صراع وجود وليس -فقط- صراع نفوذ..
واحدة من أكبرالأخطاء، إن لم تكن الخطيئة الكبرى، التى إرتكبتها القوى الشرعية التى أفرزتها الإرادة الشعبية في أول إنتخابات حرة في بلدانها، هي أنها أخطأت في فهم طبيعة الصراع القائم مع الثورة المضادة، ومن ثمة أخطأت في أسلوب المواجهة.
إعتقدت قوى الشرعية، على الأقل تلك التي “بيدها القرار”و إن كان قرار ناقصا و محدودا، أن الصراع هو على من يحكم، وتبعا لذلك على الأموال والنفوذ والسلطان التي خسرتهم الأنظمة الساقطة والمتساقطة.
و الواقع أن ذلك هو الجزء الظاهر والأصغر من جوهر الصراع، الذي هو في حقيقته، صراع أعمق و أكبر وأشمل، تخوضه شعوب تريد أن تعيش حرة، كريمة، عزيزة في بلدانها، بثروات ومبادئ وقيم وثقافة أوطانها، و بين عصابات إستبداد و فساد أخضعت الشعوب بالحديد والنار و القهر حينا، والمكر والتضليل والخداع في كل الأحيان.
مدعومة بلا حدود، بقوى إستعمارية أخضعت هذه الشعوب لعشرات السنين، وعندما إنكسرت وإندحرت مرغمة تحت ضربات الرجال وحركة التاريخ، إختلقت ووضعت ورعت، وبخبث شديد، مجموعات مدنية أو ملكية أو عسكرية، فاسدة وموالية لها، وفي أكثر الأحيان خادمة، سرا وعلنا، لمصالحها وأهدافها.
كما أنشأت لها قوة إسناد من مجموعات تسمى نفسها نخبوية، تتبنى وتنشر صورا هزلية و ممسوخة للثقافة الغربية، في قوالب قيم وأفكار مبتورة حتى بالمقاييس الغربية، ولا علاقة لها بشعوبها، اللهم إلا في بعض ملامح وجوه أوأسماء أصحابها.
إذا حقيقة الصراع، أيها السادة، أنه صدام على الثروات والسلطان والنفوذ والأهم والأخطر والأشرس من ذلك، أنه صدام على الثقافة والقيم والمبادئ والهوية بكل معانيها و أبعادها، وتبعا لذلك، على موقع شعوب هذه الأمة على المسرح العالمي و خارطة الفعل التاريخي والتأثيرالحضاري.
محمد العربي زيتوت
التعليقات مغلقة.