“الحرب الأهلية في هرم السلطة الجزائرية
على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها عمار سعداني، الأمين العام الجديد لما يفترض أنه “أكبر” الأحزاب الجزائرية، حزب جبهة التحرير الوطني، قائد المخابرات الفريق محمد مدين الشهير بتوفيق، حيث سبق و أن وجه له إنتقادات غير مسبوقة بُعيد وضعه على رأس الحزب المذكورفي أغسطس الماضي، بعد معركة دامت أكثر من سنة بين دينصورات الحزب على تولى رأس القيادة، إلا أنها المرة الأولى التي يتهمه صراحة بالفشل الذريع في آداء مهامه على مدار العقدين الماضيين.
بداية من إغتيال “الرئيس” محمد بوضياف في يونيو92 وإنتهاء بعملية عين آميناس في يناير2013 والتي ذهب ضحيتها العشرات من الأجانب و الجزائريين، مرورا بالإغتيالات والتفجيرات التي إستهدفت بعض كبار شخصيات النظام و بعض الأجانب، وهو الذي يرأس الجهاز المذكور منذ 4سبتمبر 1990.
و قد جدد عمارسعداني، وهو راقص وضارب طبل سابق في الثمانينات في فرقة غنائية فلكلورية، وزعيم مليشيا حكومية في التسعينات في منطقة الواد، ورئيس البرلمان في الألفين، إتهاماته للجنرال توفيق، والذي كان مجرد ذكر إسمه يثير الرعب في نفوس كبار المسؤولين، وقد وصف نفسه يوما بأنه “رب الدزاير”، جدًد إتهاماته للجنرال، بأن “جهازه يتصنت على تليفونات المسؤولين ويتدخل في عملهم”، وقد إخترق أجهزة الإعلام والقضاء والأحزاب، وأن “لا أمر يقضى في أجهزة الدولة و مؤسساتها دون أن يتدخل عقداء المخابرات” فيه، وأتهمه بأنه يريد تحطيم حزبه كما حطم أحزاب أخرى و أنه يقف في وجه التجديد “للرئيس” بوتفليقة لعهدة رابعة… وطالبه بالتنحي وحذره من أي مكروه قد يصيبه.
كان لوقع هذه التصريحات، والإنتقاد الشديد الذي لم يكن يجرأ عليه إلا بضعة أشخاص يحسبون على المعارضة الراديكالية المطالبة بإسقاط النظام، وقع الزلزال الشديد في أوساط السلطة وتوابعها من التنظيمات “المدنية” “والإعلامية” والشخصيات “المستقلة “.
فعلى إستثناءات قليلة، فقد شنت الصحافة “المستقلة جدا” هجوما لاذعا على من طالب الجنرال بإحترام حرية الصحافة وعدم إخضاعها لرغباته و ضباطه، وأتهمته بكل شيء بما فيها أقذر النعوت وأنه “لوطي و مشهور برقصه العاهر” …
كما إنبرى زعماء أحزاب” شرفاء جدا”، بوصف من دعى الجنرال لعدم التدخل في الأحزاب وتحطيمها، بأفضع الأوصاف بما فيها أنه “خائن وعميل وصهيوني…” و”يشتغل بأجر لدى المخابرات الفرنسية”…
أما الشخصيات السياسية و العسكرية، “المرموقة والمستقلة”، فقد هاجمت من قال أن مكان العسكر هو الثكنات لحماية حدود البلاد وليس التدخل في أجهزة الدولة جميعها بما فيها التصنت على هواتف المسؤولين.
وكثرالمنددون والمستنكرون وقد تجرأ “الطبال” على سيده وسيد الجميع، وذهب البعض بتهديده بأنه قد حفر قبره بيديه بعد هذه التصريحات التي تطاول فيها على حامي حمى “الدولة والشعب و الجمهورية ومنقذ الأمة من الإرهاب”…
كان من المفروض، أن مايسمى بالطبقة السياسية والإعلامية أن تكون أول من يرحب بتصريحات رأس حزب جبهة التحرير، وهو الذي تعترف له نفس الطبقة السياسية و الإعلامية، زيفا وتزويرا،، أنه يرأس أكبر حزب في البلاد، ترحب على الأقل بتصريحاته من حيث المبدأ، وهوالذي طالب بدولة مدنية بعيدا عن حكم العسكر-بعد 51 عام من الإستقلال؟- وبإستقلال الأحزاب السياسية و التنظيمات المدنية و طالب بحرية الصحافة…
الواقع أن تصريحات عمار سعداني، قد كشفت، بشكل صارخ ومريع، زيف الجزء الأكبر مما يسمى بالطبقة السياسية الرسمية، وأن أكثر الصحف والأحزاب ومعها بعض مايسمى بالشخصيات المستقلة، ما هي في الحقيقة إلا صنيعة المخابرات ومقربة منها، ومرتبطة بها بشكل أكثر مما كان يتصور الكثيرين، وأنها تخشى أن رحيل مهندس النظام القائم وصانع تشكيلاته منذ إنقلاب 11 يناير92، سيفضح أمرها حتما.
و أنها تخوض معركة وجود، و ليس فقط معركة مصالح ونفوذ للحفاظ على النهب المنظم لريع متأتي من أموال البترول، التي تتلقى جزء منه من الجهاز الذي أصبح دولة داخل الدولة، يُشكَل تنظيماتها المدنية وإعلامها على هواه ووفق ما تقتضيه مصالح كبار جنرالاته وعقداءه وليس مصالح الدولة والمجتمع.
محمد العربي زيتوت
ما قاله المجرم والخبيث سعدانى عن التوفيق يصب لمصلحتهم جميعا لا فرق بينهم كل هذا فقط لإضلال الرأي العام فقط