موتوا بصمت..فمصلحة الحكم الفعلي تسبق كل شيء

62

السلطة فقدت السيطرة على انتشار فيروس كورونا لعدة أسباب، أهمها فشلها المزمن وتصدعها الداخلي وتخبطها وسوء تقديرها، والعقل الأمني الطاغي والمهيمن على حياة الناس…

وكشفت عدوى كورونا أن “العسكرة” أكبر عائق أمام التعامل مع أزمة مدنية حادة ومستمرة، فضلا عن الفجوة الكبيرة بين الغلاف الخارجي المفضوح والمكشوف، الذي يتم تجميله وتقديمه للجمهور، والحقائق المروعة المرعبة على أرض الواقع وتضخم النهج البيروقراطي داخل الأنظمة العامة بالدولة…

ولم تقدم السلطة ولا خطة اقتصادية لتخفيف المعاناة الكبيرة لعموم الناس جراء مخلفات “كورونا”، وتركتهم يواجهون الانهيار الصحي والاجتماعي والنفسي من دون سند ولا عون، وما اكتفت بالتفرج والمواساة، بل طاردت الناس في أرزاقهم والغرامات، بعد أن شجعت لأسابيع تجمعات أحزاب السلطة في القاعات المغلقة للترويج لدستورهم، الذي قاطعه أكثر الشعب، ولجأت إلى الغلق الجزئي من غير تعويض أو تنفيس، وهذا يؤدي إلى شلل الاقتصاد والحركة التجارية، دون الاعتماد على خطط طوارئ لتقليل حجم الأضرار..

ومع فقدان السيطرة على تفشي الفيروس وتسجيل معدل قياسي يومي للإصابات، لم يتحرك أي جهاز من الدولة ولم توكل مهمة معالجة أزمة كورونا وقطع سلسلة العدوى إلى أيَ من مؤسسات الدولة، والجميع يتفرج، أو بالأحرى مراكز القرار والتدبير الفعلي غارقة في صراعاتها الداخلية، تاركة الشعب المُنهك يواجه مصيره بنفسه…

ولم يتحرك قسم “الطوارئ” في الدولة، ولا حتى أقاموا مستشفيات ميدانية لاكتظاظ المستشفيات وعدم قدرة أقسام “كورونا” على استيعاب المزيد من المصابين، وكلهم يتفرجون على انهيار الجهاز الصحي وعموم الناس تموت في البيوت والمستشفيات بلا أي تحرك ميداني، وقد كتب في هذا البروفسور سليم بن خدة، مُستصرخا: “أين المستشفيات الميدانية للجيش؟ هذا وقت استعمالها لإنقاذ الناس..”، لكن القوم غارقون، فليس هذا وقت الشعب، وهذا ما ظهر بوضوح، وإنما هو وقت من يحكم ويقرر!! وليس ثمة مصلحة، أيا كانت، مُقدمة على مصير الحكم والحاكم..فشلت السلطة الفعلية فشلا تاما في التعامل مع أزمة جائحة كورونا، التي تُدار على أساس اعتبارات سياسية وأمنية، والجميع يعرف هذا، ولعل الأسوأ من كل شيء هو ما حصل لفشل الحكم المزمن: ساد منطق الفراغ والتفرج، ومصلحة الحكم الفعلي تسبق كل شيء… 

صحيفة الامة الالكترونية

التعليقات مغلقة.