معاً رشاد: احتدام الصراع على السلطة بين بوتفليقة والتوفيق

131

في هذا العدد الجديد من برنامج مع رشاد افتتح محمد العربي زيتوت عضو أمانة حركة رشاد حديثه بالإشارة إلى الأوضاع و التطورات السياسية الخطيرة التي تعصف بالمنطقة العربية، التي شهدت في السنوات الأخيرة ثورات شعبية على الظلم و الإستبداد الذي أحكم قبضته على شعوبها على مدار الستين عاما الماضية.

ولم تكد الأوضاع تستتب بعد للشعوب الثائرة بعد إسقاط عدد من الطغاة حتى عادت الثورات المضادة تضرب بكل بطش، بعد أن أعادت تنظيم بقاياها التي لم تقم الشعوب بملاحقتها في أوج ثوراتها.

وهكذا وفي مصر نفذ العسكر انقلابهم بدموية لا توصف فقتلوا الآلاف وفتح السجون لعشرات الآلاف وطاردوا الأبرياء وأغلقوا المجال السياسي وسمموا الإعلام والأصوات الحرة بل وحتى المساجد.

أما العراق الذي يسيطر عليه الطائفيون فليس ببعيد عن مصر، فبعد 10سنوات على الغزو الأمريكي المباشر ، هاهي الحكومة الحالية تمارس شتى أنواع القهر والإستبداد في حق أبناء الشعب العراقي الذي لم يسكت عن المطالبة بحقوقه المشروعة.

وفي سوريا التي دمرها نظام بشار الأسد،  تحث القوى الكبرى الخطى لضرب سوريا وهي تدرس كيف ستتعامل مع النظام بما يحافظ على مصالحها فقط، وذلك بعد أن استعمل النظام الأسلحة الكيمياوية في حق الأطفال و المدنيين في غوطة دمشق. هنا شدد محمد العربي على “رفض الضربة الأمريكية أي كانت التبريرات.”

في خضم هذه الأمواج المتلاطمة من المخاطر المحدقة بالمنطقة، وبدل أن تحرص الجماعات المتسلطة على الجزائر للحفاظ على البلاد من المخاطر التي تتهددها، يحتدم الصراع على السيطرة على الحكم و النفوذ بين الأجنحة المتشاكسة داخل منظومة الحكم.

فلم يكف الفساد المالي الذي أنهك البلاد من كثرة الملايير المنهوبة ولا التقهقر في شتى ميادين الحياة…ولم يعد همّ “الرئيس” إلا الظهور دقيقة أو نصف دقيقة على التلفزيون وهو في حالة تدعو إلى الشفقة على حالة العجز و المرض التي بلغها….

كل ذلك لإيهام الشعب على أنّه مازال مسيطر على مقاليد الحكم، يصدر التوجيهات و الأوامر و التعليمات العسكرية “بضرب من تخول له عبور الحدود الجزائرية سواءا كان ذلك من مالي أو النيجر أو ليبيا”…(وهو نفسه الرئيس الذي فتح المجال الجوي لطائرات الجيش الفرنسي لتقصف في مالي بكل سهولة).

وفي تفاصيل الصراع المزمن، عاد بوتفليقة إلى الجزائر، بعد قضاء ثمانين يوما في مستشفى فال دوغراس التابع للجيش الفرنسي بباريس، المستشفى الذي نُقل إليه بعد أن أصابته جلطة دماغية من كثرة الفضائح المالية التي سرّبها جهاز المخابرات (الطرف المقابل في معادلة الصراع) عن فساد بوتفليقة و حاشيته وعائلته ومقرّبيه…مسته هو شخصيا مع أخوه السعيد المسيّر الفعلي لجناح الرئاسة.

عاد بوتفليقة وفيه بقية من حياة، لينتقم من مهاجميه وفاضحي فساده، وبعد أن تأكد من وقوف هئية أركان الجيش ممثلة بالفريق أحمد قايد صالح في صفه، راح يحاول تكسير نفوذ جهاز المخابرات (دائرة الأمن و الإستعلامDRS) و مديرها الفريق محمد مدين المدعو توفيق.

فاستبدل عدد من قادة النواحي العسكرية الموالين لتوفيق بقادة آخرين أكثر ولاءا له خاصة   المنطقة العسكرية الأولى و الثانية و قيادة القوات البرية، كما طرد العقيد فوزي المسؤول عن وسائل الإعلام في جهاز المخابرات و استبدله بشخص آخر إسمه ” العقيد عقبة”، وجعل هذا الجهاز تابعا لهيئة الأركان…

هذا بالإضافة إلى أخبار إلحاق مديرية أمن الجيش ويقودها الجنرال جبار مهنا من جهاز المخابرات إلى هئية الأركان، ونفس الشيء بخصوص مديرية الشرطة القضائية التابعة للمخابرات…

من الإيجابي أن تخضع السلطات العسكرية و المخابرات إلى السطلة المدنية المنتخبة، لكن هذه الصراعات على النفوذ بين بوتفليقة و التوفيق ليست لأجل ذلك الهدف، و إنما هي صراع مجموعة من الفاسدين على من يوظف فساد خصمه من أجل السيطرة عليه، و لم تخدم هذه الصراعات الجزائر بقدر ما ساهمت و أذكت خرابها وفسادها.

لقد آن لهذا العبث أن يتوقف من أجل أن تركّز الجهود على الحفاظ على وجود الجزائر وبناءها و الخروج بها إلى بر السلام و الآمان.

التعليقات مغلقة.