تطورات 2013 في دول المغرب العربي
تطورات 2013 في دول المغرب العربي عام سياسي – اقتصادي – أمني
ضيوف الحلقة:
د. عبدالرحيم منار السليمي – رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسيات
محمد العربي زيتوت – عضو أمانة حركة رشاد
د. صبري الحو – خبير في القانون الدولي ومتخصص في قضية الهجرة والمهاجرين
تقديم: جمال أحمد
تاريخ البث: 26-12-2013
قناة الحوار الفضائية
السلام عليكم اخي الكريم
يمر العالم العربي بمخاض صعب وخطير وقد دخل في ثورات وانتفاضات عارمة من اجل استعادة الحرية والسيادة التي سلبتها منه الانظمة المستبدة والفاسدة ولعقود طويلة من الزمن. لقد استطاعت هذه الثورات ان تسقط بعض الانظمة وبقيت اخرى تحاول الصمود مستعملة كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة حتى لا تنهار، بينما استعانت انظمة ثالثة في محاولة دغدغة المشاعرالشعبية باحزاب اسلامية معتدلة لتزيين الواجهة واضفاء نوع من الشرعية على حكمها.
لا يمكن فهم الاحداث وتحليل الوقائع ومعرفة الاسباب والنتائج من وراء هذه الثورات دون الرجوع الى العوامل الرئيسية التي غذت هذه الاخيرة من استعمار واستبداد واستلاب حضاري وانحطاط على كل المستويات. بعد ان ذاقت شعوبنا المر في سبيل تحررها من ربقة الاستعمار دفاعا عن عقيدتها وثوابتها، تراها وقد حكمتها عصابات في شكل دول وطنية شبه مستقلة استبدت بها فخيبت آمالها وقضت على طموحاتها في بناء مستقبل يعيد لها عزتها وكرامتها. فالاستقلال لم يتحقق ابدا بخروج الجيوش الغربية من اراضينا بعد ان غرست هذه الدول الاستعمارية بذورها ورعت ادعيائها وقدمت لهم شرعية مزيفة حتى يقفوا ضد اي انطلاقة حضارية حقيقية في اتجاه بناء نهضة صحيحة تمكننا من العودة الى صناعة التاريخ وتبوء مقعد الصدارة ولما لا ونحن اولى بها.
لقد صبرت شعوبنا المقهورة حتى ضاقت بها الدنيا بما رحبت، فراحت تنتفض وتثور ضد حكام وملوك كانوا اسوأ من الاستعمار ببطشهم وطغيانهم وتلاعبهم بالمصالح الحيوية للامة. لم يشهد التاريخ الى اليوم حكاما فاسدين وجهلة اميين مثل حكام عالمنا العربي والاسلامي. ونحن على ابواب الالفية الثالثة لا يسعنا سوى ان نقف مشدوهين من هول الموقف امام هذه الظاهرة الاستبدادية، الخطيرة والمؤلمة والتي عشناها وما زلنا نعيشها الى اليوم ونتلظى بنارها. ان الناظر لما يحدث في سوريا اليوم من تقتيل وتشريد تقوم به عصابة حاكمة ضد شعب اعزل لم يطل حتى المسلمين الاوائل وقد غزتهم جيوش التتار المتوحشة والجيوش الصليبية الحاقدة من قبل. لماذا كل هذا الحقد وهذه الضغينة ؟ الهذا الحد وصلت بحكامنا الدناءة ؟ هل هم حقا من بني البشر ام هم وحوش واذناب الاستعمار الحقيرين ؟ اسئلة كثيرة نطرحها وبالحاح ويصعب ويكاد يكون من المستحيل ايجاد الاجابة الشافية عنها حتى على اولي الالباب. ان ما حدث في الجزائر وما زال يحدث منذ الانقلاب المشؤوم وما حدث في العراق وليبيا وما يحدث اليوم في سوريا وما يمكن ان يحدث غدا في دول الخليج ولا يستبعد من مجازر وارهاب لا يمكن ان تفسره حتى كتب علم النفس والاجرام. ما يحدث في سوريا اليوم يفوق كل التصورات حتى لا يستطيع احدنا ان يتخيل مدى قدرة نظامها المجرم على مواصلة سياسة القتل وسفك الدماء وانا وبعدي الطوفان و الى متى يستمر هذا المشهد المأساوي الكارثي في حق الشعب السوري الابي.
نرى اليوم وقد استيقظ العرب من سباتهم العميق وبدأوا يلتمسون طريق النجاة بالبحث عن جذورهم وهويتهم الاسلامية بعد ان ذاقوا كل الويلات ومورست عليهم كل اشكال الاستبداد تحت قناع راسمالي واشتراكي وشبه اسلامي. الكل تحت مظلة ملكية اوجمهورية او مزيج من الاثنين كرست سياسة اللانظام واللا قانون واللادولة بكل ما تحمله هذه المصطلحات من معنى.
