حين يتوسّع مفهوم “الجامية”
من المفاهيم ما يولد بشكل عفوي وضعيف، لكن الواقع قد يفرض توسعته، وأخذه إلى مساحاتٍ أبعد. في العامين الأخيرين، توسّع استخدام مصطلح “الجامية” في السعودية، وصار يطلق على فئاتٍ دينيةٍ وثقافية، ولم يعد فقط واصفاً الفئة السلفية المحدودة التي كان يعنيها في البدايات. كان المفهوم، في السابق، واصفاً فقط لجماعة سلفية، يمثّل مفهوم “الطاعة” ركيزةً أساسيةً في فكرها وعقيدتها، وبجانب ذلك، تتشدّد في تفاصيل العبادات ودقائقها على الطريقة السلفية.
برزت “الجامية” بعد حرب الخليج، على يد الأستاذ في “الجامعة الإسلامية” في المدينة المنورة، الشيخ محمد أمان الجامي، وخلفه في التنظير لهذا التيار الشيخ ربيع المدخلي، من الجامعة نفسها. في عقد التسعينات، والسنوات التي تلت، كان حضور المفهوم، ممثلاً في الجماعة، خافتاً، ومتداولاً فقط بين بيئات طلبة العلم المستهجنين له في الأغلب. وكان هذا ردّ فعل منهم على توجّه هذا التيار، والذي يضرب، أساساً، في الإسلاميين، ويجد في عدائهم السبب الأبرز لوجوده. يصح القول إنه يمين متطرّف يُعنى بضرب اليمين.
“وليّ الأمر” هو القطب الأوحد الذي يدور حوله هذا الفكر. وبرأيي، تجلّي هذا التيار، بمفاهيمه ومقايساته الفقهية، الخارجة عن المعقول، ليس إلا بسبب غلطةٍ حملناها في داخل تاريخنا. تجذّر مفهوم الطاعة داخل ثقافتنا. تم إدخاله في فترةٍ مبكرة، أيام هشام بن عبد الملك، على يد كُتّاب نقلوا القيم “الكسروية”، عن طريق أدب الترسُّل ورسائل الملوك. لامست هذه المفاهيم أهل السلطة في الأعلى، وأعادوا توظيف المحدّثين، ثم الفقهاء، وفق سياقها. لا زالت آلة الفقه السلطاني تدور، وتعيد نفسها، من دون أفقٍ جديد. بينما في صلب الثقافة الإسلامية، لا تمثّل الطاعة مفهوماً مركزياً. ومثلاً، كل ورود لكلمة الطاعة في القرآن كان في مقام نهي، عدا مرّة واحدة، أضيف: “أولو الأمر”، ولم تكن لهم طاعة مطلقة، بل طاعة تراضٍ وتوافق، كما يشير سياق الآية.
غابت النظرية السياسية في الثقافة الإسلامية، ولو وُجِدتْ، لمنعت الطفيليات والحشائش المتسلّقة على جوهر هذه الثقافة. وأرى بروز تيار الجامية طبيعياً في هذا السياق، لأن السلفية تراكم الماضي على نفسها، كما يقول بذلك منطقها، وفي كل مرحلةٍ، تصدر لها نسخة أكثر ضيقاً عن السابقة. استغرق الأمر فترة بسيطة، لنجد مفهوم الجامية يتسّع بحسب التنميط الشائع له، ليضم طبقة العلماء الرسميين، وفئة من الصحويين، وامتدّ الأمر ليصف طائفة من المثقفين والليبراليين، والمصطلح التوفيقي “ليبروجامي”، يعتبر شهيراً اليوم.
كيف توسّع المفهوم ليضمّ مثقفين وطائفة ممّن عرفوا بالصحويين، أي المحسوبين على الإسلام الحركي في السعودية؟ ولا تصادق سطور هذا المقال، بالمناسبة، على صحة التوصيف من عدمه لهذه الفئات الجديدة، فهناك، أيضاً، فئات متطرفة وجهادية، تستخدم هذا المفهوم دوماً لضرب خصومها. لكن المقال معنيٌ بالملاحظة الثقافية لمحددات قد تكون السبب وراء استخدام الشباب ومدوّني الإنترنت مفهوم الجامية بهذه الكثافة، وإطلاقه على فئات جديدة.
”
بعد انطلاقة الربيع العربي، زادت حماسة الحضور الشعبي والنخبوي في المنطقة. وكان ملحوظاً الرفض السلفي العام لظاهرة الربيع، سواءً من رسميين، كالمفتي العام في المملكة، أو من سلفيين مستقلين كالشيخ عبد الرحمن البراك في السعودية، والشيخ عثمان الخميس في الكويت. لكن القوة الأخرى الممثلة في الإسلام الحركي، والتي ترى أن لها نصيباً في السياسة، رحبت بظاهرة الربيع العربي
”
بعد انطلاقة الربيع العربي، زادت حماسة الحضور الشعبي والنخبوي في المنطقة. وكان ملحوظاً الرفض السلفي العام لظاهرة الربيع، سواءً من رسميين، كالمفتي العام في المملكة، أو من سلفيين مستقلين، كالشيخ عبد الرحمن البراك في السعودية، والشيخ عثمان الخميس، في الكويت. لكن القوة الأخرى الممثّلة في الإسلام الحركي، والتي ترى أن لها نصيباً في السياسة، رحّبت بظاهرة الربيع العربي.
