هجمات باريس… أسباب وتداعيات

95

Palestine Forum in Britain
Think Tank Meeting TTM (No.2)
Extremism without Boundaries… Paris Attack and Beyond
تقرير اللّقاء الثاني 22 November 2015
موضوع اللّقاء: هجمات باريس…. أسباب وتداعيات
إعداد: منسّق النّشاط/ د. أديب زيادة
مقدّمة
على مدار ساعتين ونصف في لقاء جمع حوالي خمسين شخصية وازنة من ممثّلي المجتمع العربي والمسلم في بريطانيا لنقاش هجمات باريس، أجمع المشاركون على بشاعة الهجمات التي وقعت في الثّالث عشر من الشّهر الجاري وتحدّثوا بعمق في أربعة محاور كرّست لمحاولة فكفكة وتحليل الظّاهرة الدّاعشيّة ومفاعيلها المرتدّة. المحاور تعلّقت بأسباب وخلفيّات البروز الدّاعشي، بالإضافة إلى انعكاسات الهجمات على الجالية العربيّة والمسلمة، ومحاولات الحكومة الصّهيونيّة الربّط بين المقاومة الفلسطينيّة والحرب على الإرهاب التي تجري دوليّاً في أكثر من مكان في العالم، كما تناول المحور الأخير دور ومسؤوليات الجهات المختلفة في احتواء الفكر الدّاعشيّ وما يمكن أن يترتّب على هذه الهجمات من ارتدادات. طريقة النّقاش كانت استقصائيّة حواريّة غير نمطيّة هدفت الى تسليط الضّوء على مفاصل الموضوع بدلاً من التّوهان في تفاصيل أحداثه.
في القسم الأوّل من النّقاش أجاب خمسة خبراء على الأسئلة التي حاورهم حولها المختصّ بدراسة السّياسة الخارجيّة الأوروبيّة تجاه الشّرق الأوسط د. أديب زيادة. الخبراء الخمسة هم السّادة
زهير سالم، مدير مركز الشّرق العربي والدّاعية والمفكّر الإسلاميّ السّوري.
محمّد العربي زيتوت، وهو دبلوماسيّ جزائريّ سابق وأحد مؤسّسي حركة رشاد الجزائريّة.
د.أنس التكريتي، مؤسّس ورئيس مؤسّسة قرطبة لحوار الثّقافات المعنيّة بتحليل ودراسة العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي.
عبد الله أنس، مدير منتدى التّعارف الإعلامي والخبير في شؤون الجماعات الإسلاميّة.
د. إبراهيم حمامي، الكاتب والمحلّل والخبير في الشّؤون الفلسطينيّة.

 

