بومدين ماله وماعليه

1٬468

برنامج حاورني فيه الصحفي جمال الدين بوطالب، العام الماضي، بمناسبة الذكرى 34 لرحيل الرئيس هواري بومدين.
أضعه مرة أخرى بين أيدي المتابعين بمناسبة حلول الذكرى 35 لوفاة الرجل و التى تصادف اليوم.

2 تعليقات
  1. rachid يقول

    شكرا للاستاذ محمد العربي زيطوط ،الذي يبقى دائما في القمة .الرئيس هواري بومدين عاش فقيرا ومات فقيرا.رحمة الله عليه.

  2. ابو صفوان يقول

    السلام عليكم اخي الكريم
    اشكرك جزيل الشكر على مداخلتك القيمة في تنوير العقل وبلورة الفكر الذي خضع سنين عديدة لوصاية دولة طمست تاريخ الرجال وصنعت مجدا للمارقين والاقزام.
    ان لوجهة النظر في الحياة دورا كبيرا في الحكم على الاشياء والافعال. ولا يمكن ان نقيَم فكرا او فعلا ما اذا لم تكن لدينا قاعدة فكرية معينة ننطلق منها. فالرجل المبدئي لا يمكن ان ينحاز بعاطفته لما يرضي عامة الناس وغوغائهم لان البعد العقائدي عنده اقوى واغلى من اي شيء آخر. فالرجل الشيوعي لا يمكن له ان يحكم على الوقائع والاحداث من زاوية راسمالية او اسلامية والعكس صحيح وهذا لا يتسنى الا لمن رسخت في عقله ووجدانه العقيدة المبدئية.
    نعم لكل انسان ايجابيات وسلبيات قد تختلف وتتباين حسب الزاوية التي ننظر منها ووجهة النظر التي من خلالها نفهم الواقع وننزل الاحكام.
    بالنسبة للرئيس هواري بومدين والذي حكم الجزائر بنظام بعيد كل البعد عما جاء في بيان اول نوفمبر والذي نص على بناء دولة جزائرية عصرية وفق مباديء الاسلام. رأينا بعد عقد مؤتمر طرابلس في 1963 وكيف انحرفت الدولة الجزائرية لتتبنى وبقيادة بن بلة وبومدين المنهج الاشتراكي، هذا بعد الانقلاب الذي قاما به ضد السلطة الشرعية آنذاك والمتمثلة في الحكومة المؤقتة والتي كان على رأسها المرحوم بن خدة. بعد رد الفعل القوي للشيخ البشير الابراهيمي رحمه الله على اختيار هذا البديل يتم وضع هذا العالم الفذ تحت الاقامة الجبرية ويموت في ظروف غامضة سنة 65 وقد دفع غاليا ثمن معارضته.
    يقوم بومدين بعد اخذ الاذن واستشارة ديغول بعملية انقلاب ضد الرئيس بلة في صائفة 65 مستعينا بضباط فرنسا الذين اعانوه في القضاء على العقيد شعباني وهو احد الثوار العمالقة الذين لو لا القدر لصنعوا مجد الجزائر. بهذا العمل الفج يكون بومدين قد سن سنة سيئة سوف يدفع الشعب ثمنها غاليا وستلحقه بسببها لعنة العسكر وجنود فرنسا الى هذا اليوم. قد يقول احدهم ان بومدين امم المحروقات وشيد الجامعات وبنى المصانع ووو…هذا كان واجبه كما يمليه المنهج الاشتراكي الذي يدعو لتطبيق العدالة الاجتماعية وتحرير البروليتاريا من استغلال البرجوازية ومحاربة الامبريالية والوقوف مع الشعوب المقهورة من اجل تقرير المصير. لم يكن هذا منَّا من بومدين في تحقيق ما كان يصبو اليه، لان الرجل كان مثقفا وحاملا لاديولوجية ماركسية اراد تطبيقها على مجتمع يحمل عقيدة مغايرة تتمثل في الاسلام الذي لم تستطع فرنسا القضاء عليه رغم ما اقترفته من فظائع وجرائم في حق هذا الشعب. لا ينكر احدا ان بومدين مارس جرائم نفي وقتل وسجن في حق معارضيه وحتى المقربين منه ولم يتوانى حتى في التضييق على الساحة الاسلامية ومحاولة خنق اصواتها التي كانت تقف ضد سياسته الاجتماعية والاقتصادية بالاخص والتي كانت تراها مناقضة لقناعة الشعب وعقيدته.
