ذكريات 5 أكتوبر الجزائرية | جمال خاشقجي
الجزء الأول – السبت، 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2015
يستطيع الجزائريون القول إنهم بخير عندما يرون ما يحصل في سورية، أو حتى قريباً منهم في ليبيا، ولكنهم يشتركون معهم ومع غيرهم من العرب في «هدر الفرص» للحاق بعالم حر متطور باتت الهجرة إليه في قارب موت هي الأمل في الحياة.
في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 1988 خرج الجزائريون منتفضين ضد أحوالهم المعيشية المتردية. بطشت السلطة واستخباراتها، كعادة أنظمة الاستبداد العربي بشعبها الغاضب. سقط نحو 500 قتيل. لا يوجد رقم رسمي حتى الآن، فالحكومات العربية غير حريصة على هكذا أرقام حتى اليوم، ولكن التظاهرات استمرت. الغضب اتسع. إنه الربيع العربي الذي لم نره على شاشة «الجزيرة»، إذ لم تكن هناك «جزيرة» يومها. أخباره احتلت مساحات صغيرة في صحفنا! في النهاية اختار رئيس الجزائر وقتذاك الشاذلي بن جديد السلامة له ولشعبه، وسمح للتاريخ بأن يمر، وأعلن إصلاحات دستورية، تعددية سياسية وانتخابات حرة، وأنهى عهد الحزب الواحد، ذلك النظام البغيض الذي اختارته ولا تزال الجمهوريات العربية كي تحكم به «الطائفة المتغلبة»، ولكن مستخدمة مصطلحات حديثة وتقدمية: «الاتحاد الاشتراكي»، «جبهة التحرير الوطني»، «الجبهة التقدمية»، «المؤتمر الشعبي العام»، بل تردت صور الديموقراطية حتى رأينا «قائمة بتوع الرئيس». المهم أن تكون ديموقراطية اسمية يمكن التحكم بنتائجها عبر انتخابات صورية وإعلام كاذب.
المشكلة أنهم فشلوا في الإدارة على رغم تمتعهم بكل الصلاحيات، تشريعية وتنفيذية، انخفض الإنتاج وتراجع الاقتصاد، وكذلك الخدمات والتعليم ومعه «جودة الحياة»، وكلما غضب بعض من الشعب اتهم بالخيانة أو العمالة والإرهاب.
سيختلف المؤرخون والمحللون في أسباب ربيع الجزائر المبكر، ما بين أنها حركة مخططة لتصفية حسابات داخل مؤسسة الحكم، أم استحقاق حقيقي صادق نتيجة الكبت والفشل الاقتصادي وتردي الخدمات، لقد عشت – بصفتي صحافياً – بعضاً من أيام الربيع الجزائري، وبالتالي سأنقل بعضاً من ذكرياتي هناك من دون التعليق عليها، تاركاً للقارئ تفسيرها كيفما شاء.
• دعيت إلى الجزائر لحضور ندوة هناك قبيل الانتخابات الشهيرة التي انتصرت فيها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ»، بعدها فتح باب الجحيم على الجزائر إثر انقلاب الجيش وإلغاء نتائجها. كان نجم الندوة الشيخ الراحل محمد الغزالي، وكان موضوع الندوة تقدمياً جداً: «المستقبل الإسلامي». لم أر حشداً يلتف حول رجل ويتلقى كلماته بحرص شديد مثلما رأيت تعطش الشبان والشابات الجزائريين لخطاب الشيخ الإسلامي المعتدل. كان حضور الطلبة طاغياً كعادتهم، وفي العادة يكون هؤلاء «إخواناً» أو «جزأرة» وهم فصيل يشبههم ولكنه مستقل عنهم ومنافس لهم وأكثر محلية، لعل المرادف لهم في السعودية من يسمّون «السرورية» والذين يشبهونهم في «المحلية» مع اختلافات فكرية جذرية، ولكن كان هناك السلفيون أو بسطاء الإسلاميين أبناء الأحياء الشعبية البائسة. اصطحبت أربعة منهم إلى غرفتي بفندق «الأوراسي» للتعرف أكثر على توجهاتهم وتفاصيل مشاركتهم في أحداث أكتوبر. غرفتي في دور مرتفع، والفندق كله أعلى تل يطل على كل الجزائر. أتذكر ذلك الشاب وقد أسند ظهره إلى الحائط ينظر إلى عاصمة بلاده من شرفة الغرفة ويقول: «سبحان الله! لم نكن نستطيع أن نمر بجوار سور فندق الأوراسي، والآن أنا معكم في الدور الـ 14 أطل على كل العاصمة، الله أكبر!».