أهمّ الأفكار التي خلص إليها المتحاورون
الظّاهرة الدّاعشيّة غير مقتصرة على طائفة أو جغرافية بعينها أو زمن بعينه بل تشمل أنحاء شتّى في العالم، ففي كلّ مكان هناك (دواعش) فكراً وممارسة، وهم أحيانا ما يكونون في موضع صناعة القرار ويقومون بالقتل والذّبح بالجملة دون قانون أو سند أخلاقيّ أو ديني. وكما أنّ هذا صحيح في عالم الدّول هو كذلك صحيح في عالم الأفراد والجماعات، ففي افريقيا هناك من استبدّوا بحقّ المسلمين بطرائق داعشيّة وكذلك في مينيمار والهند وغيرها. كما أنّ التّاريخ بمراحله المختلفة شهد مثل هذه الظّاهرة التي استباح فيها البعض دم الاخرين لاعتبارات مزعومة او موهومة او مختلقة. فالتّوحّش الذي بدا من طرف دول إستعماريّة في التّعاطي مع من خضعوا للاستعمار بالاضافة الى صور التّوحّش التي بدت في الحروب عموماً قديما وحديثاً كلّها تجلّيات للفكرة الدّاعشيّة التي تتغذّى على انعدام الأخلاق في الصّراعات من جانب وتغييب القواعد والأصول النّاظمة للحروب من جانب آخر وانحراف الأفهام مقروناً ذلك كلّه ّبالتّعصّب.
لا توجد حاضنة ثقافيّة او دينيّة او فلسفيّة واحدة للدّواعش بل هناك حواضن متعدّدة وخلفيات متنوّعة يجمعها الحقد على الآخر. ولا بدّ من دراسة الظّاهرة بابعادها المختلفة بعيدا عن الخلفيات الهوياتيّة ومنطق (نحن وهم) لأنّ المتضرّر الأساسي جرّاء هذه الظّاهرة هو الإسلام والمسلمون ومن ثمّة البشرية جمعاء.
خلفيات الظّاهرة الدّاعشيّة الجديدة تتعلّق بانعدام المناخ الدّيمقراطي السّائد في الوطن العربي، واستمرار تعدّي الدّكتاتوريات العربيّة على الحقوق والحريّات لا سيما في أعقاب مجزرة الدّيمقراطيّة التي جرت في مصر، والاستهداف الطّائفي في العراق وسوريا وغيرها. علاوة على ذلك فإنّ السّياسات الخارجيّة الظّالمة للدّول الغربيّة ودعمها لتلك الدّكتاتوريات وإسنادها على الأرض أو كيلها بمكاييل مختلفة في هذا الإطار تبعاً لمصالحها البحتة شكّلت كلّها قوّة دفع للغضب المتنامي تجاه الغرب عموماً لا سيما بعض الدّول الفاعلة فيه. وممّا لا شكّ فيه أنّ الغرب شريك في ضرب كلّ الدّيمقراطيات وخيارات الشّعوب العربيّة وهو ما خلق بيئة سلبيّة تغذّي الداعشيّين.
السّلوك التنظيميّ الدّاعشيّ الذي يستهدف الغرب يقوم على فكرة تعميق الخطاب الإسلاموفوبي وخطاب اليمين المتطرّف من أجل خلق بيئة تتمكّن من خلالها داعش من ضمّ العناصر اليائسة من امكانيات التّعايش جرّاء هذا الخطاب إلى صفوفها.
هناك غياب للمرجعيات الفقهيّة والدّينيّة الجامعة في عالمنا العربيّ أو حتّى الغربيّ ممّا أفسح المجال لتنامي القراءات المنحرفة لقواعد وأصول الدّين، وهو ما أفرز أفهاماً غير سويّة تمتهن القتل دون مسوّغ أخلاقيّ أو دينيّ حقيقي ،وهي ظاهرة لها ما يحاكيها في التّاريخ.
المسلمون في أوروبا هم الأقدر على تحديد طبيعة علاقاتهم بالمجتمعات التي يعيشون فيها، وبالتّالي فلا يجوز لداعش أو غيرها أن تفرض على المسلمين في الغرب معادلات بعينها أو أن تقامر بمصيرهم أو أن تهدم ما بنوا من جسور خلال العشرات من السّنين.
تداعيات هجمات باريس على المسلمين تتعلّق بتنامي الكراهيّة الموجّهة نحوهم ونحو الإسلام على العموم أو ما يسمّى بالإسلاموفوبيا حيث تتصاعد التعدّيات المادّية والمعنويّة في أعقاب كلّ حادثة من هذا القبيل.
الارهاب الذي مارسه محسوبون على الإسلام أقلّ بكثير من أنواع الارهاب الاخرى التي مارسها ويمارسها غير المسلمين في العالم ككل. وبالتّالي فلا مبرّر لتحميل المسلمين جريرة أفعال منفلتة يقوم بها نفر ينسبون إليهم وبالتّالي فإنّ المسلمين يتعاطفون مع الضّحايا ولكنّهم لا يعتذرون.
الغرب معنيّ بالابقاء على هذه الظّاهرة الدّاعشيّة ودليل ذلك عدم الجدّية في التّعامل مع التنظيم على مدار اكثر من سنتين، وهنا يبدو الغربيّون كالذي ربّى ثعبانا ثمّ لسعه.
