كتاب: “سعيد مقبل الموت حرفيا une mort à la lettre” (بالفرنسية)
هذا الكتاب من توقيع الصحفية الألمانية مونيكا بيرغمان عن الصحفي الجزائري المُغتال سعيد مُقبل، يضم بين طيّاته مجموعة من الحوارات كان قد خصّ بها سعيد مقبل الصحفية المذكورة عاماً قبل اغتياله أوائل شهر ديسمبر 1994،…والمثير في الكتاب حقاً هو توقّع سعيد مقبل لمونيكا بيرغمان عملية اغتياله وإشارته بأصابع الإتهام للجنرال محمد مدين المدعو توفيق بأنّه هو من سيرتّب اغتياله…بل أكثر من ذلك اعتبر مقبل أنّ كل ضحايا ما عُرف بملف اغتيال المُثقفين و الصحفيين إنّما كان من تنفيذ العلبة السوداء داخل جهاز المخابرات العسكرية حتى ولو كانت الأداة “إرهابيون إسلاميون”، وأكثر من ذلك يشرح مقبل قناعته حول خطة العمل الأسبوعية التي كان يعمل بها فريق اغتيال المثقفين من جهة اختيار اليوم و الأهداف، وكان اغتيال المخابرات لطاهر جاووت بالنّسبة إليه هو أكبر دلالة على أنّ دور القضاء عليه قد اقترب.
ومما يفاجئ القارئ هو التضامن الذي يُبديه مقبل في حواره مع المنتفضين الإسلاميين ضدّ ظلم السلطة رغم الاختلاف الواضح في الإيديولوجية، وقد يبرهن هذا حقيقة أنّ الأطراف التي ضخّمت انتماء سعيد مقبل إلى “الشيوعيين” كانت ربما تجهّز في المبررات والدّواعي التي تجعل من اغتياله تحصيل حاصل في إطار مزعوم لصراع بين “إسلاميين متوحّشين” من جهة، وبين “ديموقراطيين جمهوريين” من جهة أخرى”.
سعيد مقبل حسب مقال في موقع الضبّاط الأحرار بعنوان المجزرة و الصحافة:
سعيد مقبل
بالإضافة الى طبعه فسعيد مقبل كان قريبا من طاهر جاعوط، كان معروفا لدى المخابرات بلقبه المشهور “مسمار جحا”، تم هو الآخر الإقتراب منه بهدف التعاون مع مخابرات اسماعيل، لقد وصفه الضابط المكلف بتجنيده بالوقح، ورغم استفادته بمنحة دراسية بالخارج من وزارة الدفاع فإن سلوكه ينم عن عدم العرفان بجميل المخابرات. لقد اشتهر بكتاباته غير المطرية للإسلاميين من جهة وللقيادة العسكرية من جهة أخرى، كلفه ذلك توقيفه عدة مرات من الصحيفة وتحذيره بطريقة شائنة، رفض سعيد مقبل أن يكون كفيل سياسة التغيير الجزئي، بالنسبة إليه فإن الاسلاميين والعسكريين هم شياطين بألوان مختلفة، الاخطر لمقبل هو أنه يزعج كثيرا توفيق بكتاباته وادعاءاته المتكررة المتعلقة بتورط المخابرات في اغتيال بعض الصحافيين، أوصل له توفيق رسالة في غاية الوضوح “بهذا الايقاع فإنك ستلحق بجاعوت لا محالة”. عندما أعطى حوارا لصحفية ألمانية (لا نذكر إسمها لأسباب أمنية والتي تحتفظ دائما بتسجيل صوتي للمقابلة) وذلك أسابيع قبل موته فقد أجابها بصراحة عن سؤالها : من يريد قتلك ؟ “إذا سمعتم إنني قتلت فاعلموا أنه الجنرال توفيق الذي يكون قد أمر بقتلي”. إن إلتزاماته السياسية تجعله معاد طبيعيا للتعاون المباشر أو غير المباشر مع المخابرات، عندما طلب منه الضابط المكلف بتجنيده بالتعاون مع المخابرات كان رده يشبه رد لويزة حنون عندما ألقي القبض عليها عام 1989 ببن عكنون مع زميلتها من الخطوط الجوية الجزائرية، كان نفس الجواب واللهجة المستعملة قوية للتعبير عن الرفض : “لن أتعاون وافعلوا ما شئتم”. الشرف للأسياد، إنه الجواب الذي لم يرد اسماعيل سماعه، نفس الفريق الذي نظم عملية جاعوط يتكلف بملف سعيد مقبل وبنفس الطريقة : أغتيال كما يجب، إلا أنه في هذه الحالة ينجو سعيد مقبل من محاولة الاغتيال يوم 08 مارس 1993، منذ ذلك الحين أصبح حذرا وصعب الاقتراب منه، لهذا السبب كلف “بالعمل” رجل لإسماعيل والمسمى عبد المالك أمالو المعروف بخبرته تحت إسم مستعار “‘المصفي”، لقد اشتهر بعد اغتيال المحامي علي ميسيلي في باريس عام 1987. يحتاج “المصفي” الاقتراب من سعيد مقبل دون أن يشك هذل الاخير في شيء، وذلك ما تم بفضل تعاون أحد الاعوان النساء (صحفية ترافق القاتل يوم الجريمة والتي تعرف سعيد مقبل)، لقد أوقعته في الفخ، واقتلع توفيق واسماعيل “مسمار جحا”، كان سعيد مقبل يحمل رقم 27. إنه لمن المؤلم ذكر هذه الامثلة لأن أهداف توفيق واسماعيل كثيرة، فبالإضافة للتأثير الاعلامي لهذه العمليات المشؤومة فهذه الاغتيالات هي دروسا لصحافيين آخرين والذين يخشون على حياتهم وبالتالي لم يبق لهم الاختيار، بالنسبة لمسئولي مصلحة الصحافة بمديرية المخابرات فبعد اغتيالات الصحافيين سواء من طرف المخابرات (الامثلة السابقة) أو على يد الاسلاميين فإن قطف الاقلام أصبح أكثر سهولة، كانوا يستقبلون بأيد مفتوحة ويوفر لهم الامن والسلاح (كثير من الصحافيين سلحوا من طرف المخابرات بعد كل ما حدث) وكل الرفاهية التي يحتاجونها مقابل مشاركتهم الايجابية. إنه من المهم التذكير هنا أن وراء قتل الصحافيين (وخاصة الصحافيين الاجانب) فإن للجنرالين توفيق واسماعيل هدف في غاية الاستراتيجية وهو مراقبة بطريقة غير مباشرة الصحافة الاجنبية وذلك بفرض حماية مقربة ودائمة أثناء إقامة الصحافي بالجزائر.
بهذه الطريقة فإن الجنرالات على يقين بتحديد حقل عمل الصحافيين الاجانب الذين لن يروا إلا ما يخدم القيادة العسكرية ولا شيء آخر، حتى اللقاءات مع السكان المدنيين قد خفضت الى أقصى حد وذلك لتجنب كل انزلاق ، يجب على الرأي العام العالمي أن يسمع وبكل ثمن نفس النغمة “الجيش بريء من كل شيء”.
تنزيل الكتاب، كتاب: “سعيد مقبل الموت حرفيا une mort à la lettre”
التعليقات مغلقة.