الغرب يخاف من هيمنة الإسلام لذلك يستمر في اتهامه بحرب الجميع

218

الإسلام والغرب
الإسلام والغرب

ringShare
هل الإسلام حقًا في حالة حرب مع الجميع؟ هل الإسلام يعاني من أزمة داخلية؟ هل المسلمون بحاجة للرد؟

فورين بوليسي – التقرير

في الآونة الأخيرة، أصبحت متابعة الأخبار أمرًا مملًا. كل يوم، في جميع المطبوعات والصحف المشهورة، تجد بعض “الخبراء” المنشغلين بمناقشة صراع الإسلام مع بقية العالم، أو كيف أن الإسلام يعاني من مشكلة التعامل مع نفسه، وما إلى ذلك.

هذه “الرؤى” المزعومة ليست أصيلة، كما أنها لا تضيف أي ميزة للأخبار بشكل عام. ومع ذلك، لا تزال هذه الآراء منتشرة على نطاق واسع، وتفضلها الجماهير. كما تعلمون: عندما تعزل الناس وتتحدث عن “نحن” مقابل “هم”؛ يتمتع الناس بالانحياز إلى أحد الأطراف.

لذا؛ قررت البحث بعمق، والتفكير فيما تحاول أن تنقله مثل هذه الآراء. هل الإسلام حقًا في حالة حرب مع الجميع؟ أو هل الإسلام يعاني من أزمة داخلية؟ وهل المسلمون بحاجة للرد؟

جماعة المحافظين الجدد

أولًا، دعونا نركّز على المحافظين الجدد وغلاة المحافظين. هؤلاء هم الأشخاص الذين يرون أنّ التعددية الثقافية تشكّل تهديدًا لطريقتهم في الحياة، وعم دعاة أقوياء للسياسة العدوانية ضد أي شيء لا يعجبهم (بما في ذلك المسلمون).

لذلك؛ فهؤلاء المتعصبون يدعون أنّ الإسلام في حالة حرب مع الغرب، وهذه الحرب، وفقًا لتعريفهم، هي حرب البقاء على قيد الحياة. وعلى هذا النحو، يمكن أن يخرج الإسلام أو الغرب من هذه الحرب بشكل آمن وسليم، وبعبارة أخرى، لكي يبقى هؤلاء على قيد الحياة؛ يجب أن يتلاشى الإسلام، أو العكس.

لن تستغرق الكثير من الوقت لمعرفة فساد منطقهم. افترض للحظة واحدة، أنّ مطالبهم تحمل بعض الحقيقة، وأنّ الإسلام هو المسؤول عن دموعهم. والآن، افترض أنّهم قادرون على تحقيق حلمهم الطويل للتخلص من المسلمين.

ماذا بعد؟ ألن يجد هؤلاء الناس أي أحد ليمارسوا كراهيتهم ضده؟ يحتاج الكارهون إلى شخص لكي يكرهوه؛ واليوم هذا الشخص هو الإسلام والمسلمون، وغدًا سيكون شيئًا آخر.

“الخبراء”

ومع ذلك، فإنّ المحافظين الجدد والمتعصبين لا يقلقونني. ما يهمني، من ناحية أخرى، هو تصوّر جماعة الليبرالية، أو بالأحرى المعتدلين والإصلاحيين والواقعيين، عن الاسلام.

هذه هي الطريقة التي يري بها روجر كوهين الإسلام:

“الإسلام في أزمة، وحالة حرب مع نفسه، والغرب يقف موقف المتفرج لهذا الصراع الداخلي، ويقع ضحية له. وحتى الآن، كان رد فعل المسلمين على الجرائم التي تُرتكب باسم أيديولوجية الكراهية والموت المستمد من قراءة بعض النصوص الإسلامية، أمرًا يرثى له”.

ويقول توماس فريدمان: المسلمون بحاجة إلى تنظيم “مظاهرة حاشدة تضم ملايين الأشخاص ضد الجهاديين في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي، مظاهرةٌ ينظمها العرب والمسلمون للعرب والمسلمين، دون أن يطلب ذلك أحد في الغرب“.

وبينما نحن في هذا الصدد، دعونا نذكر أيضًا ما قاله فريد زكريا: “هناك سرطان يسمى التطرف داخل الإسلام اليوم. وهناك أقلية صغيرة من المسلمين تحتفل بالعنف والتعصب وتتبنى مواقف رجعية عميقة تجاه المرأة والأقليات. ويواجه البعض هؤلاء المتطرفين، لكن احتجاجاتهم ليست بصوت عالٍ“.

