الجنرال طرطاق إذ يمنع أن يكون وزيرا

246

 

بوتفليقة عبد العزيز و سعيد

بعد حوالي أسبوع على تسريب خبر حلّ جهاز المخابرات المعروف بالدي أر أس، واستبداله بجهاز جديد سمّي الدي أس اس تحت قيادة الجنرال عثمان طارطاق المدعو بشير،  الذي رقّي بالمناسبة لرتبة وزير دولة،  تراجعت اليوم السبت 30 يناير  2016 جماعة بوتفليقة عن ذلك، فقد أعلن مدير مكتبه، وزير الدولة أحمد أويحي، أنّه فعلا تمّ حل الدي أر أس DRS ولكنها لم تستبدل بإدارة واحدة، وإنّما بثلاث مديريات عامة مستقلّة عن بعضها البعض،  وأنّ طرطاق ليس وزير دولة إنّما منسق للأجهزة الأمنية برتبة مستشار للرئيس فقط.

 

تراجع واضح عمّا كانت وسائل إعلا م كثيرة قد نشرته وأكّدته لعدّة أيام دون أن يصدر ما يكذّبه أو يؤكّده في انتظار رصد ردّ الفعل على قرار بالغ الخطورة كهذا.

ردّ فعل كانت جماعة بوتفليقة تستعجله خاصة من كبار أركان النظام.

في اعتقادي إنّ هذا التراجع مردّه إلى جملة من الأسباب أبرزها:

1- الإحتجاج الشّديد الذي يكون بوتفليقة قد تلقّاه من كبار جنرالات الأركان و على رأسهم الفريق قايد صالح بعد تعيين طرطاق وزير دولة في حين أنّ قايد صالح ليس إلاّ نائب وزير.

2- الغضب الذي يكون قد لمسه لدى قادة الأجهزة الأمنية الأخرى، خاصة الشرطة والدرك، فالجنرال الهامل وهو يقود شرطة من أكثر من 230 ألف عنصر  والجنرال مناد، قائد أكثر من 170 ألف دركي، كلاهما يكون قد أبدى انزعاجه وهو يرى الجنرال طرطاق ليس فقط وزير دولة ولكن أيضا مسؤولا عن كافة الأجهزة الأمنية بما فيها جهازيْهما.

3- الانتقاد المتصاعد من قوى كثيرة، سياسية وحقوقية وشعبية، داخلية وخارجية،  إستغربت أن يعيّن جنرال عُرف بدمويته الشديدة في عشرية الحرب القذرة، ليس فقط مسؤولا على كافة الأجهزة الأمنية ولكن أيضا برتبة وزير دولة.

4- إنتقادات ولو صامتة من ضباط كبار داخل جهاز الدي أر أس – المحلّ نفسه -، التي رأت بأنّ إعطاء هذه الصلاحيات الهائلة ورتبة وزير دولة لشخص أقدم حتّى الآن على طرد العشرات من كبار ضباط الجهاز حتما هو أمر سيّئ، خاصّة وأن طرطاق له عداوات كثيرة داخل الجهاز المّحل.

 

وانتقادات أخرى أجمعت على أنّ هذه الخطوة من شأنها أن تضعف النظام القائم أكثر ممّا تساعده في ظرف تواجه فيه النواة الصلبة داخل النظام جملة من التحدّيات أهمّها:

1- صراع أجنحة بين كبار قادة النظام أدّت للإطاحة بجنرالات كبار على رأسهم قائد المخابرات السابق الفريق توفيق،  وسجن عدد من كبار الضباط على رأسهم قائد جهاز مكافحة  الإ رهاب الجنرال حسان.

2- تصدّع الجبهة المدنية للنظام، حيث ذهب بعض أهمّ مناصري الرئيس بوتفليقة إلى حدّ التشكيك في قدرته على إدارة البلاد والمطالبة ب”ضرورة لقائه للتأكّد من أنه مازال قادرا على أداء مهامه”، من أشهر هؤلاء ما يعرف بمجموعة 19.

3- إنهيار أسعار البترول، وهو المصدر الأساس الذي يموّل ميزانية الدولة بنسبة تقارب ال60٪ ، والمصدر الوحيد تقريبا لتمويل الواردات بما يقارب 98 ٪،  إلى الحدّ الذي يخشى معه أنّ الجزائر لن تحصل على أكثر  من 28 مليار دولار عام 2016 وهو أقل من ثلث مداخليها من البترول و الغاز في عام 2009

4- تصاعد الغضب الشعبي نتيجة تردّي الخدمات و ارتفاع الأسعار بعد أن رفعت الحكومة  أسعار الكهرباء والطاقة،  وتعاظم هذا الغضب بإلغاء مشاريع إقتصادية وإجتماعية كثيرة لعدم قدرة الدولة على التكفّل بها، ناهيك عن تفاقم مشكلة البطالة المزمنة.