• فندق الأوراسي، يعطيك انطباعاً سريعاً عن النظام الاشتراكي الصارم الذي ساد الجزائر، لا بد أن تحول دولاراتك في المصرف الرسمي، ثم تحمل الإيصال لتدفع بالعملة المحلية، ويرفق الموظف الإيصال بسند يحتفظ به. قائمة الطعام محدودة، وعندما اشتكيت للنادل من طبق الدجاج الذي طلبته، قال بحدة، إنه لا يأتي أفضل من هذا! هذه الحدة ليست اشتراكية مستوردة وإنما جزائرية أصيلة.
• في رحلاتي التالية إلى الجزائر تعرفت إلى فندق «أرقى» إنه فندق «الجزائر»، الذي كان يوماً مقراً للحاكم العام الفرنسي هناك، كانوا كرماء معي، فوضعوا في الغرفة معجون أسنان «كلوس أب»، وعلبة مناديل «كلينكس»، لتلك الماركات «الرأسمالية» وهجها وقتذاك في الجزائر، ولكن كليهما صناعة المغرب الشقيق الذي لا تفتح حدوده مع الجزائر إلا وتغلق ثانية، ولكن لم يكن الجزائريون وقتها يصنعون منتجات بسيطة بجودة عالية مثل علب المناديل ومعاجين الأسنان.
• رافقت الشيخ عباسي مدني زعيم «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» إلى مدينة مستغانم في غرب البلاد، خلال الحملة الانتخابية التي كانت حرة تماماً ولم تتدخل فيها السلطة. قاد سيارته بنفسه، لم يكن معه مرافقون ولا حراسة. كان ابنه أسامة في سيارة خلفنا ومعه لاعب كرة القدم الشهير «عصاد» الذي برز قبل ذلك بسنوات قليلة في مواجهة بلاده مع ألمانيا بكأس العالم، وانضم عصاد إلى «الإنقاذ» واعتقل لاحقاً معهم، الحق أن «الإنقاذ» كانت حزب الشعب الجزائري، إذ كانت واسعة الشعبية وليست حزباً إسلامياً فقط. مررنا على حقول واسعة على مدى البصر، كانت في يوم ما سلة خبز فرنسا. سألت الأستاذ الجامعي الذي تحول إلى زعيم سياسي: طيلة رحلتنا لم أر في هذه الحقول جراراً يحصد أو يغرس أو حتى أبقاراً ترعى! قال ملوحاً بيده: «إنها اشتراكيتهم الفاشلة، لو أتوا بثور وبقرة بعد الاستقلال وتركوها ترعى هنا من دون حتى رعاية، لكانت لدينا اليوم ثروة حيوانية هائلة».
• في استاد رياضي هائل امتلأت جنباته بأنصار الجبهة، إنهم عوام أهل الجزائر ومن كل الطبقات، نساء ورجالاً، كان الاستاد يدوي بالهتاف والتكبير كلما أنهى متحدث كلمته، وخصوصاً ذلك الهتاف الشهير: «دولة إسلامية، دولة إسلامية» (بضم الدال).
• استأذنت من الشيخ عباسي أن أعود مع أحد أعضاء الجبهة السلفيين، فـ «الإنقاذ» كانت أشبه بتحالف تشكل بسرعة لقوى إسلامية عدة جمعتها الرغبة في استخلاص الحكم من «أولئك الاشتراكيين الفشلة» وبناء الدولة الإسلامية العادلة، ولكن عباسي طلب مني أن أعود معه. تأكدت لاحقاً أن ثمة مشكلات داخل الجبهة، وخصوصاً عندما قال لي: «لقد نشأ في بيئة غير جيدة ما شوّه أفكاره»، مشيراً إلى ذلك العضو بالجبهة (ولم يكن الشيخ علي بلحاج الذي اختلف معه عباسي ولكن بقي الود بينهما) واسترسل بالحديث كيف أنه يعاني من السلفيين و»الإخوان» معاً، ثم طلب مني عدم نشر شيء من ذلك. أعتقد أنني في حل من وعدي هذا بعد ربع قرن.
لا تزال في الجعبة ذكريات أخرى، أكملها بمقالتي المقبلة. تحليلها يشي بالحال التي كانت عليها الجزائر قبل ربع قرن، وللأسف لم يحصل الكثير مما يغيّر الوضع، تحولت الديموقراطية التعددية إلى ديكور، والانتخابات محسوبة نتائجها مسبقاً، واستمرت الطبقة الحاكمة نفسها تحكم، وإن مر على الجزائر أكثر من رئيس وحكومة، «المؤسسة» كانت دوماً في الخلف تحسم الأمور، التعيينات، والترشيحات، والحياة والموت، إنها «المؤسسة» نفسها التي تحكم جمهوريات عربية أخرى بمسميات وهيكليات مختلفة، مثل «المجلس العسكري» أو «أسرة الرئيس» أو «القبيلة» بل حتى «الطائفة»، وهي دوماً تفشل في الإدارة وتنجح في السيطرة وتضيع على البلاد ومواطنيها فرصها في التنمية، هذا ما لم ينفجر الشعب غاضباً مرة أخرى.
