إعادة التفكير في النزعة الاستهلاكية والتخلي عن “النيوليبرالية”.. رسالة الفيروس واضحة “ويل لنا إذا كنا لا نريد سماعها”

72

قال المفكر والباحث الفرنسي، إدغار موران، صاحب نظرية التعقيد، والفكر المركب، وقد عايش الحرب العالمية الثانية، يُعرف بتأييده للقضايا الإنسانية العادلة، إن أزمة “كورونا” تبين أن العولمة هي الاعتماد المتبادل دون تضامن.

إذ أنتجت حركة العولمة بالتأكيد التوحيد التقني والاقتصادي للكوكب، لكنها لم تعزز التفاهم بين الشعوب. منذ بداية العولمة في التسعينيات، اشتعلت الحروب والأزمات المالية. وقد خلَفت مخاطر الكواكب (البيئة والأسلحة النووية والاقتصاد غير المنظم) مصيرًا مشتركًا للبشر، لكن البشر لم يدركوا ذلك. يشكف الفيروس هذا المصير المشترك بشكل فوري ومأساوي.

هل سنحقق ذلك أخيراً؟ في غياب التضامن الدولي والمنظمات المشتركة لاتخاذ تدابير في مستوى الوباء، نشهد الإغلاق الأناني للدول حول ذاتها.

ورأى أن فيروس “كورونا” يخبرنا بقوة أن البشرية كلها يجب أن تبحث عن مسار جديد يتخلى عن العقيدة النيوليبرالية من أجل سياسة مضادة للأزمة (New Deal) اجتماعية وبيئية. والمسار الجديد سيحمي ويعزز الخدمات العامة مثل المستشفيات التي عانت من تخفيضات مجنونة في أوروبا لسنوات. سوف يصحح المسار الجديد آثار العولمة من خلال إنشاء مناطق متحررة من العولمة (démondialisées) من شأنها حماية استقلالات ذاتية أساسية …

في وقت الأنفلونزا الإسبانية (1918-1919)، لم نكن نريد أن يدرك الناس حجم الكارثة، وخاصة المقاتلين منهم. هذا التعتيم مستحيل اليوم. حتى النظام الصيني لم يتمكن من حجب المعلومات بمعاقبته البطل الذي أطلق جرس الإنذار …لقد مكنتنا شبكات المعلومات من أن نكون على علم بتطور الوباء دولة بدولة. لكن ذلك لم يفض إلى تعاون على مستوى أعلى.

وأشار إلى أن المجتمع الغربي تدهورت فيه هياكل التضامن التقليدية. إحدى المشاكل الكبيرة هي استعادة التضامن، بين الجيران، وبين العمال، وبين المواطنين… كما يجب علينا الاستفادة من هذا الوضع لإعادة التفكير في النزعة الاستهلاكية، وبعبارة أخرى الإدمان، و”الاستهلاك المخدِّر”، وفي تسممنا بالمنتجات دون فائدة حقيقية، ولتخلصنا من الكم لصالح الكيف.

وأوضح أنه “بفضل الحجز، وبفضل هذا الوقت الذي نستعيده، الذي لم يعد مقطعا، ومحتسبا بدقة (chronométré)، هذا الوقت الذي يتفلت من الدائرة المغلقة للمترو-العمل-النوم، يمكننا أن نستعيد ذواتنا، ونرى ما هي احتياجاتنا الأساسية، أي الحب والصداقة والحنان والتضامن وشعرية الحياة … الحجز يمكن أن يساعدنا على البدء في تطهير طريقة حياتنا..”.

وأضاف قائلا: “لقد تأثرت جدا لرؤية هؤلاء النساء الإيطاليات، على شرفتهن، يغنين ترنيمة الأخوة هذه، “Fratelli d’Italia” (“إخوة إيطاليا”). يجب أن نستعيد التضامن الوطني، غير المنغلق والأناني، بل المنفتح على المصير المشترك “الأرضي”…، ولكن إذا لم نفهم أننا بحاجة إلى وعي مشترك بمصير الإنسان، إذا لم نتقدم في التضامن، وإذا لم نغير التفكير السياسي، فإن أزمة الإنسانية ستسوء أكثر. رسالة الفيروس واضحة، ويل لنا إذا كنا لا نريد سماعها”. صحيفة الامة الالكترونية

التعليقات مغلقة.