5- الشعور العام لدى فئات هائلة من السكان، من أنّ نظام الحكم أصبح يشكّل خطرا حقيقيا على البلاد في ظل أوضاع داخلية متفاقمة  وأوضاع إقليمية متفجّرة، حيث عجز بشكل متزايد عن حلّ المشاكل العالقة، في حين أنّ رئيس البلاد البلغ 79 سنة من العمر  في حالة صحية متدهورة، جعلته غير قادر على مخاطبة شعبه منذ ما يقارب أربعة أعوام.

ومع ذلك فإنّ التعديلات الدستوريّة التي سيصوّت عليها برلمان طيّع في الأيام القليلة القادمة جاءت مخيبة للآمال بشكل كبير.

 

إذن على وقع هذا الاستياء العام ، خاصة لدى كبار عناصر النظام  نفسه، تتراجع جماعة بوتفليقة التي يقودها السعيد  شقيق الرئيس، على الترقية الكبيرة التي منحتها، بشكل مسرّب وغير رسمي،  لأحد أكثر العناصر خدمة لها وولاء في السنين الثلاث الأخيرة، والذي ساهم ومايزال، بشكل نشط ومتحمّس للغاية  في تفكيك مخابرات الدي أر أس،  التي كان يرأسها سلفه وقائده الفريق توفيق حتى 13 من سبتمبر الفائت لما يزيد عن ربع قرن.

 
تراجع بقدر ما يهدّئ نفوس الغاضبين مؤقّتا من الحلفاء، إلاّ أنّه أنذرهم بخطورة الموقف، فجماعة بوتفليقة لن تتوانى للحظة واحدة  العصف بأقرب مقرّبيها إذا ما رأت أن ذلك يثبّت ويطيل بقاءها في السلطة.
 
أكثر هؤلاء تذمرا وإحباطا وشعورا بخطورة الموقف، الفريق أحمد قايد صالح، الذي تتملّكه مرارة شديدة من أنه وبعد كل الخدمات التي قدّمها لجماعة بوتفليقة، المدعوم هو وإياها فرنسيا، يجد نفسه مهدّدا في كل حين بالرحيل المذل، بعد أن ساهم هو في الإطاحة بالفريق توفيق الذي وصف نفسه يوما بأنه “رب الدزاير”. و هو ، قايد صالح، الذي وقف بصرامة في وجه كل الدعوات المنادية بتطبيق المادة 88 من الدستور ، أي عزل الرئيس لأسباب صحية هو أول من يعلم أنها بالغة الوجاهة. ناهيك أنه سارع لفتح الأجواء الجزائرية للمقنبلات الفرنسية ولدعم عسكرها في مالي دعما لوجيستيكيا كبيرا.

كما أن قايد صالح ينظر بكثير من الريبة للفريق بن علي بن علي،  قائد الحرس الجمهوري الجديد وأحد أبرز قادة جماعة بوتفليقة الذي يتحضّر لأخذ مكانه في أي لحظة،  مما يجعله أمام خياربن أحلاهما مر،  إمّا فعل لا شيء راجيا ألاّ تطيح به جماعة بوتفليقة وإما الإقدام على الإطاحة بها بتفعيل المادة 88 من الدستور مع ما يصاحب ذلك من توتّرات ومخاطر قد تعصف بالنظام كله.

أيّا كان التوجّه في قادم الأيام،  فإن وضع النظام الحاكم في الجزائر يزداد هشاشة مع كل يوم يمر وسعر البرميل  مترنّح هبوطا،  ومع كل لحظة تمر والتنافس والتآمر يشتدّ بين أجنحة النظام نفسه على من يرث الرجل المريض، ناهيك عن المخاطر المتصاعدة محليا وإقليميا وكلّها تنذر بعام حاسم.

 

محمّد العربي زيتوت

3 تعليقات
  1. محمد أكرم يقول

    السلام عليكم و رحمته الله و بركاته أستاذ زيتوت، منذ مدة معتبرة و أنتم تتحدثون عن قرب إنهيار النظام الذي جعلنا نمقت المكوث بالجزائر و نتطلع إلى الهجرة منها لكن النظام مستمر و ينجح في عديد المناسبات في تمرير مشاريعه و اتخاذه سياسة الهروب إلى الأمام، أظن أننا نحن الجزائريون الذين نوشك على الإنهيار و الإنفجار و هذا بسبب المشاكل العديدة التي نعاني منها و التي يمكن أن نلخصها في غياب ضروريات الحياة الكريمة من بطالة خانقة يقابلها إلتهاب أسعار مختلف المواد، آفاق مسدودة و غيرها، فنحن لا زلنا نبحث فقط عن إيجاد فرص تشغيل لائقة حتى لا أقول جيدة، أما فيما يخص الأمور الأخرى و على رأسها الزواج، فنراها صعبة المنال، على كل حال بارك الله فيكم يا أستاذ.