داعش لديها أجندات غير تلك المتعلّقة برفع الظّلم عن الأمّة إذ أنّ لدينا من الحركات الإسلاميّة الثّوريّة والمعتدلة من يدفع هذا الظلم ويمثّل هذه الفكرة النّبيلة.
التّدعّش له مظهران أحدهما (التّدعّش كتنظيم) و(التّدعّش كحالة)، والأخير هو سلوك عالميّ يغرق فيه العالم كلّه. وإذا اردنا ان نسقط التّدعّش كتنظيم علينا ان نبدأ في إسقاط التّدعّش كحالة. عندما نبرأ جميعاً كبشر من هذا النّمط السّلوكي الدّاعشي سيكون العالم عندها بألف خير.
المشكلة التي يعانيها العالم هي مشكلة أخلاقية تعبّر عن ذاتها في صراعات وحروب وانتهاكات مختلفة لحقوق الانسان.
النّزوع إلى الاجراءات الأمنيّة بمعنى الرّكون إلى الحلول الأمنيّة كان هو السّبب وراء تفشّي هذه الظّاهرة في عالمنا العربي. وصناعة الخوف والاستقطاب الكبير بين اليمين المتطرّف وبين الجاليات المسلمة من شأنه أن يضرب السّلم الأهليّ في اوروبا.
إذا كان التنطّع والتّكفير والغلوّ الذي تمثّله داعش يشكّل خطراً على الغرب والعالم بنسبة 20%، فهو يشكّل خطراً على الإسلام وروحه 100%. وإذا اختفت داعش في غضون أربع او خمس سنوات فلسوف تخرج داعش أخرى ما دامت ظروف انبعاثها العمليّة والفكريّة قائمة، وبالتّالي فإنّ من الضّروري التّصدّي لمسبّبات هذه الظّاهرة المزمنة.
(بالنّسبة لداعش فنحن كفّار وبالنّسبة للكفّار نحن داعش) معادلة يراد بها عزل الجالية المسلمة وحصارها وإفقادها روح الاندماج في مجتمعاتها والمشاركة في بنائها. وبالتّالي فإنّ احد أهمّ عوامل صمود الجالية المسلمة في مواجهة ذلك هو ثقتها بأنّها جزء ممّن تعيش في أوساطهم، ممّا يرتّب عليها التّعامل مع الأحداث والتّداعيات الممكنة على هذا الأساس وليس من منطلق أنّها متّهمة أو معزولة.
هناك جهات معادية تقف خلف هذه الأحداث، ربّما تكون يمينيّة صهيونيّة أو صهيونيّة عربيّة لا تريد للمسلمين قوّة أو وجوداً مؤثّراً في الغرب؛ لأنّ قوّة شوكة المسلمين في الغرب من شأنها أن تنعكس على عموم القارة والتّأثير في سياساتها وهو ما يتعارض مع مصالح تلك الجهات وأجندتها.
منظّمة داعش مستحدثة إستخباريا والهدف منها تدمير المشروع الإسلامي في المنطقة ككل. والجهات الاستخباريّة تلك على استعداد كما يبدو للتّضحية حتّى بالمئات من أبنائها مقابل عدم إفساح المجال لعودة الإسلام الحضاري. بهذا الشّكل فإنّ داعش بسلوكها وجرائمها تشكّل عقبة كأداء أمام توطين الإسلام في اوروبا.
برز في أعقاب الهجمات منحى خطير نحو تقليص الحريّات المتاحة لصالح إجراءات أمنيّة ربّما يتمّ تجييرها للتّضييق على الجالية المسلمة بالأساس، علاوة على تنامي اليمين المتطرّف الدّاعي إلى التّصدّي للتمدّد الإسلامي، ووقف استقبال اللاّجئين، وهو ما يهدّد بتعميق الشّرخ بين المسلمين والمجتمعات التي يعيشون فيها.
الحكومة الصهيونيّة حقّقت نجاحات على صعيد الحكومات الغربيّة في الرّبط بين المقاومة الفلسطينيّة والإرهاب عموماً بعكس الحال مع الشّعوب الأوروبيّة، وهو ما يرتّب على حملة القضيّة الفلسطينيّة وأنصارهم في الغرب مسؤولية التّصدّي لذلك بوسائل علميّة وفعّالة.
مسؤولية احتواء الفكر الدّاعشيّ وتداعيات الهجمات تقع على أطراف عديدة على رأسها الحكومات الغربيّة المطالبة بتغيير سلوكها تجاه قضايا الدّيمقراطية والاستبداد في العالم العربيّ وسياساتها القائمة على استخدام القوّة العمياء من جانب ومحاربتها لجرائم الإسلاموفوبيا داخل الأقطار الأوروبيّة من جانب آخر. كما أنّ الجالية المسلمة ممثّلة بقياداتها ومشايخها وعلمائها يتحمّلون مسؤولية عزل الفكر المنحرف وتصويب البوصلة وتوحيد المرجعيات بما يحول دون تسلّل الشّواذّ فكريّا إلى جسم الجالية وهو ما ينسحب على عالمنا العربيّ والإسلاميّ أيضاً.

