتقيدوا بما جاء فيه، فالقرآن عبارة عن أوامر ونواهٍ) [60].

ويمضي القذافي في زندقته وكفره؛ فيعتبر أن التمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بها يؤدي إلى عبادة الأصنام والأوثان، ويصف ذلك – أي التمسك بالسنة والعمل بها – بأنه انحراف خطير وشرك، فيقول – فض الله فاه – : (إذا اتى واحد وقال لنا؛ إن حديث النبي لا بد أن تقدسوه وتعملوا به مثل القرآن، فهذا شرك، وهذا كلام ربما يكون غريباً، والسبب أننا في هذه المرحلة ابتعدنا كثيراً عن الإسلام، ونحن في طريقنا إلى عبادة الأوثان والابتعاد عن القرآن وعن الله، ولا يوجد طريق يجعلنا نبتعد عن عبادة الأوثان وعن الانحراف الخطير إلا طريق التمسك بالقرآن وعبادة الله فقط) [61].

ويتطاول القذافي على الصحابة ويتهمهم من طرف خفي بوضع الأحاديث، بل ويقارن بينهم وبين بعض الكفار والمرتدين كأبي لهب ومسليمة، فيقول: (لا نستطيع مثلما تأتي لنا بحديث وتقول؛ هذا الحديث رواه النبي، لا نستطيع أن نعرف هل هذا الحديث اختلقه معاوية أم قاله النبي فعلا؟ أم اختلقه سجاح أم قاله أبو سفيان أم أبو لهب؟ لا نعلم، لأن هناك الآف الأحاديث عليها علامة استفهام، يا ترى أياً منها قاله النبي فعلاً) [62].

أما نحن فنعلم يقيناً أنك يا معمر زنديق تسعى إلى هدم ركائز هذا الدين وتشكيك المسلمين في أقوال نبيهم صلى الله عليه وسلم، كما نعلم أن الأحاديث التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتي نقلها الأئمة والعلماء الثقات في كتبهم، يتعين على المسلم المنقاد للشرع أن يتأدب معها، وألا يقدم بين يدي الله ورسوله، وأن يقف عند دلالة النص، وما يأمر به أو ينهى عنه أو يوجه إليه.

ويقول القذافي عن الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد؛ المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الاقصى): (هذا كذب… هذا حديث لم يقله النبي، هذا قاله يزيد لأنه يبغي – يريد – الناس ما تمشيش – ما تذهب – إلى الكعبة وتحج إلى القدس، لأن القدس تحت سيطرته) [63].

إلى آخر الهراء والكذب الصراح على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، ورغم أن الحديث في الصحيحين اللذين أجمعت الأمة على صحتهما وجلالتهما وعظم منزلتهما، إلا ان القذافي لا يقيم وزناً لمقدسات الأمة، ولا لما اجمعت عليه، والنقول في انكاره للسنة كثيرة وكثيرة جداً وهي أشهر من نار على علم.

ونحن نرد على هذا الزنديق ومن تلقف منه هذا الكفر من المارقين؛ بكلمة واحدة من كتاب الله عز وجل ألا وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ} [64]، فإن هذا الحق المعلوم وهو الزكاة لا يُعلم إلا من السنة، فإما التصديق بالسنة وإما التكذيب بهذه الكلمة القرآنية.

القذافي والشريعة الإسلامية:

يعتبر القذافي الشريعة الإسلامية المنزلة من لدن حكيم خبير عليم كباقي القوانين الوضعية الأرضية الجاهلية، ويقارن الشريعة الإسلامية بزبالات أفكار الكفار وأوساخ عقولهم القاصرة.

فيقول – قاتله الله – : (… لهذا تعتبر الشريعة الإسلامية مذهباً فقهياً وضعياً شأنه شأن القانون الروماني أو قانون نابليون، وكل القوانين الأخرى التي وضعها الفقهاء الفرنسيون أو الطليان أو المسلمون… فالذي يدرس القوانين الرومانية يعتبر أن علماء الإسلام يحملون قانوناً وضعياً يضاهي القانون الروماني، لكن لا تقول؛ هذا دين) [65].

والقذافي يحاول أن يشوه الشريعة الإسلامية بالكذب والتزييف والادعاء بأنها خليط من أفكار مختلفة واجتهادات متباينة، ولا ينسى أن يجمع زنادقة هذه الأمة – كابن سينا والفارابي – مع بعض من خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً – كالغزالي رحمه الله – على أساس أنهم هم الذين قاموا بوضع الشريعة الإسلامية.

فيقول: (إن ما يسمى بالشريعة الإسلامية؛ عبارة عن كتب وضعية واجتهادات وتأليفات قام بها بعض الناس، أمثال الغزالي وابن سينا والفارابي وأهل الصفا والمعتزلة، كل واحد منهم ألف، وجميعهم أخذوا من اليونانية) [66].

ويقول: (هذه الدروشة والوثنية السياسية؛ هي التي تحرق الدين، الدين؛ لا بد أن يرجع كما أُنزل تماماً، دين بلا مذاهب، لا نعرف سنة ولا شيعة ولا مالكي ولا إباضي، هذه كلها ترهات جاءت بعد النبي، وليس للنبي علاقة بها… الله أنزل لك القرآن عن طريق محمد، وتؤمن بأن محمد نبي، وأن هذا القرآن من عند الله، وتطبق الكلام الموجود فيه فقط، وتمر نظيفاً أمام الله، وهذه المذاهب كلها كفر، وموجود آيات في القرآن تُكفر هذا التشيع والتحزب والتمزق في الإسلام… لا يأتي واحد ويستغفلكم؛ أنت مالكي، وأنت شافعي، قل له؛ هل هذه موجودة في القرآن؟ ما دامت ليست موجودة في القرآن لا نتبعها ولا تدخل دماغنا) [67].

القذافي وادعاؤه النبوة:

لا يفترُ القذافي عن تذكير سامعيه ومشاهديه بأنه قد أتى بأمور وخوارق يعجز عنها البشر، وبالتالي فهي من صفات الأنبياء.

وقد اعترف القذافي بأنه نبي، وذلك خلال لقائه بالصحيفة الإيطالية “ميريلا بيانكو”، التي سألته: (يا رسول الله… أكنت راعي غنم؟)، فأجاب مسيلمة ليبيا الجديد: (بلى، فلم يكن هناك نبي لم يفعل ذلك) [68].

وقد تقدم حكم مدعي النبوة، وأنه كافر مرتد خارج من دين الإسلام، وذلك لما عُلم بالاضطرار من دين الإسلام؛ أنه لا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، وأنه خاتم النبيين.

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: (وقد أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه ورسوله صلى الله عيله وسلم في السنة المتواترة عنه؛ أنه لا نبي بعده، ليعلموا أن كل من ادعى هذا المقام بعده فهو كاذب أفاك ضال مضل) [69].

ويقرر القذافي أنه لا يُسئل عما يفعل: (أنا ما نيش – لست – مسئولاً أمام أحد، الذي قام بالثورة ليس مُعين، أنت لم تكلفه بالثورة، هو قام بها بنفسه وضحى بنفسه وتحمل مسؤوليته بنفسه، هذا مسؤوليته أمام ضميره وليس مسؤولاً أمام أحد آخر، الله مبدع، بديع السماوات والأرض، من الذي يحاسبه جاب – أحضر – لنا زوابع، عواصف، غير الطقس، جاب – أحضر – يوم القيامة، فجر الدنيا كلها، من يسأله؟.. الآن ما فيش – لا يوجد – حد – أحد – عيّنه، قال له؛ أنت إله وما تعملش – ما تعمل – فيد دربكة – اضطراباً – لا يصح هذا لأنه سبحانه وتعالى هو الخالق المبدع، يقول للشيء كن فيكون، فعّال لما يريد، رحمن رحيم، بديع السماوات والأرض، وبالتالي نحن الذين قمنا بالثورة مسؤولون أمام ضمائرنا) [70].

وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عندما قال واصفاً حال أمثال القذافي: (وما من أحد ادعى النبوة، إلا وقد ظهر عليه من الجهل والكذب والفجور واستحواذ الشيطان عليه ما ظهر لمن له أدنى تمييز) [71].

القذافي والحكم بغير ما أنزل الله:

أقام القذافي نظامه على الفكر الاشتراكي الشيوعي، ومن ثم حارب الدين حرباً يعرفها الخاصة والعامة، وأبعد شرع الله تماماً عن شؤون الحكم والإدارة، وأقام مكانه نظريته الجاهلية وكتابه الأخضر.

