عبد القادر عودة.. وسذاجة الإخوان السياسية!!

171

قرأت مقال الأخ الكبير العزيز د. محمود عاكف المنشور على موقع “عربي21” يوم الثلاثاء الماضي، وعنوانه: الأستاذ عبد القادر عودة الشهيد المفترى عليه، والمقال رد على مقال سابق لي كنت أتحدث فيه عن أخطاء الإخوان في السياسة، وقابلني بعدها يخبرني برده، وأنه سيكتب، ويخالفني في الرأي، خاصة في حادثة الأستاذ عبد القادر عودة وصرفه للجماهير المحتشدة في ميدان عابدين.

وكما خالفت أخي الدكتور محمود عاكف في كتابتي الأولى، أجدني هنا مضطرا للمخالفة مرة أخرى، وبصراحة أكثر، وتفصيل أطول من ذي قبل، وحادثة عبد القادر عودة هنا، ليست المعنية تحديدا، بل هي نقطة التقاء بين مدرستين في الإخوان، من حيث الخلاف أو الاتفاق حولها، يرى الدكتور عاكف أن عبد القادر عودة فعل الصواب وقتها، وأنه نظر إلى وزن الجماعة قبالة المؤسسة العسكرية.

بداية أحب أن أنوه بإعجابي الشديد بعبقرية عبد القادر عودة القانونية والشرعية، والتي تجلت في أعظم عمل فقهي في تاريخ الإسلام كله في الجانب الفقهي الجنائي، بكتابه (التشريع الجنائي الإسلامي) خاصة الجزء الأول، الذي تحدث فيه عن الفقه الجنائي العام، وهو جانب لم يسبقه في تاريخ الإسلام كله أحد كتب في هذا الجانب بهذه العبقرية والشمول والروعة، هذا من حيث عبقريته الفقهية والقانونية.

أما من حيث أداؤه السياسي، فليس ظلما له أن نقول: إن عبد القادر عودة ومن سار على دربه في الإخوان كانوا يمثلون خط السذاجة السياسية داخل الجماعة، ومن قِبَلهم – بحسن نية طبعا – أُتيت الجماعة، وأكلها العسكر بطريقة تدعو للغرابة الشديدة، بل للحسرة أحيانا.

إن الموقف الذي نختلف حوله، هو خروج جماهير حاشدة في مصر في مارس 1954م، بلغت حوالي نصف مليون متظاهر، معظمهم من الشباب، ينادون بعودة العسكر لثكناته، وتسليم الحكم لقيادات مدنية، وإذ بمحمد نجيب يطل من شرفة قصر عابدين، يطالب الجماهير بالانصراف، وأن الرسالة قد وصلت، ولم يستجب أحد، فنادى على عبد القادر عودة ليصرفهم، فأمرهم بالانصراف، وبعد دقائق معدودة كان الميدان خاليا تماما من الجماهير، قال لي المرحوم د. جابر قميحة: كنت موجودا وقتها، وكان بجانبي أحد المربين الكبار في الإخوان، فبكى، وقال لي: هذا يوم وفاة عبد القادر عودة، فقال له: كيف تقول ذلك، ونحن في هذه القوة؟! قال: لقد كشف عبد القادر عن قوته الكامنة، ومن ورائه الجماعة، ثم أعاد هذه القوة إلى كمون لا ينتهي إلا بوفاته ووفاتنا.

فأين مكمن الخطأ فيما أرى في السذاجة السياسية التي تعاملنا بها كإخوان مسلمين مع العسكر هنا؟ وما موازين القوى وقتها؟ ومن كان الأقوى: العسكر، أم الإخوان، من حيث قوة الجماهير، ومن حيث قوة العتاد والعدة؟