 

 

القسم الثاني
توزّع الحضور   إلى خمس ورشات عمل يجلس مع كلّ منها أحد الخبراء الذين تمّت استضافتهم لهذا الغرض. في هذا الإطار قامت كلّ مجموعة بنقاش موضوع محدّد والخروج بتوصيات قبل أن يقوم الخبير في كلّ مجموعة بعرض تلك الخلاصات والنّقاش حولها مع مجموع الحاضرين.
الورشة (1): الاعلام وكيفيّة التّعاطي معه
مع كلّ حادثة من قبيل ما حدث في باريس تعلو صرخات الاعلام والاعلاميّين والكتّاب في الحديث عن هذه الحاضنة لمثل هذا النّوع من مرتكبي الهجمات وهي التّجمّعات المسلمة، وضرورة تعميق العمل الاستخباراتي في أوساطهم ومكافحة التّطرّف العنفيّ و(غير العنفيّ) الذي يشتبه في تبنّيهم له أو تغطيتهم إياّه. التّطرّف الذي يبديه إعلاميّون على هذا الصّعيد يصل الى حدّ تجريم ّكلّ الجاليات المسلمة وبالتّالي الدّعوة إلى إغلاق مساجد وجمعيات خيريّة وتشديد الرّقابة وسنّ تشريعات صارمة تستهدف هذه التجمّعات. يقع ضحيّة هذا الاعلام سياسيّون وعامّة يسلّطون سيوفهم المادّية ّوالمعنويّة فعلاً على كلّ ما يمتّ إلى الجاليات بصلة. من هنا وجب الانتباه إلى هذا الاعلام ومحاولة التّأثير فيه لاحتواء نزعات الشّر ّوالكراهية التي يبثّها.
سؤال المجموعة: كيف يمكننا التّعاطي مع الاعلام الغربيّ والتّأثير فيه من أجل تسخيره لبناء الجسور بدلا من هدمها ومن يمكنه تولّي هذه المهمّة؟
التّوصيات كانت على النّحو الآتي:
عدم حصر الرّدود إعلاميّاً باعتداءات باريس.
وضع استراتيجيّة إعلاميّة بأدوات وآليات واضحة تأخذ زمام المبادرة.
إعداد مجموعة من الشّباب الذين يتقنون لغات المجتمعات التي يعيشون في أوساطها من خلال الدّراسة والتّدريب كي يتولّوا التّعامل مع الاعلام الغربي.
رصد الاعلام الغربي والرّدّ على الحملات المضادّة بالمعلومة وتوحيد المصادر وهنا لا بدّ من التّنسيق والتّشبيك بين العاملين في كافّة المؤسّسات من أجل النّهوض بهذه المهمّة على أكمل وجه.
استغلال منابر الاعلام الاجتماعيّ والفضائيّات وإقامة علاقات عامّة ناضجة مع عموم المجتمع وأصحاب القرار على حدّ سواء وتفعيل دور المؤسّسات القائمة للاضطلاع بمسؤولية تنظيم ذلك والإشراف عليه.
انشاء مجموعات تواصل إجتماعيّ تدار مركزيّاً ومهنيّاً.
عمل محطّات (اذاعة) إسلاميّة في كافّة الاقطار الأوروبية الممكنة، تتحدّث كلّ منها بلسان الدّولة التي تتواجد فيها بحيث تعمل على التّرويج للإسلام الصّحيح والدّفاع عن روحه وعن الجالية. لا بدّ أن يعمل في تلك الإذاعات أناس مهرة يتقنون فنّ الخطاب والإعلام ويفهمون الإسلام واحتياجات المسلمين والواقع المحيط بهم.