ورغم الشعارات البراقة الباهتة التي رفعها القذافي، ومن ضمنها “القرآن شريعة المجتمع”، وإنشائه لبعض المؤسسات والجمعيات، كـ “جمعية الدعوة الإسلامية العالمية”، التي حاولت تلميع صورة القذافي وإظهاره انه قائد وحيد للمسلمين، والتي كانت الذراع اليمنى في تنفيذ كثير من مشاريع القذافي الجهنمية في الداخل والخارج، رغم كل ذلك فإن الحقيقة؛ إن الشرع الذي يحكم به في ليبيا هو “شرع معمر القذافي”، ولا أحد غيره، فالقوانين الوضعية الجاهلية تم الغاؤها منذ خطاب “زوارة” عام 1973 م، وبقيت البلاد منذ ذلك الوقت تتقاذفها أهواء الطاغوت ونزواته وشهواته، فهو الذي يحكم البلاد ويتحكم في كل شؤونها الداخلية والخارجية ويدير دفة الأمور فيها بالكامل.

وتحت ما يُعرف بـ “الشرعية الثورية” مرر القذافي كافة مخططاته وبرامجه، وساس البلاد بسياسة الحديد والنار.

وقد نصت وثيقة “الشرعية الثورية” التي أصدرها ما يُعرف بـ “مؤتمر الشعب العام”، في مارس 1990 م، على أن التوجيهات التي تصدر عن القذافي ملزمة!! وأن الشرعية الثورية تستند إلى قانون الثورة الطبيعي، وهي بذلك حق مكتسب غير قابل للنقض والسحب!!

يقول القذافي: (أنا مش – لست – محتاج لتفويض السلطة منكم، لأن أنا عندي السلطة كلها بحكم الشرعية الثورية اللي أنا خذيتها – أخذتها – بالقوة من الأمراء والوزراء والملوك في العهد البائد، ونحن جلسنا في كراسيهم، وقعدنا نصدر القرارات، والسلطة من تلك اللحظة انتقلت للثوار، وأنا موجود في المكان اللي وصلت له بالقوة، وما حدش – لا يوجد أحد – يأخذها مني إلا بالقوة، وأنا بحكم الشرعية الثورية غير مسؤول أمام أي جهة، لأنه ما فيش أي جهة أعطتني السلطة بيش – حتى – تحاسبني عليها، أنا عندي الشرعية الثورية، الشرعية الثورية غير مسؤولة إلا أمام الضمير) [72].

لقد حارب القذافي كل من دعا إلى تحكيم شرع الله، وقتل وسجن الكثير من المشايخ والعلماء وشباب الإسلام، وشن حرباً لا هوادة فيها على كل من دعا إلى أن تكون الحاكمية لله وليس للقذافي ولا لغيره، وأجبر المرأة المسلمة على دخول الكليات العسكرية ليُنتهك عِرضُها، وتبرز مفاتنها أمام الرجال، وأخذ أموال المسلمين ظلماً وعدواناً، وصادر ممتلكاتهم تحت شعار “قوى الثوار تداهم مواقع الاستغلال”، وأحل للغوغاء والرعاع من الناس أن يستولوا على بيوت المسلمين تحت شعار “البيت لساكنه” – وقد مر حكم من أحل الحرام أو حرم الحلال، وأنه كافر مرتد بالاتفاق – وفرض كتابه الأخضر على المسلمين في ليبيا، والذي وصفه القذافي بأنه “إنجيل العصر الحديث”، وأنه في منزلة بشارة عيسى وألواح موسى عليهما السلام.

فهاهو يقول: (أقدم لكم أنا الإنسان البدوي البسيط الذي ركبت الحمار، ورعيت الغنم، ومشيت حافياً، وعشت عمري بين الناس العاديين البسطاء، أقدم لكم كتابي الأخضر بفصوله الثلاثة، الذي يشبه بشارة عيسى أو ألواح موسى، أو خطبة راكب الجمل القصيرة، الذي كتبته من داخل خيمتي التي يعرفها العالم، بعد أن هجمت عليها 170 طائرة وقصفتها بقصد حرق مسودة كتابي الأخضر التي هي بخط يدي، وجمعت المأثورات والحكم والبدهيات ودرست التاريخ، ووجدت أن البشرية قد ألفت الكتاب الأخضر، الذي هو دليل الانعتاق النهائي من العنف والاستغلال وصولاً إلى الحرية وتحقيقاً للسعادة، وجدت أن غاية الناس؛ السعادة، وأن الجنة الموعودة أو المفقودة هي السعادة) [73].

وللعلم فالكتاب الأخضر بفصوله الثلاثة؛ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، الذي أخرجه القذافي على غرار “الكتاب الأحمر” الذي أخرجه الشيوعي “ماوتسيتونغ” في الصين، يحوي حقائق خطيرة اكتشفها القذافي لأول مرة!!

فهاهو يقول في فصله الثالث، تحت عنوان “المرأة”: (المرأة والرجل إنسان… والمرأة تأكل وتشرب كما يأكل الرجل ويشرب… والمرأة تحب وتكره كما يكره الرجل ويحب… المرأة أُنثى والرجل ذكر… والمرأة طبقاً لذلك يقول طبيب أمراض النساء؛ انها تحيض وتمرض كل شهر، والرجل لا يحيض لكونه ذكر)!!

ويقول القذافي عن نظريته التي أسماها “النظرية العالمية الثالثة”: (هذه النظرية سوف تجعل لنا ديناً وتجعل لنا أخلاقاً وتجعل لنا علاقات جديدة نتعامل بها) [74].

ويقر القذافي أن كتابه الأخضر ليس كتباً دينياً أو أخلاقياً، فيقول: (فعندما تقول هذا الكتاب؛ كتاب ديني، ففي هذه الحالة من حقك أن تقف وتقارن بين الكتاب الأخضر وبين الدين، حتى تقول هذا لا يصح ككتاب ديني لأنه يخالف القرآن، لكن عندما آتي وأقول لك؛ إن هذا الكتاب ليس دينياً بل كتاب اقتصادي، فإنا عندي كتاب “آرآء جديدة بالسوق والتعبئة ومبادئ الحرب” ولا يمكن مقارنة هذا الكتاب مع القرآن، إذ لا توجد علاقة بينه وبين القرآن إطلاقاً… ولقد قلت؛ إن الكتاب الأخضر يحل المشكل السياسي والمشكل الاقتصادي، ولم اقل؛ انه كتاب ديني، حتى نقارن بينه وبين القرآن، إذ عندما تتم هذه المقارنة فإننا بذلك سنضر بالقرآن).

ولا ندري كيف سيضر بالقرآن؟! إلا إذا كان يرى أن كتابه أرفع وأسمى من كتاب الله، تعالى الله عن ذلك، لكن الأمر كما قال القائل:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها فلم يضرها وأوهى قرنه الوَعِلُ

ويضيف القذافي مهدداً من يقول؛ إن الكتاب الأخضر ضد الدين بأنه سيتعامل معه كما تعامل “اتاتورك” مع المسلمين الذين وقفوا في وجهه لما أراد فصل الدين عن الدولة وانه سوف يطبق الشيوعية، فيقول: (الآن يأتي شخص ويقول لي؛ الكتاب الأخضر ضد الدين، فأتصرف كما تصر “اتاتورك” وأغتاظ وأقول لك؛ خذ مزق الكتاب الأخضر وضعه في النار، وأحضر الكتاب الأحمر لأطبق الماركسية بكل ما فيها) [75].

ويعتبر القذافي “حركة اللجان الثورية” التي أنشأها لتدعيم حكمه وبث الرعب في قلوب المسلمين في ليبيا بسياسة الحديد والنار، يعتبر هذه الفرقة الكفرية هي نبي هذا العصر، فيقول: (“حركة اللجان الثورية”؛ هي نبي هذا العصر، عصر الجماهير، وهي بالفعل النبي، نبي عصر الجماهير؛ هو “حركة اللجان الثورية”، لكن من الصعب أن يصدقوها) [76].

وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ} [77].

القذافي ومظاهرة أعداء الله:

لقد تحولت ليبيا في عهد القذافي إلى ملاذ آمن لكل الحركات الهدامة في العالم، والتي وجدت من القذافي التشجيع والدعم بكافة أشكاله.

يقول عبد السلام جلود – أحد أعضاء الانقلاب الأسود – : (إن الجماهيرية تنفق 22% من الدخل السنوي على حركات التحرر ومقاومة الامبريالية والصهيونية)!!

فالقذافي هو المسؤول عن ظهور النصراني “جون قرنق” في جنوب السودان، حيث دعمه بالسلاح والعتاد والمال حتى أصبح قوة لا يُستهان بها.

والقذافي هو الذي دعم “منظمة الجيش الجمهوري” و “منظمة بادر منيهوف” و “الألوية الحمراء”، وهو الذي وقف مع الروس عند احتلالهم لأفغانستان ضد المسلمين الذين يقاتلون عن أعراضهم وينافحون عن دينهم، وهو…

وأخيراً – وليس آخراً – وفي أثناء حرب البلقان الدائرة بين المسلمين والصرب كان القذافي يزود الصرب بكافة احتياجاتهم من النفط الذي كان يتحول إلى رصاص يخترق صدور المسلمين وقذائف تُدَكّ بها مدنهم وقراهم.