إن مكمن الخطأ الأكبر في هذه المعركة، أن العسكر أحسن اختيار من يقوده فيها، بينما أساء الإخوان اختيار من يدير المعركة مع العسكر، فبالنظر إلى من أدار المعركة في الطرفين، نعلم لماذا كانت النتيجة لصالح العسكر، فقد قادها في الإخوان عبد القادر عودة، وهو قاض قانوني، والقاضي لا يقضي ولا يحكم، إلا بعد السماع التام الكامل للأطراف كلها، وليس معنيا بانتصار طرف على طرف، وشعاره: الخطأ في العفو خير من الخطأ في العقوبة، أما قيادة العسكر فكانت عبد الناصر، عسكري، كل حياته المعارك، وهو مدرس مادة التكتيك الحربي في الكلية الحربية، والأصل في تعامل العسكري: سوء الظن من حسن الفطن، أي أن سوء الظن مقدم على حسنه، وبالتالي فقد كانت المعادلة محسومة لصالح العسكر، وكان الصواب أن يقود المعركة في الإخوان عسكر الإخوان لا المدنيون، وقد عرض عليهم ذلك عبد المنعم عبد الرؤوف الذي كان مسؤول عبد الناصر في التنظيم الخاص في الإخوان، وقال لهم وقتها: أريد فقط ثلاثمائة من الإخوان، سأقوم بالقبض على مجلس قيادة الثورة، وننهي هذا العبث بمستقبل مصر والجماعة.

وهو ما أكده محمود عبد الحليم في كتابه (الإخوان المسلمون.. أحداث صنعت التاريخ) الجزء الثالث، في دراسته لشخصية عبد الناصر، أنه درس الإخوان جيدا، بينما لم يدرس الإخوان عبد الناصر والعسكر تماما، فقد استمال عبد الناصر عبد القادر عودة له، مما اضطر مرشد الإخوان حسن الهضيبي لسحب صلاحياته كوكيل لجماعة الإخوان، وإنشاء منصب آخر لشخص آخر يتولاها، عرف عبد الناصر أن أحد رؤوس الجماعة المهمة ومفتاحها، هو عبد القادر عودة، وأنه قاض يميل لحسن الظن، فأظهر له حبه للدعوة، وأن العقبة الوحيدة أمام توافق العسكر مع الإخوان هي حسن الهضيبي، وهو تماما ما تم مع الإخوان بعد ثورة يناير، فقد درسوا الجماعة جيدا، وعرفوا أن مفتاحها هو المهندس خيرت الشاطر، وإذا تم إقناعه بشيء، فقد ضمنوا الوريد الرئيسي للجماعة الذي عن طريقه تبث كل سياسات الجماعة وتوجهاتها، فالسيسي رجل مؤمن، وأخ من الإخوان المسلمين، والعقبة الوحيدة في الإخوان تتمثل في محمد البلتاجي ومن على دربه في تعاملهم مع العسكر، فلينحى هذا التيار القوي داخل الجماعة، حتى تتم الخطة ليؤكل الإخوان سياسيا، وهذا ما يحتاج لتفاصيل أكثر، لكنها مجرد ربط لعقيلة العسكر ودرسه لعقلية الإخوان.

أما عن إمكانية الجماعة وقدرتها، فقد كانت الجماعة هي الأقوى حينذاك، ولذلك أجل عبد الناصر والعسكر الصدام معها، بعد أن وقعت بعض قيادات الإخوان في فخ معاونة عبد الناصر بالصمت على التخلص من القوى المدنية الشعبية كالوفد وغيرهم، وخذلان محمد نجيب، وعدم الوقوف إلى جانبه في معركته مع العسكر بمطالبته الدائمة لهم بالعودة إلى الثكنات، وهو ما فصله نجيب في مذكراته (كنت رئيسا لمصر).

كم كانت قوة مجلس قيادة الثورة والضباط الأحرار، وكم كان عددهم؟ 15 ضابطا، 20، مائة ضابط؟! والجيش المصري وقتها كان في أضعف حالاته، ونكبة 1948م شاهدة على ذلك، وكم كانت قوة تنظيم الإخوان شعبيا، وعسكريا؟ شعبيا فيتبعهم نصف مليون شاب، وعسكريا فلديهم تنظيم عسكري من المدنيين، وتنظيم عسكري داخل الجيش، وتنظيم عسكري داخل الشرطة، فهل كان يملك عبد الناصر مثل ما يمتلك الإخوان؟ يقينا: لا. لكنها ببساطة الحقيقة التي يريد الجميع أن يهرب منها: سذاجة القيادة الإخوانية السياسية.