 

الورشة (2): السّياسات الحكوميّة
تتعاطى الحكومات الغربيّة مع الأحداث والجرائم التي يقف على رأسها من ينسبون إلى الإسلام بطريقة تعزّز الانقسام المجتمعي وتغذّي نزعات الكراهيّة. فالحديث عن مسؤولية المسلمين في وقف تلك الجرائم خطاب شائع من قبل السّياسيّين سواء في اليمين الحاكم أو المعارض. وهو ما استدعى لدى بعض تلك الحكومات الشّروع في سنّ قوانين تستهدف الجاليات المسلمة في محصّلتها وتعزّز من اجراءات وضعهم بالكلّية تحت الاشتباه. قانون مكافحة التطرّف في بريطانيا كان أحد تلك الافرازات التي تعزّز الشّعور بالعزلة لدى المسلمين وتعلي من مشاعر الاغتراب لديهم. في المقابل فإنّ الصّمت السّلبيّ تجاه خطاب وجرائم الكراهية ضدّ المسلمين من قبل تلك الحكومات شجّع بشكل مباشر أو غير مباشر على زيادة وتيرة التعدّيات على الإسلام والمسلمين.
السّؤال: كيف يمكن التّأثير في صانعي القرارات في أوروبا بحيث لا يدع هؤلاء مجالا للشّكّ لدى شعوبهم بضرورة التفريق بين المسلمين وبين تلك الجرائم التي يرتكبها البعض زوراً باسمهم؟ كيف يمكن وضع هذه الحكومات أمام مسؤولياتها في عدم توفير بيئة للتّطرّف ينفذ من خلالها متطرفون؟
خرجت الورشة بجملة توصيات أبرزها:
الدّخول مع الحكومات الأوروبيّة في نقاشات صريحة حول الظّاهرة من حيث الأسباب وآليات الاحتواء وإمكانيات التّعاون البنّاء لاحتواء امكانيات الانقسام المجتمعي.
التّواصل مع الممثّل البلدي والبرلماني بطريقة جماعية لوضعهم أمام مسؤولياتهم.
تفعيل العمل مع صنّاع القرار لسنّ تشريعات مكافحة للكراهية والإسلاموفوبيا أسوة بجرائم (اللاّسامية).
عدم الانخراط في ظاهرة التّخويف في أوساط الجالية في أعقاب الأحداث، وبالتّالي الاندماج الكامل في المجتمع.
التّظاهر لرفض الإرهاب والضّغط على المتطرّفين من الطرفين.
رفض مقولة ” أنّ هؤلاء خرجوا من عباءة الإسلام المعتدل”.
استثمار مناخ الحريّات في اوروبا بإقامة ندوات وفق القواسم المشتركة.
تنظيم واجهة جامعة وشاملة للجالية العربية للدّفاع عن مصالحها.
الاستثمار في أدوات التّواصل الاجتماعي دعماً لأصوات الاعتدال الاوروبي.