لقد قام القذافي بإهدار ثروة الشعب المسلم في ليبيا بشكل رهيب، ويكفي أن نعرف – على سبيل المثال – ان دخل ليبيا السنوي من النفط لعام 1981م بلغ 25 مليار دولار، أنفقها القذافي في دعم التنظيمات الإجرامية بكافة أشكالها، وفي مشاريعه الفاشلة، كمشروع “النهر الصناعي” الذي كلف حتى الآن أكثر من 25 مليار دولار، أما الشعب المسلم فليس له أي اعتبار في حس القائد الملهم! وليذهب إلى الجحيم.

وقد حكم الله في أمثال هؤلاء فقال: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [78].

القذافي والحركات الإسلامية في ليبيا:

شن القذافي حرباً شرسة على الحركات الإسلامية، ووصفها بأوصاف يعرف هو بنفسه بعدها عن الحقيقة، ولكنه يسعى إلى التزييف والتشويه ليصد الناس عن سبيل الله ويضلهم عن الطريق الذي اختاره الله تعالى لهم.

والذي يتابع خطابات القذافي – خاصة في السنوات الأخيرة – يلاحظ أنها موجهة ضد الصحوة الإسلامية في ليبيا، والتي أحس بانها العدو الأول الذي يهدد ملكه وحكمه بالزوال، ولذا سعى في خطوة جريئة إلى استباحة دماء المخالفين له، وذلك عبر تصريحاته المتكررة وخطاباته المتوالية على شاشة الجهاز المرئي وموجات الراديو وصفحات الجرائد، وإصدار قانون لمحاربة الصحوة الإسلامية، عرف بقانون “الزندقة”، خاصة بعدما عرف ان شباب الإسلام في ليبيا يحكمون عليه بالكفر، فجن جنونه وخرج في الجهاز المرئي وهو يرغي ويزبد ويهدد ويتوعد ويستنكر تكفيره، خاصة وانه أصبح “إمام الأئمة” – على حد تعبيره –

إذ يقول: (ثم إني أنا كفروني، قالوا؛ والله معمر كافر، أنا يا أخي نصلي بأئمة المساجد… نصلي بملايين الناس في أفريقيا، ونصلي بالالآف في ليبيا… يصلي ورائي رؤساء دول… أنا لا أرضى لنفسي أن يكفرني واحد وأنا إمام الناس… أصبحت إمام لأئمة الأئمة وصليت بهم) [79].

وقد مر بنا الاجماع على ان من استحل دماء المسلمين فقد كفر، فما بالك بالذي يقنن القوانين لمطاردة الموحدين، وتنفيذ أحكام الإعدام في شهر رمضان وعند وقت الإفطار، ويسمي كل ذلك “عبادة”!!

يقول القذافي: (شفتوا – رأيتم – الإعدامات زي – مثل – “السلام عليكم” في شهر رمضان، لا يهمني رمضان، لا حرام، لا شيء، ما فيهاش حرام… هذه كانت عبادة… والله العظيم إلا لما تفطس الأشكال هذه – أهلك هؤلاء الأشخاص – … بدأوا يشنقوا فيهم في المؤتمرات بلا محاكمة، أنت كلب ضال… ضعه في المشنقة) [80].

وقد استحث الطاغوت القذافي أتباعه من غوغاء اللجان الثورية في خطاب ألقاه بمدينة بنغازي، بتاريخ 8/3/1979 استحثهم على ملاحقة كل من يقفون ضد نظامه، واستباحة دمائهم ومداهمة مواقعهم حتى ولو كان المكان المقصود مسجداً، وكان هذا الخطاب فتحاً لباب ما سُمي بـ “التصفية الجسدية في الداخل والخارج”، والذي صدر عن الملتقى الثالث للجان الثورية في فبراير عام 1980.

يقول القذافي في الخطاب المذكور: (من يريد أن يقف ضد الثورة فهذا أمر مفروغ منه، سنداهم هذا الموقع وندمره وحتى ولو كان مسجداً، وإذا كان في الخارج؛ علينا أن ننتقل إليه في الخارج فنهاجمه، وإذا حكمتم على شخص بالإعدام في أي مكان من العالم لأنه يستحق الإعدام… لأنه ضد الثورة، عليكم أن تعملوا من أجل ان يُنفذ هذا الحكم في أي مكان من العالم).

وهذا ما تم بالفعل، فقد قامت عناصر اللجان الشيطانية باقتحام بعض المساجد وانتهاك حرمتها بأرجلهم القذرة، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك؛ مسجد “القصر” الذي كان خطيبه محمد البشتي رحمه الله – أحد العلماء الصادعين بكلمة الحق – حيث تم اعتقاله وطائفة من تلاميذه، وذلك بعد عصر يوم الجمعة، بتاريخ 21/11/1980، كما قام رعاع اللجان الثورية بمطاردة وقتل الليبيين المعارضين للنظام بالداخل والخارج، الإسلاميين منهم والعلمانيين.

وفي هذا الباب قام المرتد القذافي بنشر مقال بدون توقيع، تحت عنوان “لتُنسف المقابر ثأراً لكبرياء الأرض”، وذلك في صحيفته المسماة بـ “الزحف الأخضر”، بتاريخ 28/4/1981، أعلن فيه بداية التصفية الجسدية لخصومه في الخارج، وهددهم بأن عائلاتهم لن تنال العطف والرحمة بل سوف ينكل بها.

يقول الطاغوت القذافي: (إن التصفية الجسدية لأعداء الثورة في الخارج قد بدأت، ولن تتوقف حتى تدمر كل المواقع والخنادق التي تستخدم لمهاجمة الشعب الليبي وتهديد حريته… وإن الموت سيلاحق الأعداء في كل مكان وفي كل ساعة… وإن عائلات الأعداء وأسرهم وأطفالهم لن تنال العطف والرحمة التي كانت تلقاها في الماضي، بل سينكل بها تنكيلاً أكيداً، ويتحمل الأعداء الفارون مسؤولية ذلك).

ولا ندري بعد كل هذا؛ أي شعب يتكلم القذافي عن حريته؟!

لقد ركز القذافي في حملته ضد معارضيه على الإسلاميين، وذلك لعلمه بالخطر الذي يشكله هؤلاء على نظامه، وقد استأثر هؤلاء بمعظم خطاباته التي دعا فيها إلى قتل واستباحة دماء المسلمين الموحدين الرافضين لدينه الجاهلي وشرعه الكفري ومنهجه الشيطاني.

يقول القذافي: (أقول لكم؛ انه يجب طرح هذا الموضوع على المؤتمرات الشعبية واستصدار قانون ضد الزندقة، بحيث تعتبر هالحركات هذه زندقة ومهدمة للإسلام ومضادة للأمة العربية وخطيرة جداً على المجتمع العربي وعلى المجتمع الإسلامي وعلى الدين الإسلامي، ومن يعتنقها يجب أن يستباح دمه، وعلى كل عائلة ليبية أن تفهم؛ إذا قالوا لك؛ ابنها خش – دخل – في الحركة وأُدين فيها، الله غالب، مثلما يقولوا لك؛ فيه سرطان في المرحلة الثالثة أو الرابعة… كان قالوا لك؛ واحد من عائلتك لقيناه في هذه الحركة، احسبه قالوا لك؛ فيه مرض “الأيدز”… انتهى… لا يمكن تشفع فيه شفاعة الشافعين، وزنديق لا بد من سحقه… ومن الآن فصاعداً حكم القانون يصدر من المؤتمرات الشعبية، كل واحد ثبتت عليه الزندقة يُسحق فوراً) [81]!!

وفي محاولة منه لهدم الحواجز بين سائر التيارات وتشويهاً للدعاة والمصلحين، يقول: (ومن ثم أي واحد تجدونه يقول؛ الدعوة أو الجهاد أو التكفير أو الاخوان، هذا تقطعوا رقبته وترمونه في الشارع، وكأنكم أمسكتم بذئب أو عقرب، لأن هذا سم، هذا شيطان، هذا زنديق، هذا بيخرب الإسلام) [82]!!

ويقول المتعطش لسفك دماء المسلمين الموحدين: (… هناك اتفاق من كافة الأقطار العربية – سواء كانت رجعية أو ثورية – على أن تعامل الزندقة مثلما تعامل الكلاب المسعورة… في مصر الآن يقتلون بدون محاكمة… إذا جاد أحد المتزندقين إلى الشارع يضرب بالرصاص كأنه كلب مسعور، لأنهم عندما يحققون معه يضعون أصابعهم في آذانهم ويرفضون أي تحقيق على الرغم من ان هذا التحقيق في صالحهم، إذن يقتل ويُرمى للكلاب ولا نستطيع دفنهم في مقابرنا، لأنهم هم معترضون على مقابر المسلمين، وقالوا؛ كلها غلط، ممنوع يدفن أي زنديق يُقتل في ليبيا أو في بلد آخر في مقبرة المسلمين ويُرمى للكلاب [83]) [84].

