ثورة اللاعنف والتغيير المرتقب

770
عادة ما يتسم النضال ضد الظلم والقهر وتسلط الغير بالعنف , ولا يجانب المرء الصواب ان قال ان هناك ارتباط بشري وثيق بين العنف والثورة على الظلم , فالثورة ذاتها في الذهن الجمعي البشري وثيقة الصلة بالعنف والقوة0وبفرضية أن الثورة هي في واقع الأمر ثورة على الظلم , أي هي مسمى لهذه السببية لا لإلتجائها إلى العنف كوسيلة للتغيير , يبقى تساؤل هام هل ينجح العربي في احداث التغيير المنشود بدون اللجوء للعنف ؟0والحقيقة ان الارتباط بين العنف والثورة , يتأتى من الطبيعة البشرية في ذاتها التي تواجه العنف بمثله , ربما قناعةً بأن العنف هو رد الفعل الوحيد على العنف , لذا عادة ما يلجأ الإنسان إلى العنف المضاد الذي يولد عنف من الاتجاه المعاكس وهكذا دواليك , يولد العنف نظيره حتي يحدث الانفجار والتغيير المنشود 0لكن ترى هل اللجوء إلى اللاعنف كوسيلة تغيير , هو وسيلة فعالة أم أنه مثالية خرقاء تشبة مدينة أفلاطون الفاضلة بلا فضيلة في واقعها ؟تتمثل قوة اللاعنف كوسيلة تغيير في اعتماده في المقام الأول على قيم وضمير الظالم أو بالأحرى المحيطين به , ثم في عدم قدرة الظالم ومحيطيه كبشر على مواصلة انتهاكاتهم ضد شركاء الانسانية , كما انه وفي ضوء العولمة فان اللاعنف يستفيد من اللعب على وتر الشرعية الخارجية للنظم , ومقدرتها على اللعب على المسرح السياسي العالمي 0اللاعنف اذا على الأقل وسيلة جيدة وفعالة لاختراق الظالم ومحيطيه , ودفعهم لتفهم القضية والتسليم بدوافعها, ثم لديه الطرف الثالث الخارجي الذي يلعب عليه لاسباغ الشرعية والمشروعية على قضيته هو , واسقاطها عن الظالم0و هنا يبرز الشرط الأساسي في اللاعنف كوسيلة التغيير يتمثل في ان هذا المنهج لا يمكن أن يستخدم إلا مع القضايا العادلة والعادلة فقط, وهو فعال جدا للقضايا التي تعاني تشويه , مثل القضية الفلسطينية , اذ ان استثمار عنف اسرائيل ضد الفلسطينيين العاجزين اصلا عن الرد بعنف مضاد, يمثل في حد ذاته انتصارا يغير من التصور الغربي المشوة للقضية 0وهنا يقفز إلى الذهن تساؤلات عن الفرق بين اللاعنف والاستسلام والخنوع0وببساطة شديدة يتمثل الفرق في أن اللاعنف هو وسيلة تغيير للواقع تعتمد على وسائل غير عنيفة , اما الاستسلام والحنوع فهما تسليم بالواقع على ما هو عليه 0لكن يبقى التساؤل الهام وهو هل ينجح العربي في احداث التغيير المنشود بدون اللجوء للعنف ؟ أو بطرح آخر هل ينجح التغيير باللاعنف , وأعني هنا استخدام اللاعنف كوسيلة للتغير في مجريات القضية الفلسطينية والعراقية , وكوسيلة لتغيير النظم أيضاً0
ويظل التساؤل مطروحاً ترى هل ينجح العربي في احداث التغيير المنشود بدون اللجوء للعنف ؟ أو بطرح آخر هل ينجح التغيير باللاعنف , وأعني هنا استخدام اللاعنف كوسيلة للتغير في مجريات القضية الفلسطينية والعراقية , وكوسيلة لتغيير النظم أيضاً0وبالنظر لواقع العربي نجد مسلمة سياسية تنطبق عليه , هذه المسلمة تتمثل في أنه كلما تغيب وسائل التغيير السلمية , كلما زاد اللجوء إلى العنف كطريقة للتغيير , ولأن نظمنا نظم ديمقراطية التفصيل والتطريز , فان دساتيرها لا تضمن أي وسيلة للتغيير , بل هي قد تجرم التغيير في حد ذاتها , وبمجرد التفكير فيه تجد تهمة تغيير نظام الحكم جاهزة للالقاء بك في غياهب المعتقلات 0اذا فالتغيير بوسائل عنيفة له ما يبرره خصوصا في المنطقة العربية , فهو ليس فقط رد فعل انساني , بل هو كذلك وسيلة وحيدة في يد المعارض للتعبير عن رأية , لذا فهو ايضا رد فعل جمعي سياسي 0الثورة اذا هي الوسيلة الوحيدة المتوفرة لعلاج الأمر في المنطقة برمتها , ويبدو منطقيا التسليم بان التغيير لن يكون بغير الثورة , لكن السؤال هو لماذا لا يلجأ أحد في المنطقة إلى وسيلة اللاعنف كوسيلة إضافية وجدية للتغيير ؟التغيير باللاعنف يبدو هو الآخر ضرورة يفرضها الواقع , بل وتفرضها الثورة بالعنف أيضاً , فالتسليم بأن الثورة هي وسيلة التغيير للنظم الظالمة الحالية , ينطوي على مسلمة أخرى وهي ضرورة التنظير للتغيير المرتقب وشكل المجتمع في ظل هذا التغيير , هذا التنظير الذي يتضمن ضرورة مراعاه حاجات المظلومين والمقهورين , وهو ما يعني ضرورة اللجوء اليهم في مرحلة أو أخرى وعرض صورة التغيير عليهم للحصول على الشرعية للثورة شرعية الشعبية لا شرعية القوة .

التعليقات مغلقة.