 

الورشة (3): الفكر والحواضن التّربويّة
بالنّظر إلى قدرة الدّواعش على استقطاب أعداد مهمّة من الجاليات العربية والمسلمة في أوروبا فإنّ هناك ما يشير فعلا إلى توفّر حواضن تربويّة محدّدة سمحت بذلك. هناك فكر لدى هذا البعض – ولو كان قليلاً- ينادي بدين القتل بدل دين العدل وهو فكر يعبّر عن ذاته بالعنف الموجّه نحو الدّاخل الأوروبي أو حتّى المسلم ( الآخر) كما في سوريا أو العراق أو تركيا ولبنان. لا شكّ أنّ الأرضيّة التي نمت فيها مثل تلك التوجّهات هي أرضية بحاجة إلى إعادة حراثة وزراعة وتسميد وهو ما يضع على كاهل أهل العلم والمشايخ والمفكّرين مهمّات من نوع اكثر عمقاً وتركيزاً.
السّؤال: كيف يمكن أن نجعل من البيئات التّربويّة الإسلاميّة بيئات أكثر ايجابية وأكثر وعياً وفهماً للإسلام وقدرة على التّعاطي مع أبنائها بروح المسؤوليّة التي تقي تجمّعاتها وأبناءها والمجتمعات التي تعيش فيها أثر الفكر الدّاعشي؟
خرجت الورشة بجملة من التّوصيات أهمّها:
العمل على توحيد المحاضن التّربويّة (المرجعيات الفكريّة والفقهيّة).
الاضطلاع بمهمّة صناعة القيادات الفكريّة والدّعويّة المؤهّلة.
التّفكير في إنشاء مؤسّسات مدنيّة تتولّى عمليات التّربية والتّكوين والتّأثير الايجابيّ في مسار توجيه وتربية أبناء الجالية.
وضع برنامج لتصحيح المفاهيم من خلال خطاب إسلاميّ معتدل.
عقد مؤتمرات علميّة رصينة للائمّة والدّعاة على مستوى الأقطار الأوروبيّة لتدارس الفكر وسبل التّعاطي مع الوقائع المستجدّة وآليات المحافظة على الجالية المسلمة .
إيجاد همزة وصل بين الجاليات المسلمة والحكومات في الأقطار الأوروبيّة المختلفة لاحتواء الأحداث سواء وقائيّاً في محاولة للحيلولة دون التّطرف وتجلّياته أو علاجيّاً في أعقاب أيّة حوادث كالتي جرت.

 

الورشة (4): احتواء تأثير الهجمات وتداعياتها
أثّرت هجمات باريس وغيرها على صورة الدّين الإسلاميّ وعلى المسلمين عموماً في الغرب تأثيراً كبيراً. وكما أنّ مسؤولية هذا التّدهور في صورة الدّين وصورة المسلمين وارتفاع منطق الكراهية في الغرب لكلّ ما هو عربي ومسلم هي مسؤولية الجهات التي قامت بتلك الهجمات أو تلك التي تتناغم معها، هناك مسؤولية في المقابل تقع على عاتق أبناء الجالية المسلمة والعربيّة لاحتواء تداعيات وما يترتّب على تلك الأفعال الشّنيعة من تصوّرات خاطئة عن الإسلام أو أفعال ومواقف ضدّ المسلمين. فلا يكفي أن يقف المسلمون يندبون حظّهم العاثر بخروج مثل هؤلاء من بين صفوفهم بل عليهم النّهوض بمسؤولياتهم نحو دينهم ونحو أبنائهم بما يحفظ هذا الدّين ويحسّن صورته ويحمي المسلمين من الاعتداءات ويحفظ حقوقهم الشّرعيّة.
السّؤال: ما هي الخطوات الحمائيّة أو الوقائيّة التي يتوجّب على المسلمين القيام بها للحيلولة دون دفعهم ثمن ما جرى على الصّعيدين الفردي والجماعي. وما هي الخطوات العلاجيّة التي يجب تبنّيها سلوكيّاً مع الشّعوب الأوروبيّة أو تلك التي يمكن سلوكها قانونيّاً؟؟
خرجت ورشة العمل بجملة من التّوصيات الآتية:
انخراط المسلمين في المجتمعات الأوروبيّة بوتيرة أعلى ممّا هي عليه.
الدّخول في معترك العمل السّياسيّ في القارة.
تنسيق العمل الإسلاميّ- الإسلامي.
عدم الوقوف دائما في موضع المدافع بل التّصدّي للواقع بثقة عالية بالنّفس باعتبار الجالية جزء من المجتمعات التي تعيش في أوساطهم.
إعداد كوادر وكفاءات في كافّة المجالات من أجل التّواصل مع المجتمعات الأوروبيّة بما يزيل الغشاوة عن الإسلام في عقولها جرّاء الهجمات الدّاعشيّة.
الاقتراب من المنظّمات الحليفة في الغرب والتّواصل معها ووضع الخطط والبرامج لتعميق وحدة النّسيج الاجتماعي.
العمل على تأسيس مجلس استشاريّ للمسلمين يتولّى التّعاطي مع الجالية في كافّة ما يهمّها.
تشكيل وتفعيل (مكاتب حقوقيّة خيريّة) في أنحاء القارة لملاحقة الاعتداءات العنصريّة بحقّ المسلمين والدّفاع عن قضاياهم.
توعية الجالية المسلمة بحقوقها وواجباتها من خلال المؤسّسات القائمة أو تلك التي ينبغي أن تقام.