ويقول أيضاً: (… ولكن الواحد الصغير والصحيح عليه أن يقاتل… يخطب… يصفي الأعداء… إذا وجدت أحداً من الكلاب الضالة عليك أن تصفيه في الكعبة… في جبل عرفة… بين الصفا والمروة، لأن دم المارقين الذين يحاربونكم، يحاربون الجماهيرية التي جسدت الإسلام… هؤلاء دمهم مهدور لأنهم عملاء أمريكا ويجب قتلهم في كل مكان) [85].

ونُذكر القارئ الكريم في نهاية هذه النقطة ان القذافي قد اتخذ من السابع من أبريل من كل عام مناسبة وفرصة لقتل وإرهاب معارضيه وخصومه، خصوصاً على الصعيد الطلابي في الجامعات والمعاهد العليا، وفي كل عام يقوم رعاع اللجان الثورية الشيطانية بتقديم القرابين لطاغيتهم الذي يعبدونه من دون الله، وينقادون لحكمه ويرتضون رأيه، وهذه القرابين تتمثل في كل معارض للقذافي، خصوصاً الإسلاميين منهم.

ويبقى السر في اختيار هذا التاريخ مرتبطاً بمعرفة أصل القذافي ومعرفة أخواله الذين لم يُظهرهم على مسرح الأحداث إلى هذه اللحظة… وعندها سينكشف السر، ويُرفع الغطاء، وتتضح الحقيقة، ويعلم الجميع أن ذلك التاريخ – 7 أبريل – له ارتباط بما يُعرف بقصة “الفطير التلمودي اليهودي”!!

ورحم الله الأستاذ سيد قطب عندما تحدث عن ديدن الطغاة مع الدعوات الصادقة، وكأنه يصف حال المسلمين الموحدين مع الطاغوت القذافي في ليبيا، فيقول: (وهكذا لا يرى الطغاة إلا الرشد والخير والصواب! وهل يسمحون بأن يظن أحد أنهم قد يخطئون، وهل يجوز أن يُرى إلى جوار رأيهم وإلا فلم كانوا طغاة؟! ويصر الطاغوت على الباطل في وجه الحق، ويقاوم الدعوة إلى رب العالمين، ذلك انه يعلم يقيناً ان هذه الدعوة بذاتها هي حرب عليه بإنكار شرعية قيامه من أساسه… وما يمكن أن يسمح الطاغوت بإعلان أن لا إله إلا الله أو أن الله رب العالمين إلا حين تفقد هذه الكلمات مدلولها الحقيقي وتصبح مجرد كلمات لا مدلول لها، وهي في مثل هذه الحالة لا تؤذيه لأنها لا تعنيه، فأما حين تأخذ عصبة من الناس هذه الكلمات جداً بمدلولها الحقيقي؛ فإن الطاغوت الذي يزاول الربوبية – بمزاولته الحاكية بغير شرع الله وتعبيد الناس بهذه الحاكمية وعدم إرسالهم لله – لا يطيق هذه العصبة) [86].

[46] رواه مسلم عن أبي ذر.

[47] ذكرى جلاء الطليان، بتاريخ؛ 7/10/1989.

[48] ذكرى جلاء الطليان، بتاريخ؛ 7/10/1989.

[49] حوار مع بعض حفظة القرآن الكريم، بتاريخ؛ 3/7/1978.

[50] خطبة جمعة في مدينة “جادو”، بتاريخ؛ 11/7/1980.

[51] خطب وأحاديث القائد الدينية؛ ص 290.

[52] خطب وأحاديث القائد الدينية؛ ص 300 – 301.

[53] رواه ابن ماجة، وهو في صحيح الجامع، رقم؛ 7879.

[54] رواه مسلم.

[55] رواه الإمام أحمد وابن ماجة، وقال ابن كثير: (اسناده على شرط الصحيحين)، انظر صحيح ابن ماجة، رقم 1631.

[56] كلمة في المولد النبوي بمسجد “مولاي محمد”، بطرابلس، بتاريخ؛ 19/2/1978.

[57] لقاء مع أساتذة الجامعات، بتاريخ؛ 9/2/1982.

[58] اجتماع لجنة الأمانة العامة المؤقتة للقيادة الشعبية الإسلامية العالمية، بتاريخ؛ 19/12/1989.

[59] حوار مع حفظة القرآن بطرابلس، بتاريخ؛ 3/7/1978.

[60] كلمة في المولد النبوي بمسجد “مولاي محمد”، بطرابلس، بتاريخ؛ 19/2/1978.

[61] كلمة في المولد النبوي بمسجد “مولاي محمد”، بطرابلس، بتاريخ؛ 19/2/1978.

[62] الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإسلامي، ببنغازي، بتاريخ؛ 25/9/1989.

[63] خطابه أمام مجلس اتحاد الجامعات العربية، ببنغازي، بتاريخ؛ 17/2/1990.

[64] المعارج: 24.

[65] حوار مع حفظة القرآن بطرابلس، بتاريخ؛ 3/7/1978.

[66] الملتقى الثاني للجان الثورية بالجامعات والمعاهد، بقاعة التربية العقائدية، بطرابلس، بتاريخ؛ 30/3/1991.

[67] لقاء مع اللجان الثورية الطلابية، بطرابلس، بتاريخ؛ 18/3/1982.

[68] كتاب “القذافي رسول الصحراء”، للمؤلفة الإيطالية “ميريلا بيانكو”، ص 241.

[69] تفسير ابن كثير: 3/502.

[70] مداخلة في المؤتمر الشعبي، بحي الاكواخ – سابقاً – بطرابلس، بتاريخ؛ 27/1/1990.

[71] شرح العقيدة الأصفهانية، ص 89، نقلاً عن كتاب “نواقض الإيمان القولية والعملية” للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف؛ ص 185.

[72] مداخلة في المؤتمر الشعبي، بحي الأكواخ – سابقاً – بطرابلس، بتاريخ؛ 27/1/1990.

[73] السجل القومي؛ 21.

[74] افتتاح الدورة الاستثنائية للمؤتمر الدولي للحركات السياسية لشباب أوربا والبلاد العربية، بتاريخ؛ 14/6/1973.

[75] حوار مع حفظة القرآن، بمسجد مولاي محمد، بطرابلس، بتاريخ؛ 3/7/1978.

[76] محاضرة في المثابة الأم، بمدينة بنغازي، بتاريخ؛ 7/7/1990.

[77] الأنعام؛ 93.

[78] المائدة؛ 80 – 81.

[79] الجلسة الطارئة لمؤتمر الشعب العام، بطرابلس، 7/10/1989.

[80] ذكرى انقلاب القذافي، 1/9/1984

[81] الجلسة الطارئة لمؤتمر الشعب العام، بطرابلس، 7/10/1989.

[82] لقاء مع ما يُعرف بـ “براعم وأشبال وسواعد الفاتح”، 19/7/1990.

[83] لا تنسى أيها القارى الكريم؛ ان القذافي الذي يُصدر الأوامر ويسن كافة القوانيين الطاغوتية يقول انه ليس بحاكم ولا ملك ولا رئيس وإنما الحكم بيد الشعب!!

[84] لقاء مع طلبة الشهادات الثانوية والفنية، لعام؛ 1989 – 1990، بتاريخ؛ 29/8/1990.

[85] خطبة عيد الفطر، بتاريخ؛ 1395 هـ

[86] طريق الدعوة في ظلال القرآن؛ 1/31 – 32.

———————

المبحث الرابع؛ نظرة القذافي إلى بعض الشعائر الإسلامية والقضايا الأخرى
1) الصلاة:

(أُفضل صلاة الفرد على صلاة الجماعة، وأنا أحب أن أصلي في مكان مطلي بالسواد لكي لا يشغلني شيء عن الصلاة) [87].

(الصلاة؛ لم أعد أصليها جهراً مثلكم، لأن الطبيب يوصيني بعدم إجهاد رقبتي أكثر من هذا، وربما بعضكم رآني أصلي المغرب والعشاء سراً، لا أستطيع أن أصليهم كل يوم جهراً من كثرة الكلام الذي أقوله لكم) [88].

2) الصيام:

(الصيام يومياً خسارة… هو عذاب ما في ذلك شك، من الذي يقول؛ الصيام هذا راحة؟ وإلا حاجة تُقبل؟ إنه حاجة صعبة وحاجة مكروهة) [89].

3) الحج:

(أصبح الحج في هذا العام – يعني عام 1400 هـ – عبارة عن مكاء وتصدية كما كان في الجاهلية… فأي معنى للحج هذا العام؟ وأي معنى للحج في الأعوام المقبلة إذا استمر الاححتلال الأمريكي لبيت الله الحرام؟ أما الذي يتجاهل هذه الحقيقة ويذهب ليؤدي الشعائر التقليدية حول الكعبة وحول الصفا والمروة وعلى جبل عرفات، إنما هو يمارس في هذه الحالة عبادة ساذجة ليست هي التي أرادها الله… والآن مئات الآلاف من المسلمين وهم يؤدون شعائر الحج تحت ظلال الطائرات الأمريكية، ويعتقدون أنهم سيعودون وقد غُفرت ذنوبهم وقُضيت حوائجهم، ولكن لن تُغفر هذه الذنوب، ولن تُقضى هذه الحوائج إلا إذا تحول الحج إلى معركة، وتحول الدعاء للغفران إلى دعوة للجهاد والقتال) [90].