بعد قيام هذه الثورات الشعبية التلقائية والتي لم يكن احدا ينتظرها في هذه الظروف بالذات ، ترى الغرب اليوم وعلى رأسه امريكا دون ان ننسىى الروس والصين واسرائيل وهي قوى تريد اجهاضها او تحريفها اومصادرتها حتى لا نتمكن من بناء مستقبلنا بعد ان خرب الاستعمار ماضينا وحاضرنا. ومن ذكر امريكا ذكر كل الدويلات الموجودة في الخليج وعلى رأسها السعودية سبب كل بلاء ابتداءا من بيع القضية الفلسطينية الى الاحتلال الامريكي للعراق …وصولا للانقلاب على ارادة الشعب المصري وقائمة جرائم آل سعود طويلة. وكما ذكرت ذلك اخي الكريم يعتمد الغرب في تنفيذ خطته هذه على قوى ثلاث مناهضة للثورة، قوى محلية تتمثل في الطابور الخامس وقوى اقليمية تابعة له وقوى دولية تتمثل فيه خصوصا. واذا تسنى لهذه القوى ان تنجح في كسب الرهان فهي لا تستطيع ان تقضي على آمالنا بل تؤخر نوعا ما تحررنا وتعيق عجلة التاريخ التي بدأت تتحرك لصالحنا.
خوفا من عودة الاسلام السياسي ومحاولة ايجاده في واقع الدولة والمجتمع ترى الغرب اليوم يراهن على الاحزاب الاسلامية المعتدلة في الوصول الى الحكم لانها الوحيدة التي تحافظ على مكاسبه ولا تصطدم مع مصالحه الحيوية. لأن الاحزاب المعتدلة تدعو اليوم لترقيع الانظمة الفاسدة عندنا ولا ترى ضرورة التغيير الجذري والقطيعة التامة مع الانظمة القائمة. وقد رأينا الذي حدث في مصر وكيف انقلبت امريكا على خيار الشعب بعد ان قررت ان تراهن على الانقلابيين دون الاخوان، خوفا على مصالح اسرائيل في مواجهة حركة حماس رغم ان مصالحها لم تتضرر بوجود الاخوان في الحكم وهذا ما لمسناه من اللقاءات التي جرت بين مرسي فك الله اسره والمسؤولين الامريكيين للاسف. واذا القينا نظرة قصيرة على المغرب الشقيق نرى اليوم كيف استطاع الملك ان يروض الاسلاميين المعتدلين الممثلين في حزب العدالة والتنمية وهم يديرون شؤون الحكم دون صلاحيات حقيقية تمكنهم من تغيير الواقع والتأثير في الحياة السياسية وهذه خطة مدروسة وليست صراعا طبيعيا يزول بعامل الزمن. هذا الا ما تمثل في اجراء بعض الاصلاحات التي لا تتصادم مع مصالح اصحاب القرار هناك. فالواقع السياسي في المغرب يدل على ان الامور تمشي نحو تدجين الحكومة وتقزيمها حتى لا تشكل خطرا على النظام القائم وتبقى موازين القوة لصالح الملك لا غير. اما فيما يتعلق بتونس فان حركة النهضة قد تنازلت عن الكثير من مواقفها وتراجعت عن لعب دورها المنوط بها في ادارة شؤون البلاد، ونراها اليوم وهي تغازل النظام القذر في الجزائر وبعض القوى العلمانية العميلة في تونس بحثا عن الولاء ولحشد بعض التأييد لمواقفها في الصراع على الحكم وهي لا تدري انها بذلك تضرب مصداقيتها وتقضي على الثقة التي كسبتها من خلال نضالها الطويل ضد النظام التونسي منذ عهد بورقيبة. انا لا اظن ان هناك صراعا بين هويتين مختلفتين في تونس كما يدعي بعض المحللين الا اذا تعلق الامر بالاقلية الفرنكفولية مقابل الاكثرية من ابناء الشعب.
هذه الظاهرة يمكن اسقاطها على الجزائر وباقي الدول المغاربية وهي ليست استثناءا وهذا ما خلفته تركة الاستعمار عندما تحررت الاراضي ولم تتحرر العقول. انا استبشر خيرا بهذه الثورات حتى وان حققت بعض المكاسب من كسر لجدار الخوف ووقوف في وجه الظالم وصحوة للضمير ومحاولة تقرير للمصير. المهم هو في صمودنا ضد الذوبان والنضال ضد الطغيان والكفاح من اجل نيل الاستقلال حقيقة الاستقلال بالفكر والوعي والسعي الحثيث لتحقيق ذلك، وللحديث بقية وشكرا