منطق التعامل مع الدعم الخارجي للديكتاتوريات
يعتبر الدعم الخارجي للأنظمة الديكتاتورية من أهم التحديات التي تواجه قوى المقاومة الشعبية التي تعتمد شن حرب اللاعنف على الديكتاتوريات، فصمود بعض الديكتاتوريات أمام مطارق الشعوب ليس منبعه قوتها الذاتية؛ وإنما تلك القوى الخارجية التي تدعمها.
والدعم الخارجي للأنظمة الديكتاتورية له وجهان:
الأول: الدعم اللوجيستي بالمال والسلاح والإعلام والخبرات والإمكانات الأمنية بأشكالها المختلفة. وسنسميه هنا (الدعم المباشر) كونه يمثل عنصراً أساساً في معادلة الصراع بين الديكتاتورية وقوى المقاومة.
الثاني: الدعم المعنوي السياسي الدبلوماسي وهو ما سنطلق عليه (الدعم غير المباشر) كونه يمثل عنصراً ثانوياً في معادلة الصراع، وتستطيع الشعوب المقاومة تجاوز تأثيراته بسهولة نسبية.
ومحط اهتمامنا في هذا المقال هو الدعم الخارجي المباشر، حين يكون هو أحد الأسباب الرئيسة لصمود النظام الديكتاتوري، حينها يجب قطع هذا الشريان عنه، فحرب اللاعنف لا تعتمد على استهداف الحاكم مباشرة، وإنما استهداف أدوات قوته وإقناعها –ترغيباً أو ترهيباً- بالتخلي عنه.
والهدف الأساسي من عمليات التعامل مع الدعم الخارجي المباشرهو:
قطعه عن الخصم.
تحييده بحيث يخرج كطرف مشارك في الصراع.
تحويله إلى المقاومة الشعبية بحيث يكون داعماً لها.
ويتوقف الخيار على الإمكانات الفعلية وقدرة العمليات التي ستشن للتعامل مع الدعم الخارجي، بالإضافة إلى طبيعة الدولة الداعمة، فقد تقبل المقاومة أن يتحول الدعم إليها من دولة وترفضه من أخرى.
والفكرة الأساسية عند التعامل مع فكرة “الدعم الخارجي” هي إقناع الدول الداعمة بأن:
· عواقب وتكلفة دعمها للنظام الديكتاتوري أعلى من عواقب وتكلفة الإذعان لإرادة الشعوب، وأن هذا الدعم سيجر عليها الوبال.
· لن تظل تلك الدول في مأمن عن العمل المقاوم اللاعنيف، ولا يغرنها أنها تلعب على غير أرضها، مما يعطيها مساحة كبيرة من الأمان، وشعوبها لا تشعر بالمعركة الدائرة. فمعركة تحرير الشعوب يمكن أن يتسع مداها، ونقاط ضعف تلك الدول كثيرة.
· العصر القادم هو عصر الشعوب، وإن كانت هذه الدول تبحث عن مصالحها فهي حتماً ليست مع نظام متهاو، بل مع الشعوب. ويجب الإنصات لما تقرره الشعوب.
الدول الداعمة للديكتاتوريات تضع نفسها في مواجهة مع شعوب كثيرة، وليس شعب البلد الذي يتم فيه التدخل فقط، ومن ثم فهي تفتح عليها جبهة عريضة من شعوب العالم الحر.
· الشعب لا يعادي تلك الدول الداعمة لذاتها وإنما لأفعالها التي تتعارض مع مصالحه، ورسالة المقاومة أنه لا يزال أمام تلك الدول فرصة لتصحيح مسارها وبناء علاقات جديدة، وقوى المقاومة واعية تعلم أن العالم يقوم على تبادل المصالح من موقع الندية لا التبعية.
هذه البنود يمكن أن تصوغ الخطاب الإعلامي المقاوم، وتصبغ كل التحركات، التي تتراوح بين وسائل الإقناع والترغيب، ووسائل الإجبار والترهيب اللاعنيف. وممارسات الدول الداعمة للديكتاتوريات هي التي ستحدد نبرة الشعب، هل هي نبرة ترغيب أم ترهيب.
هذا هو المنطق الأساسي لتحركات قوى المقاومة اللاعنيفة، وسنذكر على مدار عدة حلقات بعض الأفكار العملية للتعامل مع الدعم الخارجي للديكتاتوريات.
ومشروع التعامل مع الدعم الخارجي له أهمية كبيرة في حالات التدخل المباشر، يمكن أن تقوم به مجموعات عمل تتخصص في هذا المجال، وتتعامل معه في إطار منهجي سليم، يحفظ المجتمع، ويؤسس لعلاقات جديدة متزنة بدول العالم، بعد سقوط الديكتاتوريات.
أحمد عادل عبد الحكيم
وائل عادل
4/9/2011
http://aoc.fm/site/node/643
التعليقات مغلقة.