4) الكعبة:

(إن الكعبة هذه؛ هي آخر صنم ما زال باقياً من الاصنام) [91].

5) رمي الجمار:

(ترجمون الحجرات؟! كان يجب أن ترجم الصهاينة في فلسطين، كل واحد منا يحمل سبع حجرات ويذهب بها إلى فلسطين، هذا هو الجهاد، هذا هو رمي الجمرات… ماذا تعني ترمي سبع جمرات على تمثال؟! الذي هو نيابة عنه، هذا هو الحج الحقيقي في هذه المرحلة) [92].

6) الاسراء والمعراج:

(لا يوجد في القرآن حاجة اسمها المعراج اطلاقاً، خاصة في مسألة الإسراء، وليس هناك أي مصدر لحكاية المعراج تعتمد عليه… ولو كانت المعراج هي وقعت بالفعل أو فيه شيء اسمه المعراج لكان القرآن ذكرها… هذه القصة الخيالية التي تُسرد دائماً على ألسنة الفقهاء ليس لها ما يدعمها من مصدر وحيد للمعلومات في هذا الخصوص وهو القرآن، خاصة حكاية البراق، هذه خرافة تماماً ليس لها وجود، من هنا يجب أن ينتهي الجانب الأُسطوري في الإسراء والمعراج) [93].

7) الحجاب:

(حواء ما كانش عندها ملابس بالمرة… تفهم خير من ربنا؟! ربنا خلقنا هكي – هكذا – من الأول، هذه هي الطبيعة، احنا – نحن – لولا الشيطان ما عملنا حتى ورقة التوت، الشيطان هو الذي جعلنا نرتدي هذه الملابس، أما قبل فكانت الطبيعة هكذا، الحجاب نفسه من عمل الشيطان، لأن الحجاب تعبير عن ورقة التوت، وورقة التوت هي من عمل الشيطان، بدل أن نتحرر ونمشي إلى الأمام… لا… المرأة تحتجب وتقعد في البيت… حرام… الحجاب؛ حجاب معنوي…) [94].

8) تعدد الزوجات:

(الزواج باثنتين أو بأربع غير موجود في القرآن… القرآن لا توجد به إلا آية واحدة بهذا الخصوص… إذا أبحتم تعدد الزوجات، فالطرف الذي يُبيح تعدد الأزواج يقول؛ ما هو النص الذي يسمح للرجال بتعدد الزوجات، ويمنع المرأة من تعدد الأزواج؟ والمجتمع لا يقبل هذه الأشياء التي كانت موجودة في يوم ما في المجتمعات، حيث كان هناك تعدد الزوجات وتعدد الأزواج، لكن هذه ألغيت بعد أن تحضر المجتمع، حيث أصبح زوج وزوجة) [95].

9) الصحابة رضوان الله عليهم:

(إن رسول الله برئ من الخلفاء الذين أتوا بعده، إذا كان عليّ خليفة رسول الله فلماذا قاتله نصف المسلمون، وقتلوا أولاده من بعده… عثمان لا يصلح للحكم لأنه ارستقراطي، ومكن أقاربه من حكم المسلمين ونشر الواسطة والمحسوبية في الدولة العربية الإسلامية في ذلك الوقت فقتلوه…) [96].

(خلفاء رسول الله لم يكونوا يعاملونها كإنسانة… المرأة لم تكن مضطهدة قبل المرحلة الدينية، أدعياء الدين هم الذين اضطهدوها لكي يحققوا رغباتهم ويتحكموا في عباد الله باسم الدين) [97].

10) مسجد النبي صلى الله عليه وسلم:

(لا يمكن الرسول يقول؛ تشد الرحال إلى مسجدي هذا أبداً، لأن مسجد الرسول في ذلك الوقت ما له قدسية… أيش هي القدسية في مكان بنى فيه الرسول مثل قدسية الفاتيكان… أو قدسية قُم بالنسبة لإخواننا الشيعة أو كربلاء أو النجف… ما لها أي قدسية… الأماكن المقدسة عند الله معروفة… البيت العتيق، المسجد الأقصى، جبل الطور، وادي طوى، ” [فـ] اخلع نعليك إنك في الوادي المقدس طوى”) [98].

11) تشبيه نفسه بالله عز وجل:

(كن فيكون، كلمة فيكون قد تحصل بعد مليون سنة مثلاً، أيتها السحابة الكونية؛ كوني كواكب سيارة من الشمس إلى الأرض… الخ… بعد 400 مليون سنة… ما دام الله قرر هكذا فعلاً بعد 400 مليون سنة ستكون بهذا الشكل… كن فيكون، يعني؛ كوني هكذا، فكانت حسب المدة… أنا قلت؛ ثورة بعد عشرين سنة، وعملت من أجلها… قامت… نعم فلتكن ثورة، فكانت ثورة) [99].

12) عقوبة الرجم:

(عقوبة الرجم ليست موجودة في القرآن، إذ لا توجد عقوبة في القرآن تقول؛ الذي يرتكب الفعل الفلاني ارجموه، أبداً، بل قال؛ الذي يسرق اقطعوا يده، والزاني اجلدوه مئة جلدة، ولم يذكر عقوبة أخرى… لكنه يقول؛ كل الأعمال والعقوبات المشينة تبقى يوم القيامة… معظم آيات القرآن ليست دنيوية، ليست وضعية، لا تتعلق بالمشاكل التي نحن نخلقها يومياً، وإنما تتعلق بيوم القيامة، تتعلق بالحياة بعد الموت) [100].

13) الربا:

(النظام المصرفي؛ نظام عالمي… العالم الإسلامي كله يتعامل فيه… إذا جربوه احنا معاهم… مين اللي – الذي – قال؛ حرام؟ مش حرام، والنظام المصرفي لا يصدق انه حرام) [101].

14) مفهوم الدين:

(الدين في المستوى الاجتماعي لا يقود السياسة، إنما هو علاقة فردية بين الفرد وربه، وأخلاق في الأسرة وأخلاق فردية، وفي النهاية إيمان روحي، وليس للإنسان علاقة بشخص آخر في إيمانه وروحه، أن تؤمن أو تكفر، هذه ليست مهمتي أنا، ولا أحد مسؤول عن آخر أن يقوده إلى الجنة أو إلى النار إلا الأنبياء، والأنبياء انتهت مرحلتهم) [102].

(لا نسمح لأحد أن يحكمنا باسم الدين… واحد يعلمنا الدين ليس نبياً، لما يُبعث محمد من جديد أو ينزل عيسى، ويقول؛ أنا اعلمكم دينكم، ممكن نسمع) [103].

(معظم آيات القرآن ليست دنيوية، ليست وضعية، لا تتعلق بالمشاكل التي نحن نخلقها يومياً، وإنما تتعلق بيوم القيامة، تتعلق بالحياة بعد الموت) [104].

15) القرآن الكريم:

(… ونتوجه في هذا المؤتمر الإسلامي العظيم، ومن هذا البلد الإسلامي العظيم، بلد عمرو بن العاص… نتوجه بالنداء إلى جماهير الإسلام في كل مكان؛ أن نلقي بالمعاول، وأن نلقي بالمسابح، وربما حتى بالمصاحف في هذه الساعات العصيبة… جدير بنا أن نقطع المسابح إذا كانت تُلهي أيدينا عن حمل السلاح، ونلقي حتى بالمصاحف فوق الرفوف إذا كانت تُلهينا عن تطبيق ما فيها) [105].

16) المساجد:

(… المساجد هي بيت الله، وبيت الله لا يُذكر فيه إلا اسمه، فعندما ندخل المسجد لصلاة الجمعة وغيرها من الصلوات الأخرى، فعلينا أن نترك الدنيا خارج باب المسجد، فلا نتحدث فيها، ولا في شؤونها، ولكن نتحدث فقط في دين الله، ونذكر كلمات الله) [106].

17) الجهاد:

(المصدر الصحيح في الجانب الإسلامي هو القرآن، وأؤكد ان علاقات المسلمين لا تنطبق مع القرآن الآن، فهناك عدد كبير جداً من المسلمين يعتقد أن الحرب بين المسلمين والمسيحين، أو بين المسلمين واليهود؛ هي جهاد مقدس، وهذا ليس صحيحاً كما يقول القرآن، ذلك ان الجهاد يكون بين المؤمنين وبين الكافرين، أما بين مؤمن ومؤمن؛ فليس هناك شيء اسمه جهاد… وما دام المرجع الصحيح هو القرآن؛ فإن أول حقيقة نستطيع أن نؤكدها هنا؛ ان الجهاد ضد أهل الكتاب مفهوم خاطئ) [107].

