روسيا و الوحل الأوكراني،

175

تحطيم متظاهرين قبل قليل، لتمثال لينين، في كييف عاصمة أوكرانيا، بالغ الرمزية، ذلك أن سقوط النظام الموالي لموسكو، الذي يترنح منذ أيام بسبب غضب شعبي عارم،قد يلهى روسيا بالدفاع عن نفسها هناك، وتنكفئ عن المنطقة العربية، ولو لحين، حيث تدعم قوى الإستبداد خاصة في مصر وسوريا.

فسيطرة روسيا منذ وصول بوتين، على الوضع في جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق، هو الذي مكنها من التدخل في أوطاننا دعما للطغاة الذين يضمنون مصالحها ويشترون بمليارات الدولارات أسلحتها، التي أثبتت حروب كثيرة عدم قدرتها على مواجهة الأسلحة الغربية، ولعل كتائب القذافي تتذكر ذلك جيدا، فهي لم تستطع أن تسقط ولا طائرة غربية واحدة في حرب إستمرت أشهرا.

من الناحية الإستراتيجية، كان من الأفضل للشعوب المستضعفة أن تكون روسيا قوية حتى توازن السيطرة الغربية على العالم، إلا أن ثورة سوريا و من بعدها إنقلاب مصر، أثبتا مما لا يدع مجالا لأدنى شك، أن عداء روسيا للأمة الإسلامية يظل شديدا، كما كان تارخيا، إقتناعا من روسيا أن تحرر شعوب المنطقة العربية سيؤدي حتما، وإن على المدى البعيد، إلى تحرر شعوب مسلمة تخضع لسيطرتها المباشرة داخل روسيا ذاتها، أو غير مباشرة في 7 جمهوريات يحكمها الكرملين بواسطة طغاة موالين له موالاة تامة.

طبعا، معركة أوكرانيا اليوم هي معركة عاصفة بين الغرب الذي يتمدد بواسطة الإتحاد الأروبي وبين روسيا، التي تريد أن تظل أوكرانيا خاضعة لها كما كانت إبان الحقبة السوفياتية.
من هنا تأتي رمزية إسقاط تمثال لينين زعيم الثورة البولشفية التي أحكمت سيطرتها على كل البلدان المجاورة لروسيا بإسم الإتحاد السوفياتي.

محمد العربي زيتوت

2 تعليقات
  1. الأستاذ محمّد يقول

    تظل سيطرة روسيا على الوضع داخل جمهورياتها مبنية على مصالح الداخل والخارج المتوازنة عبر شبكة معقدة من الهيئات الحكومية وغير الحكومية ، وهذه بدورها تمدّد داخل فراغ بعض الدول الموالية لتشكل ما يسمى في النهاية قوة روسيا الحالية.
    فقبل سقوط حائط برلين دق ناقوس خطر التفكك كثير من الكتاب والمفكرين الروس الذين كانوا يرون انهيار منظومة الحكم وشيكة ، فقد فشلت على الصعيد الداخلي سياسة الغلاسنوست التي توجت بخسارة الصدارة والانتاج الزراعي بخيبة عسكرية على الصعيد الاقليمي وأصبح الدب الروسي لعبة في يد الأمريكان والأوروبيين أكثر منه قوة تمتعت بالهيبة والمنعة.
    لم تكن دول أوروبا قد اتحدت بعد ، ولكنها كانت تنآى بنفسها عن التدخل في الشأن الأفغاني وتشجع روسيا غورباتشوف على التدخل من أجل القضاء على الانتفاضة الجديدة ومن ثم إسكات أصوات المعارضين في الجمهوريات الروسية الأخرى ، وإلى وقت اتحاد دول أوروبا الغربية كانت دول أوروبا الشرقية ينظر إليها بعين الاحتقار والكراهية ، وهي وإن كانت أوروبية الجغرافيا لكنها تتميز بعدائها الشديد للمشروع الأمريكي في الشرق ، واتجاهاتها المسيحية محافظة جداً بالمقارنة مع الكنيسة الكاثوليكية أو البروتستانتية اللتان تصالحتا مع اليهود على حرب المسلمين مهما تعددت منازعهم ومشاربهم السياسية.
    وتبقى قوة روسيا اليوم مستمدة من هذه التوازنات المعقدة التي تشابكت عبر مصالحها المالية في بلدان المعسكر الغربي وتسهيلاتها المالية والاقتصادية التي تمنحها للأوروبيين أو للأمريكان مع مساومتهم في حال الرفض بالتحالف مع القوى الاسلامية وتمكين بعض الدول الاسلامية من الحصول على الأسلحة الكيميائية وهذا ما يشكل عقدة العقد أمام التصالح الأمريكي الروسي ..
    وعلى صعيد آخر تطمح الصين إلى تنويع علاقاتها مع العالم العربي ، ومن جهة ثانية إلى المحافظة على علاقتها الشيوعية بروسيا ولهذا لا نجد التصادم بينهما داخل الأسواق العربية فقد تصالح الفريقان واجتمعا كذلك على اقتسام ثروات الشعوب العربية مقابل دعم نظام كل بلد للنظام الثاني ضد أي أقلية مسلمة قد تطمح إلى الانفصال والاستقلال في الصين أو في روسيا ..
    فهؤلاء هم الروس .. يعادون ويوالون من يدفع أكثر ، ويشترون من يرضى عنهم ويرضون عنه ولغة الروس لم تتبدل أبداً فهم مع مصالحهم المادية فحسب ، فإذا تحججوا بالدين المسيحي الارثوذكسي فهي واجهة محل تجاري لا غير يزينونها لمن ينخدع بالنظر.
    وفي أفضل الأحوال تبقى روسيا الأمس هي روسيا اليوم .. عينها على مضيق البسفور والدردنيل والبحر الأسود وسعيها حثيث للحصول على موارد الثورة المباحة في العالم العربي ، وهي فوق ذاك قوة استعمارية تتسلط على قطاع عريض من الجمهوريات المسلمة في بلاد القوقاز وغيرها .. وتدخل روسيا في الشأن العربي ليس غرضه حماية أعوانها من الحكام وفراعين العصر بقدر ما هو رسالة واضحة بقمع كل ثورة أخرى على أراضي الشعوب المستعمرة التي ضرب بينها وبين بقية الشعوب المسلمة بسور من حديد ونار ظاهره حماية أمن روسيا وباطنه وأد رسالة الإسلام السياسي التحررية التي تحاربها روسيا تارة تحت مسمى مكافحة الإرهاب العالمي بقيادة أمريكا وتارة باسم مباركة القمع والقهر تحت حق الفيتو الذي تتمتع به من بقايا نظام البلاشفة المستعمرين.

