الفرح جزء من الخطة

112

يمر مشروع التغيير بمراحل ومعارك، يخفق تارة ويحرز تقدماً تارة أخرى، ومع كل معركة يُصقل رجاله، سواء انتصروا أو أخفقوا. خاصة إن بقيت الإرادة صلبة، وهي المجال الأساسي لأي حرب سواء كانت عنيفة أو غير عنيفة.. من تُكسر إرادته يخسر ولو كان مدججاً بكامل عدته.

وصيانة الإرادة فن، يحسنه صناع الرأي وقادة التغيير، لأنه يتعهد نفسية الشعب والقائمين على المشروع بالرعاية. ومن أساليب صيانة الإرادة تحقيق نجاحات وإنجازات ولو صغيرة، فهي بمثابة البشارات على الطريق، فإن تحققت الإنجازات كانت المهمة الثانية لصناع التغيير أن يحسنوا تسويق هذه الإنجازات باعتبارها نصراً، ليؤكدوا عدة أمور:

أن مشروع التغيير ليس وهماً ولكنه ممكن التحقيق.

أن الشعب المناط به خوض ذلك المشروع كفء لذلك وها هو الدليل.

أن التصور الشائع عن الخصم يغلب عليه الوهم والتهويل في القدرات.

لذلك كان الاحتفال بكل نجاح – صغر أو كبر- جزءاً من الخطة، وليس مراهقة سياسية، وأعني خطة البعث النفسي، من خلال الاختفال بإثبات إمكانية الفعل، وتأكيد المطالب المتبقية، والإلحاح على ضرورة الاستعداد لاستكمال المسير.

قد يتصور البعض أن الاحتفال قبل استكمال الأهداف خيانة، وهذا صحيح إن كان المقصود أن مراسم الاحتفال ستتضمن إعلان نهاية الماراثون، والاستغناء عن مطالب التغيير التي لم تتحقق. أما إن كان الاحتفال يهدف إلى رفع العزائم وبث الأمل، وتصحيح الصورة عن شباب التغيير، وتوضيح الرؤية، واستثماره كمناسبة لتعريف الناس ببقية الأهداف، وضرورة أن يعملوا ليكتمل الفرح؛ هنا أصبح للفرح لغة أخرى، وربما اكتسب أولوية كبرى.

كذلك من شأن الفرح النيل من الحالة النفسية للخصوم؛ وبذلك يصبح جزءاً من الخطة، خطة البعث النفسي لحملة المشروع المقاوم، وخطة الحرب النفسية ضد الخصوم المستكبرين.

رجل التغيير مكتمل المشاعر، يرأف بالشعب ويسعى إلى إسعاده، يعتبر الفرح استراحة محارب، ودورة ثقافية لتوضيح الرؤية، وهو فرصة لإجراء حوار مع شرائح أخرى من المجتمع لم تشارك في الضراء لكنها ربما تبادر للمشاركة في السراء.. وهو أقل ما يمكن تقديمه وفاء لقلوب عاشت واجفة، وأعين غمرتها الدموع تنتظر عون السماء، من عجوز يأمل في نصر، وسيدة تبحث عن غد، وشاب رهن روحه فداء لبلده. هي إذن أقل مكافأة تقدم لجماهير افترشت الأرض وتلحفت بالسماء.

كما أن الفرح تعبير يتضمن الشكر، شكر كل من ساهم في تحقيق النتيجة، كل من تضامن أو شارك أو ضحى. مشروع التغيير يؤصل لمعنى الشكر، والشكر ليس كلمة، ولكنه نظام كامل من الأنشطة. من خلاله يتم إجراء حوار مع كل الأطراف التي ساهمت في النجاح.

وكما أن المواساة مرتبطة بالإخفاق والتعثر في تحقيق الهدف، فإن الفرح والشكر مرتبطان بكل نجاح يحدث، وهما واجب تجاه كل من ساند وبذل. وتذكر أنه لا يمكنك أن تدخل معركة وجيشك محطم نفسياً لم يتذوق النصر قط، ولم يعرف معنى الفرح.

ويعد الفرح من تكتيكات التغيير الفعالة النادرة التي يصعب افتعالها، فهي تستخدم فقط بعد كل نصر. فافرحوا.. لأن من لا يتقن الفرح لن ينتصر، فالفرح جزء من الخطة. به تبتهج قلوب وتشمئز أخرى. فإن أبيتَ مداعبة قلوب أنصارك، فتذكر أن فرحك يمزق قلوب أعدائك.

وائل عادل

23/6/2012

http://aoc.fm/site/node/841

التعليقات مغلقة.