نصر قريب

67

نصر قريب

خروج أبناء السلمية من السجون وعودتهم إلى عائلاتهم ورفاقهم خبر مفرح. ليس الأمر شخصيا على الإطلاق، ولا يتوقف عند رفع ظلم غير مبرر عن الأبرياء الذين حرموا من حريتهم، أكثر من هذا هو رد بليغ على سؤال بليد يتكرر دوما : ماذا حقق الحراك؟
الإفراج بالطريقة التي أخبر عنها المحامون ضربة في مقتل لمصداقية النظام وشرعية السلطة القائمة، فمن الناحية القانونية تمثل عمليات الإفراج الأخيرة إدانة صريحة للسلطة التنفيذية التي تتدخل في عمل القضاء بشكل فج لا يحترم حتى الشكليات، والضحايا اثنان؛ دولة تسيء لها السلطة الحاكمة ولا تحفظ لها هيبة ولا تراعي لها شكليات، وقضاء يتحول إلى أداة لإسكات الأصوات التي تقول ما لا يعجب السلطة.. في الحالتين خسرت السلطة سمعتها لأنها أعادت البلاد إلى عصر ما قبل الدولة، وخسرت عصاها الغليظة التي لن تستطيع بعد اليوم الاختباء خلف القانون.
أما على مستوى السياسة فعلامات الخوف والارتباك تتراكم، أخطاء السلطة تتعاظم حتى وهي تبدو وحيدة في الميدان بلا طرف مقابل يمارس الضغط، كل ما تقدر عليه هو جمع شبكات دعم بوتفليقة وتسميتها بأسماء غريبة، تستنجد بجمعيات وأحزاب وأشخاص تنفر ولا تبشر مجرد الاقتراب منها يكون بداية لهزيمة نكراء.
يتصرف النظام كما يعرف وكما تعود، يتحرك كآلة مبرمجة لكنها صدئة ومن زمن آخر فتبدو الأفعال مضحكة ومثيرة للشفقة مثلما يأتي الخطاب كصوت من زمن سحيق يثير سخرية الناس، تحاول الآلة عبثا أن تلحق بالركب فتغرق في فيسبوك.. حكومة تتعرى في فيسبوك وتكتب البيانات ردا على فيسبوك، تطفح الرداءة على الصفحات، ويتحول الخطاب الرسمي إلى تلاسن في معركة غير متكافئة لا تعرف فيه السلطة خصمها.
هذا ما فعله أبناء السلمية المصرون على التغيير القابضون على الآلام في غياهب السجون لا يظهرون منها إلا ابتسامة وعلامة نصر يرونه قريبا.

نجيب بلحيمر

التعليقات مغلقة.