  2. ابو صفوان يقول

    السلام عليكم اخي الكريم
    تعد اوكرانيا اكبر جمهورية بعد روسيا، التي انسلخت عن الاتحاد السوفياتي بعد سقوطه في عام 1991 وهي الاقرب من ناحية اثنية وجغرافية الى روسيا. ورغم انسلاخها بقيت اوكرانيا تحتفظ بعلاقات متميزة مع روسيا حيث ما زالت حتى السفن الحربية لهذه الاخيرة تقبع في اكثر من ميناء.
    الاحداث الاخيرة من اضظرابات وقلاقل في اوكرانيا هي نتيجة للغضب الشعبي العارم عن اداء الحكومة كما يعتبر ايضا نتيجة للصراعات الخفية التي يقودها الغرب وامريكا من اجل الحفاظ على مصالحهما في مناطق مثل افغانستان والعراق وسوريا والشرق الاوسط وغيرها من مناطق النفوذ.
    تاييد روسيا للحكم الفاسد في سوريا له بعدين اساسيين، يتعلق الاول بما ذكرته في مقالك وهو المحافظة على الانظمة الفاسدة في العالم العربي بعد ضياع كل من العراق وليبيا وقد كانت الزبون الاول من خلال شراء الاسلحة والخبرة الروسية المتطورة. والبعد الثاني يتمثل في خوف روسيا من سقوط سوريا وحتى لا تتمكن قطر من مد انابيب الغاز نحو تركيا باتجاه الغرب والذي سيضعف موقع روسيا كممون اساسي للغاز في اوربا وقد ظهر هذا جليا في ورقة المفاوضات التي تجريها روسيا وتضغط بها على جيرانها في اوربا وكيف استطاعت روسيا لحد الآن الحفاظ على علاقاتها المتميزة مع اوكرانيا.
    ان سقوط الانظمة العربية وبخاصة التقدمية منها سيضع روسيا امام عهد جديد قد يفتح ابواب جهنم عليها اذا ما تفطنت الشعوب الاسلامية المتواجدة في جنوبها والتي تسيطر عليها روسيا بواسطة عملاء يحكمون بقوة الحديد والنار على شعوب تتوق الى الاستقلال والحرية على غرار شعوب المنطقة العربية.
    روسيا لا تريد ان تضيع منها اوكرانيا كما ضاعت باقي دول اوربا الشرقية مثل التشيك وبولونيا والتي استطاعت امريكا نصب دروع صاروخية على اراضيها اصبحت تهدد الامن القومي الروسي بحجة الخطر النووي الايراني. ان عدم سقوط النظام الحالي في سوريا يجعل روسيا قوية بصفتها الممون الرئيسي للغاز في اوربا التي تحاول لعب ورقة الديمقراطية والاقتصاد الحرلحمل اوكرانيا على طلب الانضمام الى الاتحاد الاوربي والانضمام فيما بعد الى الحلف الاطلسي. هذا بالرغم من الانعكاسات السلبية التي جعلت دول مثل بولونيا تخسر الكثير ولا تجني سوى تصدير يدها العاملة الرخيصة الى اوربا الغربية لتقتات منها. لقد خسرت الكثير من دول اوربا الشرقية سابقا في مقابل ما جنته من انضمامها الى الاتحاد الاوربي، فقد استطاع الرأسمال الغربي القوي ان يستحوذ على المصانع والمركبات السياحية التي كانت هذه البلدان تزخر بها قبل انهيار النظام الماركسي. كما نرى كذلك كيف تدهور الانتاج الزراعي ليجعل هذه البلدان تنتقل من سياسة الاكتفاء الذاتي الى مستهلك المنتوجات الزراعية والسلع الكمالية الغربية.
    هل من الممكن ان تنفلت اوكرانيا من قبضة روسيا وتتجه نحو التطبيع مع الاتحاد الاوربي والانخراط في الحلف الاطلسي وتكون اوربا وامريكا قد استطاعتا تقزيم روسيا اكثر وكسر شوكتها ؟ ام ان روسيا ما زالت تملك القدرة على المقاومة والمناورة وربح المباراة باستعمال الغاز والنفط كآدات فعالة في الحفاظ على مصالحها وكسب ود جيرانها وحلفائها ؟
    هذا باختصار ما وددت ان اشارك به لعلي افيد واستفيد وشكرا والى اللقاء

التعليقات مغلقة.