  2. mohamed يقول

    كل ما جاء في هذا المقال هو حقيقة ما يجري في أرض الواقع و كل ما يهمنا في هذا أن تبقى الجزائر واحدة و موحدة و ليذهبوا هم غير مأسوف عليهم تحيا الجزائر و المجد و الخلود لشهدائنا الأبرار

  3. fouad يقول

    Je voulais en premier lieu envoyer un message à gaid salah pour attirer son attention sur nos interpellations precedentes concernant la grave decision qi’il avait prise en reconduisant la honte de l’humanité au palais d’el mouradia.Maintenant qu’il risque d’être recuperer en viande hachée à tout moment , il est inutile de le faire, sauf peut etre une petite phrase qui lui sera destinée.Ya salah ne cherche même pas à le dribbler . On ne dribble pas un cancer . On procede à son ablation pour eviter qu’il ne se metastase.En réalité , je voulais intervenir sur une decision sage qui a été prise , hier, concernant le retour de abdelhamid brahimi en algerie.C’est avec satisfaction que j’ai acceuilli son retour , car je redoutais un peu qu’il finisse ses jour en dehors de son pays.Je crois que le regime a été echaudé par l’éternel scandal de voir l’épisode ait ahmed se repeter avec abdelhamid brahimi. Ait ahmed restera une tache noire indelibile sur le dos de ce regime.Un homme qui a vu tous les novembristes operer sous ses ordre à l’époque de l’organisation secrete se voit terminer ses jours loin de son pays. Et ceci, pendant que la fiereté de de gaule, khaled nezzar, eructe sa fausse histoire sur les plateaux de television tout en faisant un bras d’honneur à tous les acteurs nationalistes de l’époque du coup d’état.Abdelhamid brahimi de retour en algerie. Voilà une sage decision qui devrait être suivi par d’autres si les intentions sont bonnes.Je n’oublierai jamais le moment où il est passé sur une chaine arabe basée à londres. À L’époque l’algerie est rentrée de plein pied dans la guerre civile.Je ne comprenais rien à la situation et la mort etait partout.D’autant plus que le régime n’était pas pressé à resoudre le probleme de facon radicale .Et là ,abdelhamid brahimi fait une declaration , sans aucune ambiguité, en disant ceci :<>. `C’est à partir de ce moment exact que j’ai commencé à comprendre la salade qu’on a voulu nous imposer sous le refrein de terrorisme islamiste.El hala rahi kbira.À ceux qui ont pris cette sage decision,doivent savoir que l’algerie est sur la corde raide et se dirige tranquilement et joyeusement vers l’impasse .Preuve en est, ce papier hygienique qu”on nous presente en tant que constition et… l’alpha et l’emega de tout probleme de algerie.Ainsi , la porte doit etre ouverte à tous les opposants et personnes credibles pour canaliser le peuple qui risque d’exploser à tout moment.Ceci en commencant par arreter vos connries contre ali benhadj.Vous immaginez netanyahou ou ariel charon interdire à un rabbin de prier dans une synagogue.Et dieu sait, ce que ces rabbins sortent de leurs bouches.Impossible.Pourtant, le terrorsite el hamel le fait chaque semaine sans aucun etat d’ame en violation de leurs ex-papier hygienique (precedante constituion ) et leur prochain papier hygienique(leur prochaine constitution ).Un état responsable devrait etre content de voir l’emergence de leaders credibles pour canaliser les masses et surtout les eduquer. Ainsi, dans le cas de problemes majeurs , l’état saura vers qui se diriger et discuter. Donc ceux qui ont pris la sage decision de laisser rentrer abdelhamid brahimi, doivent laisser rentrer tous les opposants,les ex-militaires, les ex-diplomates, les ex-journaliste et les ex-ministres….. chez eux. Ca doit se faire sans conditions evidemment., car la mediocrité est devenue une religion en algerie. Aprés toutes ces années , il est temps de mettre un terme à vos tbahdayels. Vous ne le savez pas encore., mais….Il y a enormement de boulot qui reste à faire.

التعليقات مغلقة.