http://www.alhayat.com/Opinion/Jamal-Khashoggi/11524191/
الجزء الثاني – السبت، 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2015
ذكرت في مقالة الأسبوع الماضي بعضاً من أحداث ما بعد 5 تشرين الأول (أكتوبر) 1988 الجزائري الذي مرت ذكراه الأسبوع الماضي، من دون احتفالية تذكر، على رغم أنه كان الفرصة الأولى للعرب أو بعضهم للانتقال إلى «نهاية التاريخ»، وفق رؤية الكاتب الأميركي فرانسيس فوكوياما، التي أؤمن بها، وذلك ببلوغ مرحلة الديموقراطية التعددية والتداول السلمي للسلطة، ولكنها فرصة ضاعت مثلما تضيع الآن فرصة ربيع 2011 التي حولناها إلى «محرقة» للمستقبل العربي.
في ذكريات ما بعد أكتوبر الجزائر عِبر، ولكننا لا نتعلم من أخطائنا وفرصنا التاريخية. الأخطاء نفسها تتكرر من حكم مُصرٍّ على الاحتفاظ بكامل الغنيمة، ونخب تبرر له، لأن نتائج التغيير لم تأت على هواها، ويمكنكم رؤية ذلك في الذكريات التالية:
* هرعت إلى المؤتمر الصحافي لإعلان نتائج أول وآخر انتخابات تشريعية حرة في الجزائر، التي جرت في 26 كانون الأول (ديسمبر) 1991، وصلت متأخراً، فوجدت زملائي خارجين من القاعة وكأن على رؤوسهم الطير، سألت الزميل الراحل قصي درويش، وكان خبيراً في الشأن الجزائري، عما حصل، فالمؤتمر بالكاد بدأ، قال: «كان أقصر وأخطر مؤتمر صحافي حضرته، وجمنا جميعاً بإعلان النتائج، لقد اكتسحت الإنقاذ النتائج بأكثر من 80 في المئة، لو ألقيت مسماراً لسمعته في القاعة، بعدما أعلن وزير الداخلية النتائج». في تلك الليلة وعلى عشاء جمع زملاء صحافيين وساسة جزائريين بدأ السؤال: «هل ستكون هناك دورة ثانية؟ هل ستلغى الانتخابات»؟
* ليلة رأس السنة، الحفلة المعتادة في فندق الجزائر يحييها أبناء الطبقة الراقية (أي الحاكمة) والديبلوماسيون والصحافيون، كانت النكتة الرائجة «هل هذه آخر حفلة رأس سنة»؟
* بعدها بأيام ذهبت للقاء الراحل عبدالقادر حشاني، الذي تولى زعامة «الإنقاذ» بعد اعتقال شيوخها عباسي وبلحاج في أحداث حزيران (يونيو) 1990 حين اعتصموا مع أنصارهم من أجل تعديل قانون الانتخاب. مقر الجبهة متواضع، خال إلا من عدد قليل من العاملين فيه أو أنصارها. القلق كان سيد الموقف، أخبرني أحدهم أن «سي عبدالقادر» في المسجد المجاور وسيأتي للموعد إثر انتهاء صلاة العشاء. لحظات ودخل مهندس النفط الذي تحول إلى سياسي، شاب ملتح، بجلباب أزرق اللون، فوق فنيلة برقبة عالية، تحدثنا عن استعدادهم للجولة الثانية من الانتخابات، إجابته كانت بسيطة: لا شيء، لا نريد أن نستفز أحداً، إذا جرت انتخابات فسنفوز بإذن الله. ما همّني أكثر هو هيئته التي تختلف تماماً عن الصورة المعتادة للسياسي العربي المحترف، إنهم طبقة الشعب الكادحة التي تصعد من القاع لتحكم، وقرّ عندي منذ ذلك اللقاء أن الصراع في العالم العربي ليس صراع تيارات، كما يصرف كثير من الكتاب جهدهم في تحليله، إنه صراع طبقات، طبقة عليا تعتقد بأن من في القاع لا يستحق أن يحكم، عقلية مملوكية لم تذهب بها سنوات الاستعمار والانقلابات والحداثة والعصرنة والتقلب بين اليسار واليمين.
* حضرت مظاهرة هائلة، مليونية بمسميات الربيع العربي، دعا اليها زعيم جبهة القوى الاشتراكية حسين آيت أحمد، الذي مثل وحزبه في انتخابات 1991 البديل «المدني الليبرالي»، ولكنه مني بهزيمة أمام «الإنقاذ» وإن جاء في المرتبة الثانية متقدماً على الحزب الحاكم، وكان شعار مظاهرته «لا للجمهورية الإسلامية ولا للدولة البوليسية»، وبدت وكأنها انتفاضة القوى المدنية في وجه صعود الإسلاميين. الجيش استجاب للمطلب الأول فقط.