لقد تعلم الكثيرون من خطأ عبد القادر عودة والإخوان في هذا الموقف مع العسكر، فعندما قامت الثورة الإيرانية، صرخ الناس في الخميني، اطلب من الجماهير العودة للبيوت، وكفى ما تم، فقال لهم بوضوح: لن نقع فيما وقع فيه الإخوان وعبد القادر عودة، لو صرفنا الجماهير لن نستطيع أن نخرجها مرة أخرى، إنها معركة لا بد من سقوط الطاغية فيها ونظامه تماما، ولا عودة للجماهير من الميادين حتى تتم الثورة، الوحيدون الذين لم يستفيدوا من الدرس للأسف: هم الإخوان، وشاركهم في ذلك القوى المدنية في مصر.

أخي الدكتور محمود عاكف، إخواني في جماعة الإخوان: نعم كانت قيادتنا أيام عبد الناصر ساذجة سياسيا، وكانت قيادتنا بعد ثورة يناير أكثر سذاجة، فلئن كان عبد القادر عودة ساذجا سياسيا لكنه كان فقيها، بينما كانت قيادتنا الحالية ساذجة سياسيا، لكنها لم تكن في علم عبد القادر عودة وفقهه، وعذره أنه لم يكن له سابق موقف مع العسكر، أما الحاليون، فقد كانت أمامهم عبرة الماضي، التي ذكرهم بها المشير طنطاوي بعد ثورة يناير قائلا: على القوى السياسية ألا تنسى درس الماضي، وسأل الإخوان المستشار طارق البشري: هل يقصد بذلك محنة 1954م؟ قال: نعم هو يذكركم بذلك، ويهددكم به.

هذا قليل من كثير لدي في الموضوع، من حيث التاريخ، ومن حيث العبرة، والسعيد من وعظ بغيره، والأكثر سعادة من وعظ بتجربته وخطئه.