(من المستحيل أن تقوم حرب مقدسة بين المسلمين والمسيحين أو اليهود، لأننا كلنا ننتمي إلى سلالة إبراهيم أبونا الأول، وفي مواجهة جميع أشكال الوثنية نحن جميعاً) [108].

(والحرب مع إسرائيل لا نعتبرها دينية بين اليهود والمسلمين، ولكن بين قوم اعتدوا على قوم، بغض النظر عن دينهم [109]) [110].

18) الخلافة:

(واحد ينصب نفسه أمير أو خليفة؛ هذه سنقاتل دونها، ولا يمكن أن نمد رقابنا مرة ثانية لأي خليفة بعدما القوافل منا ذهبت ضحية سيف الخليفة الظالم اللي ما أنزل الله به من سلطان… الله ما قالش؛ فيه خليفة أبداً… لا زلنا في عصر الخليفة بعد عصر الجماهيرية؟! هو النبي ما قالش؛ أنت مسيطر عليهم) [111].

19) الفتوحات الإسلامية:

(إن كل ما حصل منذ وفاة الرسول كام عملاً مدنياً سياسياً، لا علاقة له بالله أبداً… ثم من الذي قال؛ ان الرسول كان يريد فتح الأندلس مثلاً؟ أو إيطاليا أو قبرص أو إيران؟ ماذا استفدنا من إيران إسلامية كانت أم غير إسلامية؟ إن إغارة المسلمين على إيران وإدخالها إلى الإسلام كان عملاً مدنياً سياسياً حربياً، حُمل على الله وعلى النبي وعلى القرآن، وهو في الحقيقة كفر وخروج عن رسالة الإسلام نفسها، من قال لهم؛ افتحوا إيران ودمروها وادخلوها في الإسلام غصباً؟ وهي التي لم نستفد منها حتى يومنا هذا وإلى يوم القيامة) [112].

20) البحث العلمي والدين:

(النظام القبلي والنظام الديني لا يسمحان بحرية البحث العلمي… هذه حقيقة، لأن النظام القائم على الدين سيحور الدين حتى يصبح سياسياً، وبالتالي ستكون جملة تحريفات وتشويهات وتزويرات للدين، حتى يركب تعسفياً على النظام السياسي، أو النظام السياسي يركب تعسفياً على الدين، حتى يحكم باسم الله ويحكم في رقاب عباد الله… وبالتالي لما يكون المجتمع قائماً على نظام سياسي ديني يمنع الاجتهاد ويمنع البحث العلمي… في مجتمع يحكم باسم الدين، ما فيه إمكانية انك تحقق عدالة ولا ديمقراطية ولا بحث علمي… ولا يمكن تزدهر الحرية أبداً، إذا أنا رفعت السيف وكتبت عليه؛ بسم الله [113]) [114].

(سأحرق وأمزق كل الكتب المضللة المستوردة سأشن ثورة على المكتبات والجامعات وعلى كل شيء مكتوب، سنحرق كل فكر مضلل، وليرج بعد ذلك المرضى والمعتوهون والخنافس، إنهم مرضى وقد جاءهم المرض من كتب الشرق والغرب المضللة، الرجعية الشرقية، والغربية الشيوعيية والرأسمالية، هذه الكتب ستُحرق، ومن يقف معها سيُحرق أيضاً) [115].

21) الدولة الفاطمية:

(يجب على الحكومات العربية أن تقرر الوحدة العربية فوراً… إذا كان العرب ما بيعملوا وحدة بسرعة قبل أن تصل أمريكا إلى ديارنا، فنحن سنعلن الخلافة الإسلامية والدولة الفاطمية الثانية في شمال أفريقيا وفي الوطن العربي) [116].

22) الاشتراكية:

(… ماذا يقول القرآن في الأغنياء، في الرأسماليين، الذين يعارضون الاشتراكية؟ إن الاشراكية هي المساواة… مشاركة أبناء البلد في ثروة بلادهم… هذه هي الاشتراكية… ها هي الآن تتحقق الاشتراكية من جديد، وتنكسر قيود الاستغلال… فما دام المسلمون في ليبيا استيقظوا وقاموا بالثورة، ولا نخجل من أن نقول؛ هذه ثورة إسلامية واشتراكية، وقمة اليسار، حتى نبين حقيقة الإسلام) [117].

23) العدوان الصربي على مسلمي البوسنة والهرسك:

(إن الاغلبية في البوسنة والهرسك هم صرب وكرواتيين وكاثوليك وأرثوذكس، وإن المسلمين أقلية في البوسنة والهرسك… إن ما يحدث الآن في البوسنة والهرسك عبث ومهزلة، وليس له علاقة بالإسلام… إنه لا يوجد حل لهذه المشكلة، لا بقوات الأمم المتحدة ولا بالمؤامرات والانتقام من يوافيا، ولا بالمساعدات، ولا بالتباكي على المسلمين… إن الحل في البوسنة والهرسك وصربيا والجبل الأسود هو بتشكيل يوافيا الجديدة) [118].

[87] السجل القومي؛ 11.

[88] الجلسة الطارئة لمؤتمر الشعب العام، بطرابلس، بتاريخ؛ 7/10/1989.

[89] خطاب القاذفي بتاريخ؛ 24/9/1979.

[90] خطبة عيد الأضحى، بمدينة جادو؛ 19/10/1980.

[91] افتتاح مجلس اتحاد الجامعات العربية، بمدينة بنغازي؛ 17/2/1990.

[92] الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني للقيادة الشعبية الإسلامية العالمية، بمدينة بنغازي، طرابلس؛ 19/3/1990.

[93] حديث إذاعي بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، بتاريخ؛ 24/6/1976.

[94] كلمة أمام البرلمان التونسي، بتاريخ؛ 8/12/1988.

[95] حوار مع حفظة القرآن الكريم؛ 3/7/1978.

[96] الملتقى الثاني لللجان الثورية بالجامعات والمعاهد العليا، بطرابلس، بتاريخ؛ 30/3/1991.

[97] يوم المرأة العالمي، بمدينة بنغازي، بتاريخ؛ 10/3/1989.

[98] اجتماع لجنة الأمانة المؤقتة للقيادة الشعبية الإسلامية العالمية، بتاريخ؛ 19/12/1989.

[99] خطاب القذافي أمام مجلس اتحاد الجامعات العربية ببنغازي، بتاريخ؛ 17/2/1990.

[100] حوار مع حفظة القرآن الكريم؛ 3/7/1978.

[101] مؤتمر صحفي عالمي، بتاريخ؛ 13/7/1973، وذلك إجابة على سؤال مندوب رويتر الإنجليزية، فرع مصر.

[102] لقاء مع الأدباء التونسيين خلال زيارته لتونس، بتاريخ؛ 24/2/1982.

[103] الجلسة الطارئة لمؤتمر الشعب، بطرابلس، بتاريخ؛ 7/10/1989.

[104] حوار مع حفظة القرآن الكريم؛ 3/7/1978.

[105] خطاب عيد الاضحى، 1400 هـ، 1980.

[106] خطاب عيد الاضحى، بطرابلس، بتاريخ؛ 10/11/1978.

[107] خطب وأحاديث القائد الدينية؛ 100 – 101.

[108] السجل القومي؛ 9/751.

[109] هكذا قال الزنديق، لكن الله تعالى يقول: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[التوبة].

[110] خطاب القذافي، بتاريخ؛ 1/4/1978.

[111] الجلسة الطارئة لمؤتمر الشعب العام، بتاريخ؛ 7/10/1989.

[112] الملتقى الثاني للجان الثورية بالجامعات والمعاهد العليا، بطرابلس؛ 30/3/1991.

[113] ولكن نحن نتساءل وكذلك الشعب الليبي؛ ما الذي حدث ويحدث الآن عندما شُهرت المسدسات ووجهت البنادق إلى صدور المؤمنين، وكتب عليه؛ باسم الثورة أو باسم الفاتح؟!

[114] خطاب القذافي أمام مجلس اتحاد الجامعات العربية، ببنغازي؛ 17/2/1990.

[115] خطاب القذافي في مدينة زوارة، بتاريخ؛ 15/4/1973.

[116] خطبة عيد الفطر؛ ابريل 1992.

[117] خطبة عيد الاضحى؛ 10/11/1978.

[118] صحيفة الجماهيرية، بتاريخ؛ 8/9/1992.

——————–

المبحث الخامس؛ وقفات على كتاب “القرية القرية… الأرض الأرض… وانتحار رائد الفضاء”
لقد ملأ القذافي خطاباته سخرية واستهزاء بالكثير من تعاليم هذا الدين، وبإطلالة سريعة على كتابه الأخير، وهو بعنوان “القرية القرية… الأرض الأرض… وانتحار رائد الفضاء”؛ يتبين لنا هذا الأمر، حيث استغل القذافي الجانب الأدبي لتحقيق مآربه ونفث سمومه، ويجزم القارئ الفطن بأن القذافي تعمد اظهار هذا الكتاب بالشكل القصصي بعد أن ملأه كفراً وزندقة حتى لا يُحاسب على ألفاظه وتعبيراته الشيطانية، بحجة أن ذلك أسلوب من الأساليب الأدبية المتبعة في الكتابة كما يفعل شعراء الحداثة!!

