لا حديث عن أي خطة لـ”إنقاذ” الوضع اجتماعيا…السلطة جمعت بين الفشل والزيف والتسول؟

554

لا يخلو خطاب لمسؤول غربي في أزمة انتشار فيروس “كورونا” من الكلام عن الأزمة الاقتصادية وعواقب وآثار الوباء على الاقتصاد والشبكات الاجتماعية الضعيفة، وتحديات “اليوم التالي” لوقف اندفاعه اكثر بلاد العالم تتحدث عن التدابير الصحية والاجتماعية والاقتصادية، لكنها في الوقت نفسه، تفرج عن مساعدات وأموال لتحريك الدورة الاقتصادية أو ترسم خطط المستقبل القريب حين تبدأ مرحلة التعافي الصحية لمواطنيها.

السلطة الحاكمة عندنا، والمتشابكة مصالحها مع السلطة المالية والاقتصادية، لم تستطع حتى الآن أن ترسم مخططاً أولياً لما حصل منذ بداية انتشار الوباء، فكيف يمكن أن تضع برنامجاً أوسع مدى لما بعد انتشار كورونا؟ وكيف يمكن لهذه الحكومة أن تضع تصوراً للاحتمال الأسوأ بعد أن ينكشف الانهيار الحقيقي جراء وباء “كورونا”، وهي لم تتمكن من تحقيق خطوة إصلاحية واحدة؟

وفي الوقت الذي كان يُنتظر فيه وضع خطة إنقاذية اقتصادية تلائم متغيرات ما بعد الجائحة، اتخذت السلطة خطوة غريبة عجيبة، فقد “أعلنت وزارة الاتصال اليوم، الأربعاء، عن فتح حسابين لدى بريد الجزائر والخزينة العمومية من أجل تلقي مساهمات المواطنين بالعملة الوطنية الموجهة لدعم الجهود الوطنية لمكافحة فيروس كورونا”، في غياب مريع لأي فريق في الحكم مؤهل لإدارة أزمة “كورونا” ومخلفاتها..

والرئاسة في هذا الوقت تتحايل على عموم الشعب بطمأنة باردة ، ثم تتسول المساعدات منه؟؟واستجابة الجزائريين كانت واسعة ولافتة لإجراءات الوقاية تعبر عن الروح المدنية الغالبة، والالتزام بالحجر المنزلي إلا ما كان اضطرارا طلبا للقوت، خاصة مع تخلي السلطة عن التزامها بتزويد الفئات الأكثر هشاشة بما يُمكّنها من الصمود أمام جائحة “كورونا” وتأثيراتها والتوقف القسري عن العمل، فحتى تضمن مكوث الناس في بيوتهم، يلزم الحكومة ضمان احتياجاتهم الأساسية من التغذية.

وإذا كانت هناك صعوبات لتأمين توزيع شامل وعادل للمساعدات العينية، إضافة إلى الكلفة المرتفعة للتوزيع مقارنة بالمساعدات المالية المباشرة، فضلاً عن صعوبة تقدير الحاجات الغذائية لكل عائلة، وإمكانية ظهور سوق سوداء لبيع المساعدات، فلا أقل من تأمين المساعدات المالية المباشرة للعائلات الأكثر تضررا..

والناس، ممن انقطع دخلهم، إن طال الحجر سيكون لديهم حاجة ليس للخبز والماء فقط، وإنما ستتوسع قاعدة احتياجاتهم لتشمل مواد تموينية ضرورية كالغذاء وحاجات أساسية أخرى، وإلى الآن لم تتقدم الحكومة بأي آلية لتوزيع المؤونة والدواء للمتضررين، بل وطلبت، هي نفسها، المساعدات والإسهامات من الشعب؟؟ نعم، لا يُراد بث الذعر في قلوب الناس، لكن هناك جوانب بحاجة إلى معالجة، فمثلا أعداد كبيرة اليوم من العائلات المتضررة بلا مال، يعيشون من العمل اليومي، يواجهون ظرفا قاسيا، وهذه أم القضايا الاجتماعية، حاليَا، وتحتاج إلى تدخل سريع حتى لا ندخل مرحلة أصعب مما نحن فيه.

صحيح أن الجائحة تفرض على الناس نمطا جديدا، أقله تغيير طرق الإنفاق، والتكافل الاجتماعي، والتخفيف من المصاريف، ومساعدة من هو أكثر حاجة وضررا، لكن قبل هذا وأثناءه وبعده ضرورة اتخاذ الدولة إجراءات لتخفيف العبء، وربما العبء الأكبر، وأبرز الإجراءات المطلوبة شعبيا، المساعدة على احتواء الوباء، لا التسول وطلب الإعانات من عموم الشعب..

التعليقات مغلقة.