حسنًا. ردي على الآراء الواردة أعلاه؟

كلمة واحدة: سخيفة.

أولًا، الإسلام ليس في حرب لا مع نفسه ولا مع الغرب. ولكن، الشيء الوحيد الذي يزعج الغرب هو أنّ الإسلام يمثل الخطر الوحيد القابل للتطبيق لخططه للهيمنة على العالم. لعدة قرون، وقف الإسلام بقوة في وجه الإمبرياليين والإمبراطوريات الفاسدة -الرومان والمصريين والفرس والمغول، وغيرهم!- واليوم، يدرك تيار الاستعمار الجديد أنّ الإسلام لديه الشجاعة لمواجهته؛ وبالتالي يحاول إبراز أنّ الإسلام هو العدو.

ثانيًا، المسلمون ليسوا ملزمين بأن يعلنوا بأعلى أصواتهم أنهم يسعون لتحقيق السلام، وليس الإرهاب. أي شخص لديه ذرة من العقل يعلم أن معظم المسلمين مسالمون بطبيعتهم، مثل الكثير من المسيحيين أو من أي دين آخر. لماذا يجب أن نسير في جميع أنحاء العالم ونخبر الناس ما نؤمن به وما لا نؤمن به؟ الأهم من ذلك، لماذا يجب أن نحرص على تبرير أنفسنا في كل يوم؟ متى كانت آخر مرة فسّرت الولايات المتحدة الأمريكية معاملتها للمجتمعات اللاتينية والسود هناك؟ متى كانت آخر مرة اعتذر الناتو عن أفعاله في جميع أنحاء العالم؟ متى كانت آخر مرة اعتذر الغرب عن سرقة الأفارقة في بلدانهم؟

كثيرٌ من الإحباط

هل أبدو غاضبًا؟ ربما تراهن أنّي كذلك!

أصبحت السرديات المتكررة حول ما يحتاج الإسلام إلى القيام به من أجل إثبات نفسه، مزعجة للغاية. لا توجد أصالة في أي من هذه السرديات؛ فريدمان، وكوهين وزكريا، ليسوا سوى جزء صغير من العديد من “الخبراء” الغربيين الذين يكتبون مثل هذه الأشياء كل يوم، وبشكل متكرر.

والجزء المضحك هو أنهم تجاوزوا الأخطاء الجيوسياسية الغربية، والوسائل التي مزقت الشرق الأوسط بشكل لا يمكن إصلاحه، ولا زالوا يشيرون إلى الطرق التي يمكن للمسلمين أن يعربوا بها عن أسفهم.

على هذا النحو، وبالرغم من أنهم يدعون بكل سرور إلى تحالف المسلمين ضد القتل في حادثة شارلي إيبدو في باريس،؛إلّا أنّهم لا يهتمون بالحديث عن الإبادة الجماعية التي لا تزال جارية في قلب الدول الإسلامية.

وجهة نظري بسيطة: على الرغم من أن تعريف المحافظين للإسلام مليء بالنفاق والعنصرية؛ إلّا أنّ الليبراليين يميلون أيضًا إلى النظر إلى الإسلام بشعور من عقدة الاستعلاء والنظرة الدونية للغير؛ فهم ينظرون إلى العالم الإسلامي من خلال نقطتهم الإمبراطورية العمياء، ويحاولون وضع الجانب الأخلاقي من أجل تجنب الحديث عن المصائب الغربية في الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى. ويزعمون أن المشكلة تكمن في “الإسلام”، ويتوقعون بأنّ المسلمين سيكتشفون ذلك بأنفسهم، ولا يدركون أنّ جميع المشاكل صنعتها القوات الأجنبية.

في النهاية، سوف أترككم مع كلمات رامي خوري: “نحن نعاني من التوتر والخطر في المنطقة العربية من العنف السياسي والطغاة، والغزوات الخارجية، والجماعات الإجرامية والميليشيات المحلية والتوسع الاستيطاني الاستعماري، وأنظمة اجتماعية واقتصادية مهترئة، ومستنزفة، ولا نحتاج إلى مزيد من الضربات الفكرية الإضافية التي تصيبنا بالحيرة والارتباك من قبل الكتائب الدولية التي تجد الراحة في العنصرية القديمة والاختزال [الإسلام هو هذا، الإسلام هو ذاك] التي لا تفسر شيئًا سوى حيرتهم وارتباكهم“.

ثم بعد يتساءلون لماذا يشعر المسلمون العاديون بالشك تجاههم؟!

المصدر:فورين بوليسي

التعليقات مغلقة.