* في مجلس الصديق محمد سعيد طيب في جدة الشهير بـ «الثالوثية»، إذ يعقد كل ثلثاء، كنت عائداً من الجزائر والجميع يسأل، ما الذي سيحصل؟ هل سيتدخل الجيش؟ أجبت بكل ثقة «لا أعتقد بأنه سيفعل، لو تدخل الجيش وألغى الانتخابات فستنفتح على الجزائر بوابة من جهنم».
* عدت إلى الجزائر بعد الانقلاب. في أول جمعة بعده كانت الأنظار مشرئبة فيما إذا ستنجح «الإنقاذ» في تحريك الشارع! جرى اعتقال كل قياداتها، ولكن صدرت دعوات إلى التظاهر وأخرى إلى العنف. عمدنا – مجموعة من الصحافيين – لأن نخرج معاً لتغطية أحداث ما بعد الجمعة المتوقعة، المسجد الذي اخترناه كان محاصراً برجال الشرطة والجيش، توتر يسود المكان، وشعور بالخطر، خرج المصلون بهدوء وسط رجال الأمن يرمقون بعضهم بنظرات، لم يتظاهروا ولكن كان صوتهم يرتفع بالهتاف كلما مضوا داخل الأحياء، لم يلاحقهم الأمن، ولكن لسبب ما أمرنا أحد الضباط بمرافقته إلى مخفر مجاور، حتى داخل المخفر كان التوتر سائداً، توقعنا أن نبقى هناك ساعات، زميل سوري كان يعمل مع فريق شبكة «سي إن إن» ومراسلتهم الشهيرة كريستيان أمانبور، تذاكى على رجال الأمن في المخفر فترك كاميرا تعمل، لاحظ أحد رجال الدرك ذلك، فلكمه بقوة، رأيت سن الزميل تطير في الهواء، انفعلت أمانبور وصرخت تطالب بالاتصال بالسفارة الأميركية فوراً، بعد نحو نصف ساعة جاء رجال يبدو أنهم مخابرات واصطحبونا إلى الفندق قائلين إنهم فعلوا ذلك من أجل حمايتنا! بدا واضحاً أن المزاج لم يكن تفاوضياً.
* هذه الحادثة لم أحضرها ولكن شاهدتها على شريط فيديو، عباسي مدني يخطب في اعتصام يونيو، يقول بحماسة «لو خرجوا علينا بدباباتهم (مشيراً إلى الجيش) لأكلناها أكلاً»، جزائري محب للسلطة عرض الشريط علي في مكتبه وقال ضاحكا: «وأكلوها أكلة» كناية عن «العلقة» التي نالها أنصار الجبهة ليلة 5 يونيو بساحة أول ماي، إذ اقتحم الجيش الساحة بعد منتصف الليل وأجلاهم بالقوة. هنا درس للإسلاميين، ألا يختبروا عنف الدولة العميقة.
* قصتي الأخيرة مؤلمة لمن يؤمن بمحورية القضاء في الدولة والحكم. التقيت بقاضٍ قبيل محاكمة زعيمَي الجبهة مدني وبلحاج، أخبرني بثقة «لن نحكم بإعدامهم، سنحكم عليهم 12 عاماً فقط». لم تعقد المحاكمة بعد فكيف يصرح إلى الصحافة بقول كهذا؟ أرسلت تصريحه بالفاكس إلى مكتب «الحياة» في لندن، إذ كنت مراسلها وقتذاك. غير انه يبدو ان الخبر شاع، إذ تلاحقت علي بعدها الاتصالات وعرفت لاحقاً أن مسؤولين جزائريين كباراً اتصلوا بالزملاء في المكتب الرئيسي. أكدت لمدير التحرير أن لدي تسجيلاً بقول القاضي، ولكن المصلحة اقتضت حذف جملة «سنحكم عليهم 12 سنة»، وبالفعل صدر الحكم كذلك!
ذكريات مؤلمة لعالم لم يتغير، ولا تزال الجزائر بعد 28 سنة حيثما تركها شباب 5 أكتوبر 1988 تبحث عن حل لمعضلة الحكم والتنمية. هي أفضل حالاً من دول عربية أخرى، حيث يبحثون عن قارب موت يحملهم الى اوروبا أو أسفل جسر يحميهم من القصف.
جمال خاشقجي* اعلامي وكاتب سعودي
http://www.alhayat.com/Opinion/Jamal-Khashoggi/11604042
مقال رائع و شهادة حية للأستاذ جمال خاشقجي