سقط “بلخير” وسقط معه الميزان

147



سقط مغشيا عليه من هول الصدمة في قاعة المحكمة، أنه كان يظن نفسه ناشطا ناقدا غيورا على وطنه يتطلع إلى نهضته وتحرير شعبه، فاكتشف أنه “مجرم” استحق العقاب وسنة سجنا نافذا مع إيداع الحبس؟؟ سقط “بلخير” وسقط معه ميزان العدالة، لم يبق له أثر، أزاحوه وما تركوا إلا صورته تُزين بها أبواب المحاكم، جملوا ظاهرها وواجهتها وقتلوا روح العدالة داخلها، وحولوها إلى بيت مُرعب يسبب الجلطات ويفقد الشريف الغيور الحر الأصيل توازنه ويخر مغشيا عليه..سقط أرضا، بعد أن تنكَرت له قاعدة المحكمة وضاقت به جلساتها…

زادت حالات التضييق وتمديد الحبس والاستدعاءات، وهذه أجواء مُظلمة مُقفرة تشحن الأنفس وتلهب مشاعر التحدي من حيث ظنوها أدوات للسيطرة ونشر الذعر والخوف..منطق القبضة الأمنية سيحول البلد إلى سجن كبير، لكنه يقود نحو المجهول المظلم، لن يستسلم الشعب الثائر لسياسات الترويع لأنه ليس لديه ما يخسره، فقد فقد الثقة في كل السلطة، ما عاد السجان يردعه ولا الجلاد يسكته..

“بلخير” ساقط على الأرض، أسقطه هول الإجحاف ووطأة التعسف وسطوة القبضة الأمنية..سقوطه منذر بعهد مظلم يذكرنا يزمن موحش مظلم أضر بالبلد وأمنه القومي وتشعبت بنا المسالك والمهالك..

ونترك الأستاذة المحامية “بن زيدان نظيفة” تسرد وقائع محاكمة الناشط “بلخير محمد” بمحكمة الأخضرية:

(منذ تأديتي لليمين القانوني، أول مرة في حياتي المهنية، أقف بالجبة رفقة جيش من الدفاع، لكن لا أحد منا بيده حيلة . سأسرد، البيانات، بيانات جلسة محاكمة السيد بلخير محمد ابن ولاية البويرة، الذي تم محاكمته بمحكمة الاخضرية بتهمة التحريض على التجمهر غير المسلح و اهانة هيئة نظامية بعد التأكد من هوية المتهم تم اخطاره بالتهم الموجهة ضده و نصوص المواد احداها ملغاة 144مكرر 01 من قانون العقوبات ثم جاء دور النيابة التي وجهت أسئلة للمتهم، أولها هل تملك ترخيص للممارسة السياسة، هل لك الكفاءات للتكلم في السياسة، هل كنت تنتمي إلى حزب سياسي، هل تم حله ….

كل الأسئلة فحواها سياسي محض.. ثم جاء دور الجيش الأسود الذي انهال على هيئة المحكمة الموقرة مرافعات قانونية وسياسية، جل ما جاء فيها انعدام الدليل، وانعدام القصد الجنائي، وقرينة البراءة، عدم عرض الفيديو على الدفاع، هل الجنرال واسيني هيئة نظامية، إقالة واسيني قبل كلام المتهم عنه، التجمهر والتظاهر، حق التعبير ….. كل هذا يفرض البراءة في الملف. النيابة التمست عام حبس نافذ مع الإيداع في الجلسة..

محمد تحت تأثير الصدمة والمرض (مرض ضغط الدم والسكري) سقط أرضا مغميا عليه غير مدرك لما يدور حوله، الرئيسة تعود بعد رفع الجلسة للنظر، تدخل على محمد ساقطا أرضا وعناصر الحماية المدنية ينتظرون انتهاء النطق بالحكم..يسقط الحكم ومحمد ساقط أرضا، حضوري وجاهي في حق متهم فاقد للوعي أمام مرأى الدفاع، عام حبس نافذ و100 ألف غرامة لترفع الجلسة (رغم أن الرئيسة لم تجلس حتى ترفعها ولا الدفاع)، وهنا يُعطى الضوء الأخضر للحماية المدنية من أجل القيام بواجبهم الإنساني في إسعاف الناس .

محمد اليوم في حالة مستقرة والحمد لله…لكن العدالة لا، العدالة ليست بخير هناك قوة شر خلفها كما أسماها بيان نقابة القضاة)..

صحيفة الامة الالكترونية

التعليقات مغلقة.