هجوم أمريكا: دلالاته وتداعياته الداخلية والخارجية

105

نقاش شاركت فيه قبل قليل على قناة الحوار، حول الهجوم الذي قيل أن أمريكي مسلم من أصل أفغاني قد أقدم عليه، وتداعيات ذلك على المسلمين في الغرب وتأثيره على السباق نحو الرئاسة في الولايات المتحدة وأشياء أخرى…

شخصيا، وصلت لقناعة أنه على الرغم من مساوئ اليمين المتطرف إلا أنه صريح في مواقفه العدائية تجاه الآخر خاصة تجاه المسلمين…وأنه وهو كذلك، قد يمكن التوصل معه إلى إتفاق تارخي بحيث يتوقف الغرب عن غزو أوطاننا والتدخل في شؤوننا مقابل أن لا يذهب المسلمون للغرب…إذا كان ذلك حلا…
فأغلب الذين يتركون أوطانهم اليوم إنما يفعلون ذلك هربا من بطش أنظمة طاغية قاتلة، أو سعيا وراء رزق نهبه الحكام المفسدون وأعوانهم…وفي الغالب هُرب للبلاد الغربية…
وهؤلاء الحكام، في الغالب الأعم، يأتون للحكم بدعم غربي ويظلون فيه بذلك الدعم…كوكلاء ليس أكثر…
بل أن الشعوب التي إنتفضت وأسقطت طغاة مجرمين تم الإنقلاب عليها بمباركة غربية، و بمشاركة مستترة ولكنها واضحة، كما حدث للشعب المصري المكلوم اليوم الذي تعبث به كمشة من العسكر المجرم…

وإذا بالطغيان يؤدي إلى دمار هائل في بلدان المسلمين، خاصة في الشرق الأوسط ولكن أيضا في باكستان وأفغانستان…مما يدفع بعض المسلمين للقيام بردود فعل فردية ضد مواطنيين غربيين ليس لهم ذنب فيما يحدث…
ثم أن تلك الأفعال كثيرا ما يكون لها رد فعل عكسي، فيتم تشويه الإسلام أيما تشويه وضرب بلاد مسلمة أخرى وتحطيمها…
والخاسر الأكبر هم الشعوب سواء أكانت المسلمة أساسا، ولكن الغربية أيضا …مما ينشر الكراهية والخوف بين الناس ويجعل العالم أكثر بؤسا وقبحا…
والمستفيد الأكبر هم الطغاة والفاسدين الذين يتحكمون في بلداننا والذين يفرحون بصدام هم المتسبب الأول فيه والمؤجج له…

إنني شخصيا أدين بقوة قتل أي مدني، خارج إطار القضاء العادل، تحت أي ظرف كان وأي كانت التبريرات…
ليس لأحد الحق في قتل الناس إنتقاما ممن جرائم حكوماتهم أو من جرائم جماعات غاضبة أو متنطعة…فقد علمنا الإسلام أنه “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى”…
ويجب أن يكون هذا التنديد صالح لكل الناس وفي كل وقت…يجب أن لا تكون الإدانات إنتقائية حسب الأهواء وحسب لون الضحايا أو معتقداتهم…كما نشهدها في الغالب…

في رأيي، وأعتقد أنه رأي يشاطره كثير من العقلاء في الغرب كما في الشرق، أنه من الأفضل للمؤسسة الغربية الحاكمة أن تراجع سياساتها التي تضخم الإرهاب وتأججه، قصدا أحيانا وعن غير قصد أحيانا أخرى، لأن تلك السياسات ستأتي، في نهاية المطاف، باليمين المتطرف للحكم والذي هو أيضا معادي للمؤسسات الحاكمة في الغرب وليس للمسلمين فقط…
وأول شيء وأهمه، عليها أن تتوقف عن التدخل في شؤون البلدان المسلمة بفرض حكام خونة ومفسدين همهم الوحيد أن ينهبوا البلدان ويقهروا الشعوب والإنسان…
إن أنظمة عادلة وصالحة في بلاد المسلمين، سيكون لوجدوده تأثير إيجابي على أوطانها وشعوبها ومن ثمة على العالم أجمع، مما يقلل من الخوف والقتل والحروب بين بني البشر الذي أخبرنا المولى، عزّو جلّ، أن مدار وجودهم هو:

“يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”.

التعليقات مغلقة.