وقبل أن نسوق بعض الأمثلة، نحيط القارئ علماً بأن مجلة “ليفنمان دوجودي” الفرنسية قامت بعرض هذا الكتاب على طبيب نفساني شهير، فكان تحليله كالتالي: (إن هذا الكتاب يصلح لتدريسه لطلاب الطب النفسي، كونه يجمع كل عناصر هستيريات جنون العظمة، وصاحبه يعاني من مرض إحباط جنوني، أي هستريا جنون العظمة)!

وها نحن نذكر بعض الأمثلة الظاهرة الواضحة في الكتاب، ناصحين الأخ المسلم أن يرجع بنفسه إلى الكتاب المذكور حتى يرى بأم عينيه خبث هذا الباطني اللئيم وكفره.

ففي قصة؛ “الفرار إلى جهنم”:

يصف القذافي كيف فر إلى جهنم، وكيف تمكن من المنام في قلبها مرتين، وان أجمل ليلتين في جياته، هما اللتان قضاهما في قلب جهنم، وان الطريق إليها ليس كما يصفه الدجالون – يقصد العلماء والمشايخ وربما الأنبياء – الذين يصورونها لنا من خيالهم المريض على حد تعبيره.

يقول القذافي: (وقفت لأسلك أقصر الطرق إليها، واختار أقربها إلى قلبها… ولعلي اسمع لها زفيراً، ولكن جهنم ساكنة تماماً، وهادئة للغاية، وثابتة كالجبال التي حولها، ويحوطها سكون عجيب ويلفها وجوم رهيب… لم أر لهباً ولكن الدخان فقط يُخيم فوقها… انحدرت نحوها بشوق مسرعاً في الخطى قبل مغيب الشمس، أملاً في الحصول على مرقد دافئ في قلبها… لجهنم شعاب مظلمة ووعرة… يخيم عليها الضباب وحجارتها سوداء محروقة منذ أقدم الزمان) [119].

وتعليقاً على هذا الهراء، نقول لمسيلمة العصر؛ إنك ستراها إن مت على ما أنت عليه، وستدخلها، ولكنك ستجدها كما وصفها رب العالمين سبحانه وتعالى؛ حامية ذات لهب وذات زفير.

وفي قصة “الموت”:

يتساءل القذافي؛ هل الموت ذكر أم انثى، ثم يرجح انه ذكر، ويقول: (وأنا من خبرتي ومصائبي من الموت تأكدت من هذا… فالموت ذكر مهاجم دائماً، ولم يكن في حالة دفاع حتى ولو هزم، وهو شرس وشجاع، ومخادع جبان في بعض الأحيان، والموت يُهزم ويُرد على أعقابه خاسراً مدحوراً، ليس كما يظن انه ينتصر في كل هجوم، كم من معركة مقارعة وجهاً لوجه، خارت فيها قوى الموت وتراجع مثخناً، وولى منهزماً… فهو يخطئ ويصيب، ويقضي ويفشل، ويهجم ويُهزم) [120].

ثم يصف الموت بأنه مراوغ ومتلون ومتقلب وقادر على التقمص والانتحال وجبان ويطعن في الخلف ويقرص من الرجل ويغوص في التراب وهو حية خبيثة وهو غبي وهو الواثق المغرور.

ثم يصور المعركة الدائرة بين الموت وأبيه، وكيف كان أبوه يصد الموت الذي يكيل ضرباته من أجل القضاء عليه، ثم: (إن أبي يطول عمره… والموت يطول عمره… أبي يستمر عناده… والموت لا يتوقف عن اصطياده) [121].

ويتابع قائلاً، فيقول: (فعليكم بمقاومة الموت لإطالة أعماركم، مثل أبي الذي لم يستسلم له يوماً، وقاتله دون خوف منه حتى بلغ مئة سنة، برغم أنف الموت الذي أراد أن ينهيه في الثلاثين) [122].

فأبوه طال عمره رغم أنف الموت، ورغم قدرة الله، تعالى الله عما يقول الزنادقة علواً كبيراً.

وفي قصة “ملعونة عائلة يعقوب، ومباركة أيتها القافلة”:

يبتدئ بتعريف المقصود بـ “عائلة يعقوب”، وانها هي عائلة النبي يعقوب عليه السلام، وان ابنها يوسف نبي الله الأمين على خزائن الأرض، ثم يُعرف القافلة بأنها التي أخرجت يوسف عليه السلام من غيابات الجب، ثم يبداً سيل الاتهامات واللعن والتحقير.

فيقول أخزاه الله: (لتعلم أنها ملعونة عائلة يعقوب، وأنها ليست جيدة ولا مباركة… تلك هالة مزيفة خُلقت حولها… وتمجيد في غير محله لعائلة يعقوب التي لا تستحقه… ملعونة عائلة يعقوب، حتى وإن كان جدها إسحاق وابنها يوسف، إنها من أحط العائلات وأشدها كفراً ونفاقاً… إنها حَرية بالخزي والتحقير… ملعونة عائلة يعقوب، كذابة وغادرة وخائنة… فهي أصلاً عائلة مجهولة، محتقرة، وضيعة، وتابعة، تسكن البادية- كما هو مذكور في القرآن – وهي عائلة بطبيعة حالها من الرعاء) [123].

ويختم هذا الزنديق سبه وشتمه لعائلة يعقوب عليه السلام بقوله: (حمداً لله الذي كشف لنا عائلة يعقوب عليه السلام في القرآن الكريم، واتضح انها لم تكن حفيظة على يوسف، بل كانت نكيد له كيداً وتمهله رويداً، فهو يبني لها مجداً وهي تحفر له جباً، إن أبناء عائلة يعقوب خبثاء وتافهون) [124].

ومن الواضح أن هذا الشتم واللعن ينافي ما جعله الله شرطاً في الإيمان بالأنبياء، وهو توقيرهم والتأدب معهم، وقد مر معنا أن حكم من سب نبياً من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو لعنه أو انتقصه فهو كافر بالإجماع.

قال أبو حنيفة رحمه الله: (من كذّب بأحد من الأنبياء أو تنقص أحداً منهم أو برئ منه فهو مرتد) [125].

قصة “دعاء الجمعة الآخرة”:

وقد ملأ القذافي هذه القصة بالاستهزاء والسخرية من كثير من اعتقادات المسلمين، وعلى رأسها التوجه بالدعاء إلى الله عز وجل، كما سخر من الكثير من علماء المسلمين كابن تيمية وابن كثير، والحركات الإسلامية والمعاصرة، وبعض مفكريها كالاستاذ سيد قطب رحمه الله وكتابه القيم “في ظلال القرآن” الذي نال نصيباً وافراً من سب وسخرية واستهزاء القذافي.

يقول: (المهم ان أبناء هذه الأمة قد لفتوا انتباه الشباب لهذا السر الخطير وسهروا الليالي الطوال في البحث العلمي، حيث نقبوا بطون الكتب الصفراء، وأكدوا لنا ان الدعاء في الجمعة الآخرة من رمضان كفيل بإفشال كافة المخططات الجهنمية المعادية، وإبطال مفعول علوم العصر… المهم حفظ هذا الدعاء الذي سيأتي نصه في هذا المقال… وبشرط أن تشترك في اللج به ألسنة كل المسلمين في المناطق التي ذكرت عدا المستثناة، أما الدعاء فهو؛ “فهم لا يبصرون” ألف مرة في الدقيقة يوم الجمعة الآخرة من رمضان مع كلمة آمين، هذا الدعاء صحيح مجرب، فهو قادر على جعل اليهود لا يبصرون الأهداف الحيوية للعرب… أما التعويذة الأخرى فهي مجرد قراءة كتاب “في ظلال القرآن”) [126].

ثم يستهزئ ببعض السنن، وببعض الكتب المؤلفة في بعض المسائل الشرعية… ويُضيف في استهزاء واضح وكفر ظاهر: (… أما الذي يريد توحيد الأمة العربية لكي تقوى وتتقدم على العدو، فعليه أن يردد وراء الإمام في نفس الجمعة المذكورة؛ “اللهم إن ضعفنا لا يخفى عليك وأمرنا بين يديك، وإنك تعلم أننا لا نملك خاتم شبيك لبيك، وتعلم أن اليهود والنصارى صعدوا بصورايخهم وأقمارهم إليك… ونحن لا نجاريهم في كفرهم هذا بغزو الفضاء ونتوسل إليك…) [127].