    أنا لا اظن ان للرجل العامي القدرة على تقييم مسيرة رجل مثل الرئيس هواري بومدين دون الوقوع في الاحكام العاطفية البعيدة عن كل موضوعية وعقلانية. ولا يمكن للعاطفة ولوحدها ان تصل بنا الى بر الآمان اذا لم نتسلح بميزان العقل والشرع انطلاقا من قناعتنا ان هذا هو الحق ولا يوجد غير سواه بالنسبة لنا. نعم لنا الحق في ان نقول ما نشاء عمن نشاء وكيفما نشاء اذا لم نتحلى بالشجاعة الكافية لقول الحقيقة. لأن الكثيرين منا ولسوء الحظ تراه يناور ويتهرب من مواجهتها عساه يحصل على غنيمة او رضى من طرف ما او في الغالب تجد تقديس البشر عنده اصبح عقيدة.
    لقد اخفق هواري بومدين في النهوض بالمجتمع النهضة الصحيحة عندما تبنى الاشتراكية في تسيير شؤون الدولة ظنا منه انها السبيل الوحيد لايجاد مجتمع مزدهر ومتقدم. لا يمكن لاي كان ان يقود امة لطريق النجاة وهو يحتقر تراثها ويعتبر عقيدتها عقيدة رجعية ويستورد افكارا دخيلة لا تؤمن بالثوابت ولا ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
    ان بناء الفرد بناءا مبدئيا سليما وصحيحا هو اساس كل نهضة ورقي فكري والدولة التي لا تحمل على عاتقها هذه المسؤولية لا يمكن لها ان تخلق مجتمعا متحضرا وراقيا. فمهما بنيت من عمران واقمت من مشاريع دون ان تهتم ببناء الفرد اولا فلا طائل مما فعلت والى الخراب نهايته. واخيرا وليس آخرا فلبومدين محاسن ومساوئ ونحن نحكم على الظواهر والله هو الذي يتولى السرائر. فالرجل هو اول من سن الانقلابات وما قام به كان انحرافا بعد انحراف ومن يقرأ بيان نوفمبر لا يمكنه اغفال هذه الحقيقة والمنكر هو كل ما قبحه الشرع ويبقى منكرا ولا يصبح معروفا ولو زينته وحاولت تجميله ومهما فعلت. ومن يقرأ كتاب { المزدكية هي اصل الاشتراكية } لسلطان العلماء في الجزائر عبد اللطيف سلطاني والذي منع من الطبع والتداول عام 74 سيعرف خطورة المرحلة التي ميزت تاريخ الجزائر بعد الاستقلال وسيفهم حقيقة النظام الذي يعادي كل ما يمت الى الاسلام بصلة وهذا ما لمسناه بعد الانقلاب على الارادة الشعبية في 92. ليس هناك من تبريرعقلاني لما يحدث من فساد ودمار وخراب في الجزائر سوى لان الشعب تراه يدفع غاليا ثمن تمسكه بثوابته وعقيدته.
    ولو لم يكن حزب فرنسا في الحكم لكان هناك من العلمانيين المارقين والخونة والانتهازيين من هو اخطر كما يحدث اليوم في سوريا والعراق واليمن وما حدث من قبل في تونس وليبيا. الصراع يكمن الآن بين من يريد الدفاع عن هوية الامة وثوابتها وبين دعاة العلمانية والتغريب وما حزب فرنسا عندنا الا اليد الضاربة للغرب ولفرنسا بالخصوص لكل ما يمت لاصالتنا وهويتنا وثقافتنا وعقيدتنا بصلة.
    ان النظام الشمولي المستبد السائد في عالمنا العربي والاسلامي هو النظام الوحيد الذي يخدم مصالح الغرب ويقف في طريق نهضتنا ولايمكن لنا النجاة من هذا المصير المشؤوم الا بكسر قيود الدكتاتورية واختيار البديل الحضاري الذي ينير طريقنا دنيا وآخرة.

التعليقات مغلقة.