الإعتقالات

51




عندما اعتقلوا أنيس رحماني قال مقدّم النّشرة على (النهار) وهو يشتكي تبّون: لقد اختلط علينا الحابل بالنّابل…
كان واضحا أنّ إدارة (النّهار) تعتذر وتبرّر انحيازها ضدّ تبّون بعدم وضوح الرّؤية…….
كانوا يعتقدون أنفسهم في وضعيّة ملائمة لخوض الصراع، وإذا بالنّبال تطالهم ، وهم الذين كانوا يرفعون أصواتهم عاليا…

إنّ هذه الإعتقالات التي تطال أهل الحراك وخصوم الحراك، ومن كانوا في السلطة ومن كانوا يعارضونهم، وأرباب المال ومن كانوا عبيدا عندهم، وعسكريين ومدنيّين….هذه الإعتقالات بهذه الصورة التي لا نعرف عمقها تشبه في ظاهرها السّهام المتطايرة داخل معركة اختلط فيها الحابل بالنّابل كما قال الصحفي..
من الرّامي؟ ..من المستهدف؟.. تنوّع المعتَقَلون و الإعتقال واحد !!!
إذا كان هناك من يريد اتّقاء الإعتقال بتغيير التّموقع من أو إلى…فليثبت مكانه أشرف له و أكرم، فالإعتقال عابر للمواقع، وإذا كنت مغيّرا رأيك فغيّره لقناعة وانتظر قدرك…

البعض يريد اللّعب فقط في الوقت البدل الضّائع، ليتجنّب تعب المباراة ويأخذ نصيبا من جائزة الفوز…هؤلاء لا يقرّرون الفريق الذي يراهنون عليه حتّى يتلقّوا إيعازا من الذين يتحكّمون غالبا في نتائج المباريات…وإذا خسر رهانهم رجعوا بسرعة إلى السرداب لكي لا يرتكبوا خطأ ما قد يلحقهم بأنيس رحماني……طبعا هم يتظاهرون كأنّهم كبار، أكبر من خوض هذا اللعب الذي يخوضه الذّراري…كأنهم وصلوا درجة من الوعي تجعلهم يراقبون الأوضاع فقط ويقولون للمحسن أحسنت، ويسكتون عن غيره لأنه ليس من مستواهم…رغم أنهم يعيشون انفصاما كبيرا يقلقهم كثيرا…

من القصص التي لا تُروى كثيرا في تاريخ الغزوات أنّ هناك من كان يعتصم بالجبال و المرتفعات، فلا تصيبهم سهامٌ ولا تطالهم سيوف أو رماح، ويشاهدون ما يصنعه المتقاتلون من أصدقائهم و أعدائهم…إذا انهزم جيشهم سلِمت أبدانهم وشمل ذلّ الهزيمة القومَ كلّهم..وإذا انكسر عدوّهم نزلوا إلى السّهل و ضرّجوا سيوفهم بدماء من يحتضر من جرحى خصومهم ،الذين أثخنهم الأبطال، وسلبوا مابقي تحتهم ..وإذا رجعوا إلى قومهم نسجوا بطولات لأنفسهم….
هؤلاء لا يعرف التاريخ أسماءهم ولا يذكر عنهم شيئا..وما اختلقوه مات بموتهم..والله أعلم بحالهم..
أما الأبطال الحقيقيون الذين صنعوا التاريخ فالكل يحاولون إيصال نسب عائلاتهم إليهم…ومكانتهم عند ربّهم أكرم…

الذين يجهزون اليوم على بوتفليقة والسعيد و التوفيق واسماعين وأويحيى هم الذين كانوا يشيّتون لهم، أما الأبطال فقد انتهت قضيتهم معهم يوم سقوطهم

السهام تصيب الجميع، والإعتقال يطال الجميع، والخوف ينال من الجبناء حتى لو يكونوا في صف الأقوياء، فلا نامن أعينهم..
ستنفرج…ستنفرج…ستنفرج يقينا…فلا تفسدوا تاريخكم الذي هو حاضركم اليوم.

علي ضرار

التعليقات مغلقة.