ويختم القصة بهذا الدعاء: (اللهم أهد المسلمين إلى طريق الحق، وجاهدهم في بعضهم بعضاً، واجعلهم يكفر بعضهم ببعض، ويهجر بعضهم بعضاً، ويقتل بعضهم بعضاً، حتى يتحالفوا مع أهل الكتاب، إنك مجيب، فوحدنا تحت راية واشنطن وتل آبيب، واجعلهم هم وأولادهم ونسائهم وأموالهم غنيمة للمسلمين، مع ضمان توزيع هذه الغنائم توزيعاً عادلاً، لا يسار ولا يمين… آمين) [128].

وما يقال في هذه القصة يقال في القصة التي تلتها والتي هي بعنوان “وانتهت الجمعة دون دعاء”، حيث ملأها كأختها استهزاءً وسخرية وتهكماً وكفراً، وختمها بوصف الحركات الإسلامية بانها “مجوسية باطنية”، والأمر كما يقول المثل؛ رمتني بدائها وانسلت!

[119] كتاب؛ “القرية القرية… الأرض الأرض… انتحار رائد الفضاء”؛ ص 49 – 50، بتصرف يسير، نشر الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان بليبيا، الطبعة الأولى؛ 1994.

[120] كتاب؛ “القرية القرية… الأرض الأرض… انتحار رائد الفضاء”؛ ص 65 – 66، بتصرف.

[121] المصدر السابق؛ ص 75.

[122] المصدر السابق؛ ص 79.

[123] كتاب؛ “القرية القرية… الأرض الأرض… انتحار رائد الفضاء”؛ ص 84 – 88، بتصرف.

[124] كتاب؛ “القرية القرية… الأرض الأرض… انتحار رائد الفضاء”؛ ص 88.

[125] الشفا للقاضي عياض، 2/1098.

[126] كتاب؛ “القرية القرية… الأرض الأرض… انتحار رائد الفضاء”؛ ص 106 – 107.

[127] المصدر السابق؛ ص 109.

[128] كتاب؛ “القرية القرية… الأرض الأرض… انتحار رائد الفضاء”؛ ص 111.

——————–

الخاتمة
لا شك أن من قرأ أقوال القذافي الواردة في هذا الكتاب سوف يظهر له كفر هذا الطاغوت الذي أفسد البلاد والعباد، وأهلك الحرث والنسل.

وإذا تقرر كفره – ويشاركه في الحكم كل طاغوت ثبتت ردته – وجب السعي لقتاله، وإزالته من الحكم، وإقامة حكم الله فيه.

ثبت في الصحيحين من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: (بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا، وألا ننازع الأمر أهله، قال: “إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان”).

وقد قرر هذا علماؤنا وأئمتنا، ونصوا على أن الحاكم إذا كفر وجب الخروج عليه، وقد نقل النووي وابن حجر والقاضي عياض وغيرهم الإجماع على ذلك.

يقول ابن حجر عن الحاكم: (إنه ينعزل بالكفر إجماعاً، فيجب على كل مسلم القيام بذلك، فمن قوي على ذلك فله الثواب، ومن داهن فعليه الإثم، ومن عجز وجبت عليه الهجرة من تلك الأرض) [129].

ويقول القاضي عياض: (أجمع العلماء على ان الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلى انه لو طرأ عليه الكفر انعزل…)، إلى أن قال: (فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة؛ خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه وخلعه ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة؛ وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، فإن تحققوا العجز؛ لم يجب القيام، وليهاجر المسلم من أرضه إلى غيرها ويفر بدينه) [130].

ولأجل أداء الفرض المتعين على المسلمين في زماننا هذا نتيجة لوجود موجبات الجهاد مجتمعة – كفر الحاكم، ظهور الطوائف الممتنعة، استيلاء الكفرة والمرتدين على أراضي المسلمين، امتلاء سجون الطواغيت بأسرى المسلمين، غياب الخلافة الإسلامية [131]؛ قامت الجماعات الجهادية في بعض الأقطار تقاتل من كفر بالله وبدل شرعه وحارب أوليائه واستهزأ بكتابه ورسوله، مقدمة الشهداء تلو الشهداء، ومتحملة الجراح واللأواء، لا يضرها من خذلها أو خالفها، ويكفيها بشارة نبيها صلى الله عليه وسلم: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم، لا يضرهم من خالفهم حتى تأتي الساعة وهم على ذلك) [132].

وعلى الجماجم والأشلاء سارت قافلة القوم، ترتل قول الله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [133].

ومن هذه الجماعات الجهادية التي قامت دفاعاً عن حياض هذا الدين وإقامة لشرع رب العالمين؛ الجماعة الإسلامية المقاتلة، بليبيا، والتي أخذت على نفسها العهد ألا تضع السلاح حتى يحكم الله بينها وبين نظام الردة والعمالة، وحتى تُطهر ليبيا من الكفر والطغيان وترفع عليها راية التوحيد.

يقول الشيخ أبو المنذر الساعدي: (إن النظام القائم في ليبيا نظام جاهلي كافر، ويجب على كل مسلم في ليبيا أن يساهم في خلعه وقتاله بكل ما يقدر عليه من قتال فعلي، أو إعانة للمقاتلين، وإن المتخلف عن هذا الفرض الرباني لغير عذر من مرض أو عمى أو عرج أو نحو ذلك، هو مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، ومرتكب الكبيرة؛ فاسق).

وقال أيضاً حفظه الله: (وليحذر المسلمون في ليبيا من الوقوف في صف هذا الطاغوت، بسلاح أو قلم أو لسان، لأن الله تعالى يقول: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} [134].

إن كفر الطاغوت أظهر من الشمس في رابعة النهار، حيث بان لكل مسلم موحد رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً؛ كُفْرُ القذافي، الذي لم يترك شيئاً يُعظمه المسلمون إلا واستهزأ به، وسخر منه، حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لم يسلموا من سبه وشتمه واستهزائه بهم.

وقد مَرّ معنا قول الإمام محمد بن سحنون رحمه الله: (أجمع العلماء أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم المنتقص له كافر، والوعيد جارٍ عليه بعذاب الله، وحكمه عند الأمة القتل، ومن شك في كفر وعذابه؛ كفر) [135].

فليحذر كل مسلم لا زال يُضفي على القذافي وأمثاله وصف الإسلام من غضب الله وسخطه، وليتفكر فيما يقوله هذا الزنديق الذي كفر بالله جهاراً نهاراً، وينظر حكمه وحكم من يدافع عنه من خلال كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع أهل العلم.

ويرحم الله الشيخ المجاهد عبد الله عزام، وهو يخاطب علماء المسلمين وأئمة هذا الدين، ليقفوا الموقف الشرعي تجاه كفر القذافي وردته، فيقول: (… وعندما تقول للعلماء؛ ماذا تفتون في القذافي الذي ما ترك موحداً إلا وضعه في السجن، وهاجرت جميع الأدمغة من ليبيا؟ ماذا تقولون أيها السادة العلماء في هذا الرجل الذي كفر بالله جهاراً نهاراً وأنكر السنة صباحاً مساء؟ ماذا قالت فضيلتكم؟ أهو مسلم؟ أما الشباب الذين يدافعون عن أعراضهم يوم أن كانوا يفرضون على البنت في المدرسة أنها لا تدخل الثانوية إلا إذا حضرت المعسكرات الثورية الإشتراكية، والتي يختلط فيها الشباب والشابات، وتُنتهك فيها الأعراض باسم القانون… ماذا تقولون في هذا؟ ولا يحق لها أن تنتقل من المرحلة الثانوية على الجامعة إلا بهذا… وعندما وجد أن الأسر الليبية قد حافظت على بناتها وأخرجتها من المدارس؛ أخرج قراراً أنه لا يجوز أن يُعقد عقد الزواج لأي بنت إلا إذا كانت معها شهادة المخيمات الثورية الإشتراكية… ماذا يقول السادة العلماء في هذا؟ هل الشباب متطرفون؟ لا أظن أن ديناً من الأديان يقبل أن يستسلم الإنسان لمثل هذا الظلم، ومن استسلم لمثل هذا الظلم فهو آثم في الدنيا، وعقوبته العذاب في الآخرة) [136].

ويقول الشيخ عبد الله عزام في موضع آخر: (هذا كتاب الله يحكم بيننا، وهذه سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ناطقة شاهدة علينا، وهذا هدي أصحابه في فهمهم لأهمية الجهاد في هذا الدين، فهل لنا من تعقيب على هذه النصوص المتواترة المتوافرة الناصعة الجلية القاطعة؟ لقد وصل اللص إلى داخل خدور المؤمنات، فهل ندعه ينتهك الأعراض ويمسخ القيم ويجتث المبادئ؟! إن الذي ينهى شاباً عن الجهاد لا يفرق عن الذي ينهاه عن الصلاة والصوم) [137].

فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيمُ
ولكننا سبي العدو فهل تُرى نعودُ إلى أوطاننا ونسلمُ
فيا بائع الغالي ببخس معجلٍ كأنك لا تدري ولا أنت تعلمُ
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ

والحمد لله رب العالمين

للقراءة من المصدر إضغط هنا

التعليقات مغلقة.