 

الورشة (5): الخطاب الصّهيونيّ والإرهاب
يحاول السّاسة الصّهاينة ووسائل إعلامهم وبعض كتّابهم ومن يحالفونهم في الإعلام الغربيّ الرّبط بين ما يجري في فلسطين من مقاومة مشروعة وبين هجمات باريس والحرب على الإرهاب. على الرّغم من فقدان الصّهاينة – النّسبي- لمصداقيتهم في السّاحات ّالأوروبيّة إلاّ أنّ هناك من يثقون بهم ويصدّقونهم ويوفّرون لهم حواضن إعلاميّة وسياسيّة دافئة. لم تفلح محاولات الرّبط هذه في التّأثير الحِدّي على الجماهير المتعاطفة مع القضيّة الفلسطينيّة في المرّات السّابقة إلاّ أنّ الصّهاينة لا يزالون يعوّلون على قدراتهم ونفوذهم في تشويه صورة الفلسطينيّ المقاوم. على الرّغم من بروز أصوات معاكسة تماماً لهذا التّوجّه في أوروبا كالذي صدر عن وزيرة خارجيّة السّويد إلاّ أنّ هناك مسؤولية ملقاة على عاتق الفلسطينيّين وأنصارهم من أجل الحيلولة دون الوصول إلى الغاية التي يريدها حكّام إسرائيل.
السّؤال: كيف يمكن أن يكون للفلسطينيين وأنصارهم خطاب مقابل للخطاب الصّهيونيّ بحيث لا يكتفي هؤلاء بدفع التّهمة بل يقفزون نحو ربط الإرهاب الصّهيونيّ ضدّ الفلسطينيّين بالأعمال البربريّة التي يمارسها الدّواعش ضدّ الابرياء؟
توصيات ورشة العمل كانت على النّحو الآتي:
العمل على إنشاء محطّة فضائيّة لفلسطين في أوروبا ناطقة باللّغة الانجليزيّة تتولّى عمليات ّالتّعبئة للقضيّة الفلسطينيّة والدّفاع عنها وتكون صوتاً لكلّ العاملين لفلسطين من كافّة المنظّمات النّاشطة في هذا المجال.
استثمار ما يحصل على السّاحة الدّوليّة من أعمال إرهابيّة في توجيه نظر العالم إلى الجرائم الصّهيونيّة بحقّ الفلسطينيّين والتي تحاكي الجرائم الدّاعشيّة.
نعت الصّهيونيّة بالإرهاب على كلّ الصُّعُد، فكما التصق في اذهان العالم الإرهاب بالإسلام لا بدّ من وصف الصّهيونيّة بالإرهاب والنّظام العنصري ( الأبارتهايد).
تكوين مرجعيّة إعلاميّة حول الانتهاكات الصّهيونيّة في فلسطين ونشر إحصائيات ووقائع موثّقة حول ذلك بين الشّباب الفلسطينيّين وأنصارهم.
تسليط الضّوء على التّشابه بين تعامل الحكومة الصّهيونيّة مع الأسرى الفلسطينيّين وبين الحالة الدّاعشيّة في التّعامل مع الأسرى.
استنفار مؤسّسات حقوق الانسان وتوثيق الجرائم الصّهيونيّة وتوثيق الحالات الفرديّة للمطالبة بتطبيق الأحكام القانونيّة في المحافل الدّوليّة ضدّ تلك الجرائم.