المصدر:
arabi21.com/story/880090/عبد-القادر-عودة-وسذاجة-الإخوان-السياسية

2 تعليقات
  1. fouad يقول

    La presentation de ce que le regime harki appelle une constitution et les réactions des citoyens qui ont suivi son cinéma represente une illustration parfaite de la gestion (si on peut parler ca de gestion) du pays. Quand le régime veut gagner du temps et se voit dans une impasse , il jette une carotte aux gens et il leurs dit :allez debattez vous. Les gens naifs qui pensaient que le régime allait procéder à une ouverture croyaient que gaid salah . ouyahia, et la racaille d’el mouradia sont à leurs dispositions . Par consequent,ils sont là à les servir , servir le peuple et le pays .La naiveté est un crime impardonnable que le citoyen exerce sur lui même quant il s’agit de la politique d’une mafia comme celle qui colonise le pays , aujourd’hui.Donnez nous une seule raison qui pousserait gaid salah à oeuvrer dans le bon sens . Donnez nous une seule raison qui pousserait ouyahia à oeuvrer dans le bon sens Donnez nous une seule raisonqui pousserait el aar à oeuvrer dans le bon sens ..Si ces gens etaient rééllement des patriotes, ils auraient d’abord reflechi avant toute chose. Une reflexion qui les menerait à se dire que leurs presences à la tête de l’armée et d’el mouradia sont nuisibles au pays et ils ne pourront rien apporter au pays meme s’ils renonceraient à leur servitude à la france et voudraient, par la meme occasion, travailler pour l’interet du pays. Donc ces gens auraient demissionné automatiquement de leurs postes.Ils ne le feront pas . Meme s’ils le feront ils metteraient d’autres traitres comme eux à leurs places. C’est dans leurs roles.Une chose simple qu’on doit connaitre et qui necessite pas de sortir de ll’école polytechnique ou harvard pour la comprendre. Une constitution ne se decrete pas par une personne ou un groupe de personne opaque recevant des insctructions de la part de l’expuissance coloniale par l’intermediaire de leur agent d’el mouradia.Une constitution se prepare et se concoit par une assemblée constituante elue par un peuple souverain.Cette étape sera précedée par une periode de transition qui sera dirigée par des gens crédibles ,elus et qui represente quelque chose dans le pays.
    Vous voyez biens qu’on est loin de gaid salah qui balance son ventre à gauche et à droite lors de ses deplacements dans les régions militaires. On est loin de ouyahia et ses singeries pendant sa conference de presse dans laquelle il cachait mal sa joie et son soulagement de voir ait ahmed (allah yerrahmou) enfin sous-terre….oui madame oukazi….on ajoute 10 minutes….on a commencé par une femme on termine par un homme . ZAAMA white house spokesman. Ya zitouna wach edak leloued . On est loin aussi de l’hippopotame d’el mouradia qu’on presente tantot la bouche ouverte tantot dansant du smurf à coté de laurent fabius tout en nettoyant sa salive.
    Mais la question la plus importante est la suivante : où cette équipe va mener le pays ?Les prix du petrole chutent dangereusement. Les revenus du pays aussi. Les hydrocarbures sont les seules sources d’argent pour le pays.Ces racailles n’ont ni la competence, ni la volonté, ni le temps pour developper d’autres sources de richesses.D’auatnt plus que depuis l’arrivée d’el aar en 1999 , ce dernier n’a même pas pu developpé un seul secteur . Le minimum de bon sens de quelqu’un qui a la volonté de changer les choses , en venant en 1999, il aurait du etre scandalisé par le fait que le pays etait toujours dependant uniquement du petrole et du gaz. Or rien n’a été fait depuis.On comprend mieux pourquoi larbi belkheir l’a ramené et validé par toufik.Donc ce gars et l’équipe qui l’entoure sont là pour les interets de l’expuissance coloniale et leur mission principale est de bloquer l’algerie et faire en sorte qu’elle reste toujours sous-developpée.La perception de ce regime qui consiste à le voir comme un simple regime qui est appelé à etre réformer doit disparaitre. Personnellement je n’arrive pas à voir ce régime autrement qu’un ennemi du peuple. Par consequent , c’est la seule voie vers la radicalisation et sa chute.
    Le moment est venu de dire que ce régime est constitué certe de la haute hierarchie de l’armée et d’el mouradia mais aussi de ces vouleurs appelé hommes d’affaire et cette classe politique qui sert d’alibi pour ce regime. Cette classe politique joue un rôle crucial et primordial dans la démobilisation du peuple. Mettre le visage de hanoune à la television est plus efficace que d’envoyer des milliers de soldats pour tirer sur le peuple. Cette classe politique doit etre refondée de fond en comble. Et ceci si on veut se debarasser de nouveaux pieds noirs qui jouent les roles d’opposants aux systeme.Le regime est prêt à tout pour rester. À ceux qui voient qu’un tel militaire nass mlah en utilisant l’eternelle lessiveuse, moudjahid. Nous leur disons qu’il est interdit pour l’algerie d’etre la corée du sud ou singapore. Et le regime pour respecter cette regle a tué des centaine de milliers d’algeriens et detruit tout un pays.Rappelez vous la phrase de l’agent franco-israelien smain lamari . Je sui pret à tuer 3 millions d’algeriens pour maintenir l’ordre. Traduction des mots maintenir l’ordre:maintenir le pays sous le giron de l’expuissance coloniale, bolqué et sous developpé.Ouyahia vient de le rappeler pour ce qui veulent entendre en menacant les algeriens de l’irakisation ou la syrianisation du pays . Il aurait pu evoquer comme exemple la turquie, l’afrique du sud ou meme le rwanda (deuxieme economie d’afrique). Son message est clair. soit vous acceptez le regime, soit on vous fera revenir aux années 90 . Et souvenez vous, personne n’est venu à votre secours et l’arméee nous a été fidele jusqu’au bout .

  2. عبد القادر يقول

    والله لقد إكتشفت سذاجة الإخوان يوم قرات بعض كتبهم التي تعتبر مرجعية لديهم ومع ذلك أحترم هؤلاء الناس لأن فيهم الكثير من ذوي النوايا الصادقة و الإخلاص في تخليص الأمة مما هي فيه……….. تسيطر عليهم العاطفة الدينية و بالمناسبة هذه السذاجة ليست حكرا عليهم بل نجدها حتى عند السلفية و القوميين العرب ..إنه العقل العربي الذي يمتاز بالسطحية وغياب التعمق في المسائل الكبرى المصيرية و المشكل انه يواجه عقلا غربيا مركبا عميقا في التفكير بعيدا كل البعد عن الذاتية العاطفية و غاية في المكر والشيطانية

التعليقات مغلقة.