خديعة المؤسسات
أنَّى لك أن تواجه مؤسسة؟! فهي ليست من جنسك، أنت بشر وهي كائن يختلف عنك، فهي أكبر وأضخم منك، وتمتلك قدرات غير محدودة.
هذا التصور تروج له أنظمة الحكم، وأصحاب الكيانات الكبرى للسيطرة على الوعي، وإخضاع الإرادات.
للتعامل مع أي كيان -يبدو ضخماً ومخيفاً لك- الجأ إلى شخصنته، أي حصره في أشخاص، بوضع يدك على الأشخاص المحركين له فعلياً، فإن أردت السيطرة على مدرسة، فأنت تتحدث عن مالك ومدير، وربما لو دققت النظر أكثر لاكتشفت أن المالك هو الأساس، وهو الذي يحدد السياسات التي تسير عليها المؤسسة، إن أردت إسقاط نظام فاعلم أن خلفه قلة محدودة يمكن حصرها، وبالتالي أنت لا تتعامل مع كيان يدعى “النظام” يختلف عن طبيعتك، بل تتعامل مع أشخاص يتسترون خلف هذه الكلمة، كمن يلبس قناع أسد ليخيف طفلاً، ثق أنه ليس أسداً، كما أنك لست طفلاً ترعبك الكلمات، فكك كلمة “النظام”، لتجد أنك تتعامل مع مجموعة محددة من الأشخاص… الآن أصبحت المهمة أسهل.
يُسوق محبو السيطرة أنفسهم باعتبارهم كيانات ليست مثلنا، يطلقون على أنفسهم أسماء لا نتسمى بها، من قبيل الحكومة، النظام، الحزب، الإعلام، الخ، ليلقوا في روعك إنهم كائنات غريبة لا يفلها جهد البشر، يخفون بذلك ضعفهم البشري. لا تبتلع الطعم.. وأعد ما تراه إلى صورته الأولى، ستجد أن خلف تلك الكيانات جميعاً أفراداً معدودين…
القاعدة الذهبية بعد الشخصنة: “فتت معسكر الخصم، ثم حدد استراتيجية للتعامل مع كل قطعة”. فإن أردت أن تتعامل مع أي كيان، لا تتعامل معه كقطعة واحدة تبدو عصية، فتتها إلى قطع صغيرة، ستجد أن آفاقاً كثيرة فتحت للتفكير، وستجد نفسك في عالم العجائب والفرص المنثورة، وستتكشف لك نقاط الضعف بوضوح، حيث ستتعامل مع كل قطعة في ثوبها البشري بعد أن خلعت عنها قناعها.
عندما تفتت المعسكر تكتشف فيه أناساً في صفك، وآخرين محايدين، هؤلاء لن تتعامل معهم كما تتعامل مع المعاند، أنت تقلل دائرة من تستهدفهم وبالتالي يكون العمل أسهل، وسيكثر معاونوك. فإن قلت على سبيل المثال:” أريد تطهير الإعلام”، أنت بذلك تخوض معركة أشباح، كما أن في الإعلام أناساً مؤيدين لك ربما يهمسون بذلك، لا تضمهم إلى صف خصومك، قل أريد تطهير الإعلام من الشخصيات التالية، ووضع القواعد التالية لتسييره، أخرج خصومك من مخابئهم.
إن أردت قهر سيارة تعدو نحوك، لأول وهلة ستراها كياناً عملاقاً مارداً يفوق قدراتك، فككها سريعاً في عقلك لتجدها عبارة عن محرك وعجلات وجسم معدني، وخزان وقود، وسائق.. الخ… حينها أنت أقوى من مكوناتها منفردة، فكر أكثر… ماذا ستستهدف؟؟ بالضبط.. إن أصبت عجلاتها؛ فقد أصبتها في مقتل.. أنت لا تواجه سيارة، أنت تواجه أربع عجلات, بل أربع عجلات كثير، وفر جهدك، الأمر لا يتطلب، يكفيك منها واحدة.
الآن أتركك تجرب… هل ترى مهمة تغيير العالم صعبة؟؟ فكر قليلاً.. وحدد ما هو العالم؟؟ وفتته في عقلك إلى قطع.. لتكتشف أن المهمة ممكنة، وممتعة..
وائل عادل 26/10/2011
http://aoc.fm/site/node/663
التعليقات مغلقة.