هذا الموقف المُرحّب بالربيع، تطلّب طرحاً جديداً، وإنْ على مستوى “التنظير” على الأقل. فالصعوبات الموجودة معروفة على مستوى الحراك السياسي، وانفتاحه خليجياً. كما لا أغفل الأثر المهم الذي أحدثه الإسلام السياسي في الخليج، ومن ذلك مزاحمة الرواية الرسمية السلطة، والضغط على هذه الأخيرة. إضافة إلى عدم وجود رافد شعبي كبير لهذه الحركات، كون القراءة السائدة والمهيمنة لدى المزاج الاجتماعي في الخليج هي القراءة السلفية التي تعزّز، وتدعم، حالة الانفراد بالسلطة. لكن، نحن معنيون، هنا، بملاحقة حالة القصور حيال الثقافة المدنية التي تُعزّز حضورها حال الربيع العربي.
فشلت الآلة المعرفية والمفاهيمية، لدى حركات الإسلام السياسي، في استبطان المسار المدني والإصلاحي الحديث. العامل الأهمّ تمثّل في “رأس المال الثقافي” الذي يتملكونه. إن فقر الأدوات المفاهيمية، ومغايرة رأس المال الثقافي الذي يملكه الإسلاميون لذلك المطلوب في المسار المدني، ولّد لديهم نوعاً من الاغتراب عن المجال المدني الجديد. نشط شباب وحقوقيون وإصلاحيون في المجال المدني، وأحسنوا الحديث حوله، وشعر الإسلاميون بهبوط المنزلة، نتيجة الاغتراب في هذا الحقل، بعدما اقتربوا منه، في “بدايات” وهج الربيع العربي، ما أعقب ارتداداً ملحوظاً لديهم، تمثّل في تماهي بعضهم مع خط السلطة، ومع السلفية التقليدية. ففي النهاية، هذا هو الفهم، وما تعايشوا معه في السابق.
أما توصيف طائفة من النخبة الثقافية بهذا المفهوم، فيعود إلى مشكلة أعمّ لدى النُخَب المختلفة في الخليج، من تجارية ودينية وثقافية. فهي نخبٌ ماتت بولادة الدولة الحديثة، لأن النظام الريعي في الخليج أسقط الحاجة إليها، وحرمها من التوليد الذاتي لنخبويتها، بل، وأعادها إلى الوجود من صلب الدولة نفسها.
تطلَّب زخم الربيع العربي نوعاً من التعبير، وألحّ على مسألة الموقف، بخصوص قضايا، كالحراك السياسي والإصلاح، أو مسألة الحقوقيين ومعتقلي الرأي. النخبة الثقافية أُسقط في يدها، نتيجة القصور الذاتي لديها تجاه مسألة الحضور الحيوي والموقف المستقلّ، والأغلب كان مقدمهم، في الأساس من خلال الصحف الرسمية، أو دوائر رسمية أخرى، كالأندية الأدبية والحقل الأكاديمي.
بناءً على هذا القصور في الموقف، في أثناء هذه المرحلة، احتاج الشباب لاستدعاء توصيفٍ يقارب هذه الفئات، وكان مفهوم الجامية، الذي يعبّر عن مسايرة منهجيةٍ، ومقصودةٍ، لصاحب السلطة، هو المعبّر الأكيد في هذه الحالة.
عبد العزيز الحيص
إعتبرها رسالة أو نصيحة. أرجو عدم إستعمال مثل هذه الكاريكاتورات التي إن أساءت لأحد فستسيء للمسلمين الصإدقين و إعلم أن مثل هذه الكاريكاتورات يستعملها الغرب ليسخرو منك و من رسولك.
الإسلام يثور ليحكم لا لتحكمه الديمقراطية، وهو لا يتبع نزوات السلاطين، ولا نزوات المضطهدين، وكيف نفسر الإفتاء بأن الخروج على الحاكم من أجل شرع الله فعل الخوارج رغم النقص الذي يحمله تجاه العقيدة بينماالخروج عليه من أجل الديمقراطية جهاد واستشهاد؟
من السياسة ترك السياسة حتى نحقق التوحيد والسنة في انفسنا وبلادنا ايعقل في سنة 2014 يوجد من يتجه لقبر ويدعوه ويذبح له ويخافه ويحلف به ويخوف به العدو سبحان الله عما يشركون كنت اعتقد وانا صغير ان جهنم والعياذ بالله للكفار مثل اوروبا وامريكا وغيرها وبعد ماتعلمت التوحيد اكتشفت انها في بلاد المسلمين عقابا وفاقا للمرتدين المشركين عباد القبور اخواني اشتغلوا بانقاذ اهلكم من الخلود في جهنم ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء والخوارج من صفاتهم قتل المسلمين وترك اهل الاوثان والله المستعان لما اكتشفت ذلك في واقعنا استغربت
barak ALLAHOU fik .j’éspére que le fis retrouve saliberte pour combattre ces jahmia et chiyatines.
المقصود بترك السياسة في الحقيقة أنه من السياسة ترك معارضة الحكام وإن كفروا، وإلا فموالاتهم أيضا سياسة، فلماذا لا تتركونها؟
ليس التوحيد هو اجتناب القبورية فقط بل يجب أيضا اجتناب العلمانية ومشتقاتها، فهي أديان تنقض التوحيد، ولن تنجو من النار إن كنت تعمل بالسنة وتبرأ من عبادة القبور وأنت توالي وتبايع وتسمع وتطيع لمن يعزلون دين الله عن الحياة، هؤلاء هم الذين يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان، بل ينشرون عبادة القبور وأديان الغرب.