 

مختارات من التّوصيات
لا بدّ من العمل على توفير الموارد الماليّة اللاّزمة للمباشرة في تنفيذ التّوصيات جميعاً لا سيما الآتية منها لأولويّتها من حيث الأهميّة:
عمل محطّات (إذاعة) إسلاميّة في كافّة الأقطار الأوروبيّة الممكنة تتحدّث كلّ منها بلسان الدّولة التي تتواجد فيها بحيث تعمل على التّرويج للإسلام الصّحيح والدّفاع عن روحه وعن الجالية. لابدّ أن يعمل في تلك الإذاعات أناس مهرة يتقنون فنّ الخطاب والإعلام ويفهمون الإسلام واحتياجات المسلمين والواقع المحيط بهم.
العمل على تأسيس مجلس إستشاريّ للمسلمين يتولّى التّعاطي مع الجالية في كافّة ما يهمّها.
تنظيم واجهة جامعة وشاملة للجالية العربيّة للدّفاع عن مصالحها.
تأسيس (مؤسّسات حقوقيّة خيريّة) وتفعيلها في أنحاء القارّة لملاحقة الاعتداءات على خلفية الإسلاموفوبيا والدّفاع عن قضايا المسلمين.
عقد مؤتمرات علميّة رصينة للأئمّة والدّعاة على مستوى الأقطار الأوروبيّة لتدارس الفكر وسبل التّعاطي مع الوقائع المستجدّة وآليات المحافظة على الجالية المسلمة.
الدّخول مع الحكومات الأوروبيّة في نقاشات صريحة حول الظّاهرة من حيث الأسباب وآليات الاحتواء وامكانيات التّعاون البنّاء لاحتواء امكانيات الانقسام المجتمعي.
إعداد مجموعة من الشّباب الذين يتقنون لغات المجتمعات التي يعيشون في أوساطها من خلال الدّراسة والتّدريب كي يتولّوا التّعامل مع الاعلام الغربي.
العمل على إنشاء محطّة فضائيّة لفلسطين في أوروبا ناطقة باللّغة الانجليزيّة تتولّى عمليات التّعبئة للقضيّة الفلسطينيّة والدّفاع عنها بحيث تكون صوتاً لكلّ العاملين لفلسطين من كافّة المنظّمات النّاشطة في هذا المجال.

 

تعميم التّقرير
يتمّ تعميم خلاصات هذا التّقرير على:
جميع المشاركين في اللّقاء الذي خرجت منه هذه التّوصيات ومن يرغب من خارج هذه الدّائرة.
كلّ منظّمات العمل الإسلاميّ والشّخصيات الوازنة في أوروبا.
الجهات الدّاعمة التي يمكنها المساهمة في تبنّي المشاريع المقترحة فيه.
مراكز الأبحاث والدّراسات في العالم العربي.
مؤسّسات إعلاميّة رائدة.
يتمّ عمل ملخّص تنفيذيّ باللّغة الإنجليزيّة وتوزيعه على صانعي القرار الحكوميّ في المستويات المختلفة.
انتهى

تعليق 1
  1. عبد الكريم يقول

    JM Le Pen avait dit en 1988 que le problème de la France ,c’est les arabes qui sont en France ,
    pas les arabes qui sont chez eux

    ,Mitterand a detruit l’irak ,Sarkosi et Holande ont détruit la libye La Serie Le Mali et pour finir moralement et matériellement l’Algérie.

    Comme disait Napoléon, il y a différentes manières de tuer un homme, par l’épée, le pistolet et par l’assassinat morale. Cette dèrnière étant la plus cruèlle

    Des français ont tué des français, c’est un problème purement Français.

التعليقات مغلقة.